أزمة النصوص الدراميَّة في المسلسلات الرمضانية

أزمة النصوص الدراميَّة في المسلسلات الرمضانية

08 يونيو 2020
دانييلا رحمة (لقطة الشاشة)
+ الخط -
أظهرت النتائج الأخيرة للمنافسة الدراميَّة في موسم رمضان الماضي أزمة كتاب وسيناريو على صعيد الدراما العربية. ونالت معظم النصوص التي خرجت إلى الضوء، كميَّة كبيرة من الانتقادات، خصوصاً من ناحية الاستسهال الواضح في طريقة تعامل المنتجين مع هذه النصوص. والواضح أن مسألة تعاطي المنتج مع النص، بشكل باردٍ وتقني وتجاري، أصبحت عُرفًا في السنوات الأخيرة. إذْ يكتفي بعض المنتجين بالاستماع إلى ملخص عن الرواية التي من المفترض أن تتحول إلى مسلسل. ولا يكلفون أنفسهم عناء القراءة، أو حتى توظيف خبير تقني صاحب خبرة في عالم الدراما الواسع، من أجل الاستفادة من رأيه، أو منحه إمكانيَّة حق التعديل، كي يتماشى مع الرؤية الكاملة والواضحة في المسلسل. وحفل الموسم الدرامي الماضي، بمجموعةٍ من النصوص التي لا تصلحُ لفرضها على المشاهد. وكان واضحًا الاتجاه التجاري والتسويقي لعرض المسلسلات، وكذلك استغلال بعض الأسماء الشهيرة لتنفيذ مسلسل كامل. 

وسجَّلت القاهرة ضعفًا واضحًا لجهة النصوص التي حكمت معظم المسلسلات الرمضانية، لعل أكثرها استسهالاً كان في كتابة وحوار مسلسل "فرصة تانية"، من بطولة ياسمين صبري وإخراج مرقص عادل. إذْ افتقدَ المسلسلُ لأيّ ترابطٍ في الحوارات، وغاب هاجس خلق الحس التشويقي لدى المشاهد، ففقدت الأحداث جزءًا كبيرًا من أهميتها، ووضع هذا الأمرُ المسلسل في مرتبة متأخرة. وكذلك الحال في مسلسل "الاختيار" الذي اعتمد على اجترار الأحداث ومطّها من أجل هدف إنجاز 30 حلقة. ووقع العمل في فخ تطويل القصة التي كان من الممكن أن تُختصَر إلى 15 حلقة فقط. ويروي المسلسل قصة العسكري المصري أحمد المنسي. ورغم تقدم المسلسل بسبب أهميّة القصة، إلاّ أن السيناريو كان ضعيفًا جداً ومتكلفًا وأقرب إلى الحوار المفتعل، مُصاغاً بدون مناسبة ولا أيّ ترابط تشويقي، بالرغم من الإخراج الجيد لبيتر ميمي.

اليوم، بدأ في بيروت تحضيرُ معظم الأوراق الخاصّة بالموسم الرمضاني المقبل، في محاولة جادّة لدرء أي خطر يحيط بالمشهد الإنتاجي بعد كارثة كورونا هذا العام، وحرمانُ معظم المنتجين من متابعة تصوير مسلسلاتهم وإيقافها. ولم يغب الضعف عن معظم الإنتاجات اللبنانية أو العربية المشتركة التي عُرضَت خلال الموسم الأول، كمسلسل "العودة"، من إخراج إيلي السمعان والذي جمع عدداً من الممثلين اللبنانيين والسوريين، وحاول كسب الرهان، لكنَّه حل ضعيفا بسبب تحكيم منطق النمطية على الأحداث، إضافة إلى اعتماد النص على عامل الصدفة من دون مبررات منطقيَّة للمواقف وتطور السياق الدرامي.
أمَّا مسلسل "بردانة أنا" من بطولة كارين رزق الله وبديع أبو شقرا، ونص لكلوديا مرشليان وإخراج نديم مهنا، فكان النص الأكثر ضعفًا في الموسم السابق. وبدا السيناريو مُشتتًا في الهروب من حالات التعنيف التي تتعرَّض لها النسوَة في لبنان، وجرى تجميع الروايات التي نشرت في الصحف أو عبر وسائل الاعلام عن تلك القضايا.

أمام ذلك كله، نحن أمام موجة ثانية من مشاكل خاصة بالأعمال الدرامية، سواء من ناحية حقوق النشر، أو من ناحية تخصيص ورش عمل كتابيَّة، ترمي أفكاراً عشوائية، وتنفّذها بعيداً عن خبرة الكتّاب، ربما ذلك من باب التوفير الذي يُفضله المنتج نفسه، وبالتالي كسب رواية تتحول مسلسلاً بأقل تكاليف ممكنة.

دلالات

المساهمون