أرواح في انتظار الخلاص

13 يونيو 2014
+ الخط -
يعد ملف اللاجئين السوريين من أكثر الملفات الإنسانية خطورة في القضية السورية، نظراً للأبعاد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية الخطيرة التي يخلفها اللجوء على مجتمع اللاجئين، وعلى ذويهم من غير اللاجئين، وما يتركه من آثار مماثلة على المجتمعات المضيفة. يحتل هذا الملف بُعداً إقليمياً ودولياً، بخلاف بقية الانتهاكات التي يجري تجاهلها من المجتمع الدولي، والتي ينحصر أثرها على الإنسان السوري، أساساً.
وتُمثّل قضية اللجوء مُحصّلة بقية الانتهاكات، حيث تُظهر بحجمها الكمي، غير المسبوق في العصر الحديث، مستوى الوحشية التي مُورست على الشعب السوري من النظام، ودفعت ملايين الأشخاص إلى التخلّي عن بيوتهم، والعيش في أماكن لا يصلح بعضها لعيش البشر. لم يتوان العرب، منذ بدء الثورة السورية، عن التخاذل في ملف لاجئيها، وما يتعرض له اللاجئ السوري في مصر، والبلدان العربية الأخرى، من اعتقال وترحيل، وتعدٍّ جسدي وتحريض إعلامي ضده.
من الأمثلة على هذه الانتهاكات، ما تعرضت له القائمات على مشروع "لسنا لاجئات بل منتجات" في مصر، وهو مشروع مطبخ للأكل السوري، تعمل فيه اللاجئات السوريات لتأمين رزق كريم لهن، من تلقي اتصالات وتهديدات، وتخريب للدراجة النارية التي يستخدمنها لتوصيل الطلبات، وضرب ابنة إحداهن، لا يتجاوز عمرها سبع سنوات. وتقول أم عمر، وهي مديرة المشروع، "نحن محبوسات هنا لا نستطيع الخروج والدخول، خوفاً من التهديدات، وتجنباً للأحداث الجارية في مصر، لم نعتد على أحد، وكان عملنا منذ اليوم الأول قانوني ومرخص، وضمن حدود البلد وأعرافها".
في مثال آخر، في أولى جلسات القضية رقم 1086 لسنة 2013 جنايات قصر النيل، المتهم فيها 13 سوري، بتهمة "التجمهر وتعريض السلم العام للخطر"، قضت المحكمة بالسجن المشدد خمس سنوات على جميع المتهمين غيابيا، حيث وجهت النيابة للمتهمين، تهم التجمهر وتعريض الأمن والسلم العام للخطر، والاعتداء على المارة، ومواجهة السلطات بالعنف والقوة، والتعدي على قوات الشرطة، واستعراض القوة بهدف ترويع المواطنين.
يتوجب على الجميع تذكر أن اللاجئ هو الشخص الذي فرَّ من بلده الأصلي، جراء تعرضه لانتهاكات حقوق الإنسان، بسبب ما هو عليه، أو ما يؤمن به، والذي لا تستطيع حكومة بلده، أو لا تريد، أن توفر له الحماية. ونتيجةً لذلك، أُرغم على طلب الحماية.  ومن حقه توفير الحماية له من الإعادة القسرية إلى بلده، كما الحق في العمل والسكن والتعليم، والحماية من العقوبة على دخول بلد بصورة غير مشروعة. إذاً، أين الحقوق المشروعة التي حصل عليها اللاجئ السوري، وهو الخارج من الدمار والحرب والقصف، إلى الذل والمهانة.
في ملف اللاجئين السوريين انتهاكات خطيرة، تحتاج عملاً كثيراً، ومطالبة بحقوقه لاجئاً فقط لا غير، وعدم تحويل الأزمة الإنسانية إلى قضية تجاذب سياسي، استعملت فيها كل أدوات الإذلال والعنصرية، وصولاً إلى استخدام عصا الاقتصاد، بهدف ضرب الأساس الأخلاقي لاحتضانهم من جهة، ولتحويل اللاجئين إلى مادة تشحذ من خلالها السلطة الأموال والمساعدات، بما يفيض عن الحاجة الفعلية لإيوائهم.
 
FE480D51-6D2E-46B5-A591-CAD6CAD0A9DB
FE480D51-6D2E-46B5-A591-CAD6CAD0A9DB
مزنه دريد (سورية)
مزنه دريد (سورية)