أزمة الصحافة الورقية التونسية: بحثٌ عن حلول

أزمة الصحافة الورقية التونسية: بحثٌ عن حلول

19 يونيو 2020
كانت مبيعات الصحف 160 ألفا قبل عقد(ليونيل بونافنتور/فرانس برس)
+ الخط -
بات ملف الصحافة الورقية أحد المشاغل الرئيسية في تونس، تحديداً للعاملين في القطاع الإعلامي والمختصين فيه، ولحلقات البحث والنقاش، علّهم يخرجون بتوصيات ومقترحات تساعد في إنقاذ الصحافة المطبوعة من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها منذ سنوات، وزاد تفشي فيروس كورونا الجديد في استفحالها.
ويرى العاملون في المجال أنّ الأزمة تتطلب حلولاً عاجلة وسريعة التنفيذ، وإلا فإن تونس "مقبلة على فقدان كل الصحف الورقية التي يعتبر البعض منها جزءاً من الذاكرة الوطنية"، مثل صحيفة "لابراس" الناطقة بالفرنسية التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1936، وصحيفة "الصباح" التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1951. وزاد توقف صحيفة "البيان" عن الصدور ورقياً، والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية، من تلك المخاوف. 
الأزمة وصفها رئيس جامعة مديري الصحف، الطيب الزهار، في ندوة عقدتها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الأسبوع الماضي في العاصمة التونسية، بـ"العميقة والخطيرة"، خاصةً في ظل تراجع مبيعات الصحف اليومي من 160 ألف نسخة عام 2010 إلى 35 ألف نسخة بين العامين الماضي والحالي، ليتراجع بعد انتشار فيروس كورونا إلى 10 آلاف نسخة. الرقم ضعيف جداً، خاصةً أنّ عدد الصحف، رغم تراجعه، يظلّ كبيراً مقارنةً بعدد النسخ المبيعة. ووفقاً للمدير التنفيذي للجامعة التونسية لمديري الصحف، محمد العروسي بن صالح: في تونس اليوم هناك 7 صحف يومية و11 أسبوعية و7 شهرية و2 نصف شهرية وصحيفة تصدر كل شهرين و3 صحف تصدر كل ثلاثة أشهر، أغلبها ناطقة باللغة الفرنسية.
ودفع الوضع الصعب صحفاً عدة، سابقاً، إلى الاكتفاء بنسخ ورقية مثل صحيفتي "الصريح" و"أخبار الجمهورية"، فيما اختارت صحف أخرى الإغلاق النهائي مثل صحف "التونسية" و"الأولى" وكل الصحف الحزبية التي كان عددها يتجاوز العشر صحف ورقية.
يحيل ذلك التقنيين والصحافيين على البطالة الإجبارية، فيما اقتُرِحَت مجموعة من الحلول للخروج من هذا الوضع الصعب، ورأى مساعد رئيس النقابة العامة للإعلام، محمد الهادي الطرشوني، ضرورة أن تكون تونسية - تونسية ومن طريق خبراء تونسيين يدركون تعقيدات المشهد الإعلامي، ولا تكون حلولاً مسقطة، كما حصل منذ عام 2011، عند اللجوء إلى خبراء أوروبيين لا يدركون فعلياً طبيعة المشهد الإعلامي في تونس وتعقيداته. وأضاف أن على النقابات، ومنها نقابته والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، المساعدة على تحقيق الإنقاذ المرجو من خلال توفير مناخ اجتماعي سليم يمكن الصحف العمل فيه بكل حرية أريحية دون المسّ بحقوق العاملين في هذه المؤسسات الصحافية.
من جانبها، رأت رئيسة تحرير صحيفة "الصباح" اليومية، آسيا العتروس، أن تنويع مجالات عمل المؤسسات الإعلامية بات أكثر من ضروري لتوفير مداخيل مالية إضافية لا تقتصر على المبيعات والإعلانات التجارية. واقترحت أن تتولى مطبعة "دار الصباح" طباعة الكتب مثلاً لتوفير موارد مالية إضافية. واعتبر الطيب الزهار أن هناك ضرورة لتدخل الحكومة التونسية لإنقاذ الصحف الورقية من الاندثار من خلال رصد أموال في شكل اشتراكات أو اقتناءات يومية من الصحف الورقية. وثمّن الخطوة التي اتخذتها حكومة الياس الفخفاخ بتخصيص اعتمادات مالية تقدَّر بخمسة ملايين دينار (نحو 1.6 مليون دولار) لإنقاذ القطاع الإعلامي من تبعات أزمة كورونا، ستحصل الصحف الورقية والإلكترونية على 1.2 مليون دينار منها. أما على المستوى التنظيمي، فدعا الزهار إلى تعيين وزير للاتصال في الحكومة التونسية، يكون دوره تنظيمياً لا رقابياً للقطاع الإعلامي.
من ناحيته، اعتبر محمد العروسي بن صالح أن تنويع الأشكال الصحافية في الصحافة الورقية من الأمور التي قد تبعث فيها الحياة من جديد، من خلال عودة الصحف الورقية الحزبية والصحافة الهزلية وصحافة الاستقصاء، ما قد يعيد القراء التونسيين إلى الاهتمام بالصحف الورقية في عصر اشتدت فيه المنافسة على المستوى الإخباري مع منصات التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية.

المساهمون