Skip to main content
أزمة روسيا وأوكرانيا تدفع أوروبا إلى القلق من البرد
أمير حيدر
وكالات

بينما تتصاعد حدة التوترات السياسية بين روسيا وأوكرانيا، تتصاعد يوماً تلو يوم مخاوف الدول الأوروبية من تأثر إمدادات الغاز الروسي الذي يصل إليها عبر الأراضي الأوكرانية.

وتمر 80% من صادرات روسيا من الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر الأنابيب الممتدة في أوكرانيا، فيما يمثل الغاز الروسي نحو 20% من إجمالي حجم الاستهلاك الأوروبى للغاز الطبيعي.

وقال سيرغي كوبريانوف المتحدث باسم شركة "غاز بروم" الروسية، أمس السبت لوكالة رويترز، إن إمدادات الشركة إلى أوروبا في فبراير/شباط الماضي، بلغت 13.1 مليار متر مكعب.

وأضاف كوبريانوف، أن "غاز بروم" ضخت كميات إضافية إلى أوروبا في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي بنسبة 13% فوق إمدادات الشهر نفسه من العام الماضي.

لكن خلافات سابقة بين روسيا وأوكرانيا على أسعار الغاز في شتاء 2006 وشتاء 2009، تسببت في توقف الصادرات إلى أوروبا حين كان الطلب في ذروته، الأمر الذي يدفع أوروبا هذه المرة إلى القلق من نقص الإمدادات، ولاسيما في فصل الشتاء.

وفي العام الماضي صدّرت شركة "غاز بروم " الروسية، أكبر منتج للغاز في العالم، نحو 161.5 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا.

ويلاقي الغرب خلال الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا، أكبر مواجهة مع موسكو منذ الحرب الباردة، وحشدت أوكرانيا قواتها للدفاع، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحق في غزو الدولة المجاورة لبلاده، إثر عزل البرلمان الأوكراني نهاية شهر فبراير/شباط الماضي الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في تصريح لإذاعة "اوروبا 1" اليوم الأحد، إلى تعليق الاجتماعات التحضيرية لقمة مجموعة الثماني في سوتشي بهدف زيادة الضغط على روسيا لنزع فتيل أزمة متصاعدة في أوكرانيا.

ووصف فابيوس الموقف في القرم بأنه "مقلق للغاية"، داعياً إلى الحوار بين السلطات الروسية والأوكرانية.

وقالت الولايات المتحدة إنها لن تشارك في الاجتماعات التحضيرية قبل القمة وأبدت استياءها من نشر قوات روسية في القرم.

وتصاعدت الضغوط الأوروبية والأميركية على روسيا لتشمل بجانب التحركات السياسية، ضغوطاً اقتصادية، قابلتها تحركات بتقديم مساعدات اقتصادية لأوكرانيا.

وحذّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أنه قد يخسر "انعقاد قمة مجموعة الثماني في سوتشي، وقد لا يبقى في مجموعة الثماني إذا استمر ذلك، وقد تجمد أرصدة الشركات الروسية، وقد تنسحب الشركات الأميركية، وقد يتعرض الروبل إلى مزيد من الانخفاض".

وقال البيت الأبيض في بيان له، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتفق مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر على العمل معاً لتقديم حزمة مساعدات مالية إلى أوكرانيا.

وأوكرانيا في أمسّ الحاجة إلى السيولة المالية بعد هبوط العملة واحتياطيات النقد والذهب بسبب الاحتجاجات السياسية التي أدّت إلى إطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش قبل أسبوع.

وعلى أوكرانيا أن تسدد ديوناً خارجية أخرى بقيمة 6 مليارات دولار هذا العام، وقد طلبت مساعدات مالية لا تقل عن 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وتقدّر القيادة الجديدة في أوكرانيا احتياجات البلاد بنحو 35 مليار دولار، فيما استبعد وزير المالية الأوكراني أليكسندر شلاباك، أمس السبت تلقي مساعدات مالية من الصندوق قبل شهر أبريل/نيسان المقبل.

وأعلن البنك المركزي الأوكراني، يوم الجمعة الماضي، أنه حدد سقف الأموال التي يمكن سحبها يومياً في مصارف البلاد بنحو ألف يورو، أو ما يعادل 15 ألف هريفنا، في وقت باتت فيه كييف على شفير الإفلاس.

وفقدت العملة الأوكرانية ربع قيمتها منذ مطلع العام، وتزايدت مخاوف المستثمرين على وقع الأزمة السياسية التي أدت إلى سقوط يانوكوفيتش، وتفاقم التوترات الانفصالية للمؤيدين لروسيا في القرم.

وتواجه أوكرانيا خطر التخلف عن سداد مستحقاتها في حال لم تتلقّ دعماً مالياً دولياً على وجه السرعة.

وأفاد رئيس الحكومة الانتقالية أرسيني ياتسينيوك، أن الدين العام الأوكراني ارتفع إلى 75 مليار دولار، أي ضعف مستواه عام "2010 عند وصول يانوكوفيتش إلى السلطة".

وحذرت روسيا أمس السبت من إلغاء الحسم الممنوح من جانب شركة "غاز بروم" لأوكرانيا على أسعار الغاز الذي تزودها به شركة "غاز بروم" بسبب الديون المستحقة عليها.

وتقول شركة "غاز بروم"، إن ديون الغاز المستحقة على أوكرانيا بلغت 1.55 مليار دولار عن عام 2013 والشحنات التي تلقتها منذ بداية العام الجاري.

وفي ديسمبر/ كانون الأول، وافقت روسيا على خفض سعر الغاز الذي تبيعه لكييف بمقدار الثلث إلى 268.50 دولاراً لكل ألف متر مكعب من 400 دولار كانت أوكرانيا تدفعها منذ عام 2009، بعدما أحجم الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش عن توقيع اتفاق تجارة أوروبي مفضلاً علاقات أوثق مع روسيا.

ويسمح الاتفاق بتعديل الأسعار كل ثلاثة أشهر بين اليوم الخامس واليوم العاشر من الشهر الأول في كل ربع سنة.

والعلاقة بين روسيا وأوكرانيا تتميز بالاعتماد على بعضهما البعض بشأن الغاز الطبيعي، إذ إن انتاج أوكرانيا من الغاز الطبيعي يسد 16% من المطلب المحلي فقط، بينما الباقي يعتمد على الواردات من روسيا وتركمانستان.

وظلت روسيا خلال الأمد الطويل تمّون أوكرانيا بالغاز الطبيعي بالأسعار الميسرة، مقابل أسعار تكلفة العبور الميسرة المقدمة من أوكرانيا، كما أن التنمية الاقتصادية الأوكرانية تعتمد بدرجة أكبر على طاقة روسيا الرخيصة، وقد يواجه الإنتاج الأوكراني انهياراً طالما ابتعد عن الغاز الطبيعي الروسي.

وتستخدم روسيا، التي تعترض على التقارب الأوكراني من الاتحاد الأوروبي، ورقة الغاز للضغط على أوكرانيا للعدول عن أي خطوات من شأنها تحقيق هذا التقارب.

ويبقى الخوف الأكبر لدى روسيا من أن تعمد أوكرانيا إلى الانضمام إلى حلف شمالي الأطلسي، وبذلك قد يصار إلى  نشر بطاريات صواريخ اعتراض ورادارات في أوكرانيا، أي في العمق الروسي، وهذا إذا ما حصل سيكون ضربة كبيرة لروسيا خصوصاً مع السقوط السياسي لدول الاتحاد السوفياتي سابقاً في حضن الولايات المتحدة الأميركية.