أرسيني ياتسينيوك: نجم أوكرانيا الصاعد

أرسيني ياتسينيوك: نجم أوكرانيا الصاعد

09 نوفمبر 2014
تتضارب الأنباء حول أصول ياتسينيوك الدينية (سيرتاك بولور/الأناضول)
+ الخط -

أرسيني بيتروفيتش ياتسينيوك، السياسي الأوكراني الذي صعد سلم الشهرة، وترقّى في مراتبه الوظيفية بسرعة قياسية، بات موضوع تساؤلات جدية، ولكنّ ما يتم تسليط الضوء عليه في بعض وسائل الإعلام، يضع نجاحات الرجل خارج السياقات الاجتماعية والاقتصادية السياسية للواقع الأوكراني، ويُعيدها إلى أسباب دينية قومية حيناً، وولاءات خارجية حيناً آخر. فكيف لمع نجم ياتسينيوك حتى بات رئيساً لوزراء أوكرانيا، بعد حراك ساحة "الميدان"، الذي أطاح بالرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، ومرشحاً للاستمرار في منصبه بعد الانتخابات التشريعية الأوكرانية المبكرة التي أكدت شعبية حزبه، وربما شعبيته، وماذا يقال عنه؟

شغل ياتسينيوك، المولود في 22 مايو/أيار من عام 1974، في تشيرنوفتسي بأوكرانيا، كرسي وزارة الاقتصاد والخارجية، وكرسي رئاسة البرلمان الأوكراني (رادا)، وتزعم حزب "جبهة التغيير"، وكان واحداً من زعماء "الميدان الأوروبي" المناهض لروسيا، كما ترأس المجلس السياسي في حزب يوليا تيموشينكو "الوطن"، وسبق أن خاض الانتخابات الرئاسية سنة 2009، وشغل بنتيجتها المرتبة الرابعة، بعد يانوكوفيتش وتيموشينكو وفيتالي كليتشكو، ثم كرسي رئاسة الحكومة.

باختصار، ترقّى أرسيني ياتسينيوك في مراتبه عبر الخطوات التالية: ففي الـ27 من عمره صار وزيراً للاقتصاد في "جمهورية القرم" ذات الحكم الذاتي، وفي الـ29 صار نائباً لرئيس البنك المركزي الأوكراني، وفي الـ31 وزيراً للاقتصاد في أوكرانيا، وفي الـ33 وزيراً للخارجية، ثم رئيساً للبرلمان في العمر نفسه.

ومنذ 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، نظّم، إلى جانب كليتشكو وأوليغ تياغنيبوك الميدان الأوروبي ضد يانوكوفيتش. وفي 27 فبراير/شباط 2014، قرر البرلمان الأوكراني تحت ضغط الميدان، تعيين ياتسينيوك رئيساً للحكومة الأوكرانية. وقد علّق زعيم الشيوعيين الأوكرانيين، نيكولاي سيمونينكو، على موقع "ديلفي.يوا"، على مسيرة ياتسينيوك الوظيفية، قائلا "يتم تحضير مشروع أميركي جديد في أوكرانيا، فهم يعدّون ياتسينيوك لرئاسة للبلاد تحت السيطرة الأميركية الكاملة".

تُقدّر ثروة ياتسينيوك بملايين الدولارات، ويشير موقع "إف.بي.رو" إلى فيلا له محاطة بحديقة مجاورة لفيلا يانوكوفيتش، وثلاث شقق في العاصمة كييف. لديه ابنتان: كريستينا (مواليد 1999) وصوفيا (مواليد 2004).

وفي الحديث عن نشاطة العملي المبكر، يذكر أن ياتسينيوك، حين كان لا يزال في سنته الجامعية الثانية، أسس في ديسمبر/كانون الأول، 1992، شركة "يور إك" الحقوقية، في مدينة تشيرنوفتسي، مسقط رأسه. وقد تولّت شركته خصخصة مجمع الصناعة الزراعية. وبعد أن أنهى دراسته الجامعية، انتقل ياتسينيوك إلى كييف، في سبتمبر/أيلول سنة 1997، ليصبح بعدها بأشهر قليلة (يناير/كانون الثاني 1998) مستشاراً في قسم الإقراض في بنك "آفال"، ثم ترقّى بسرعة قياسية في قفزة وظيفية أخرى. فخلال أقل من عام، ترقى ياتسينيوك المتخرج الجديد في الجامعة ليصبح مستشاراً لرئيس مجلس إدارة بنك "آفال"، ثم نائباً لرئيس مجلس إدارة البنك.

ياتسينيوك، متزوج من تيريزا فيكتوروفنا غور، المتحدرة من أصول حسيدية يهودية، كما يؤكد موقع "فلاستي.نت". ويعود نسب أجدادها، إلى مدينة غورا كالفاريا، الواقعة جنوب غربي العاصمة البولندية وارسو. وقد شغلت تيريزا قبل زواجها، منصب مساعد رئيس مجلس إدارة بنك "آفال"، الذي تولّاه المصرفي فيدور شبيغ، صديق الرئيس الأسبق فيكتور يوشينكو. وسرعان ما تحول شبيغ إلى أحد الممولين الكبار لحملة ياتسينيوك الانتخابية سنة 2009. وينسب موقع "فلاستي.نت" إلى تيريزا دخول أرسيني أوساط نخبة العاصمة وهياكلها الإدارية والمنظمات الدولية.

وفي حين، تتحدث مواقع مهتمة عن أنّ يوشينكو هو الذي منح بطاقة حياة سياسية لياتسينيوك، فإن موقع "دوسيه.إينفو"، يتوقف عند كنية والدته، باكاي، ملمحاً إلى يهودية الأم، وموحياً بأن هذه الأصول هي حصان رهان ياتسينيوك في سباقه إلى مواقع السلطة. علماً بأن منافسي ياتسينيوك وأعداءه، حاولوا استغلال الأصول المشار إليها ضده.

وأدلى في هذا الصدد محافظ أوجغورود، سيرغي راتوشنياك، أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 2009 بتصريحات "لاسامية" تخصّ ياتسينيوك، الأمر الذي دفع الأخير، وفقا لموقع "بوليتيكوم.نت"، إلى التصريح بأنه "ليس يهودياً، ويتباهى بجذوره اليونانية الكاثوليكية".

إلا أن ذلك، وفقاً للموقع لم يغيّر في واقع أن اسم ياتسينيوك ورد، سنة 2009، إلى جانب غولدا مائير ولفوف تروتسكي في قائمة "مشاهير أوكرانيا اليهود"، التي أعدّها البروفسور في أكاديمية شمعون دوبنوف، لتاريخ اليهود وثقافتهم، ورئيس الجماعة اليهودية في منطقة لفوف، رودولف ميرسكي، والمدير التنفيذي لأكاديمية تاريخ اليهود وثقافتهم، ألكسندر نايمان.

وفي الوقت نفسه، أعلن نائب رئيس جالية أوكرانيا اليهودية، يفغيني تشيرفونينكو، أن ياتسينيوك ليس يهودياً. ليبقى السؤال معلّقاً، ولا قيمة عملية للإجابة عنه، سوى قيمة إضفاء لون على نهج الرجل السياسي من خارجه.
وفي سياق مشابه، تجد على موقع "ستوليتيه.رو" من يتهم ياتسينيوك بالانتماء إلى "الكنيسة العلموية" (السيانتولوجيا) وهي كنيسة النخب السياسية والمالية والثقافية الأميركية، ويُعيد صعوده سلم المناصب إلى علاقاته بهذه الكنيسة، التي تأسست عام 1952، وعلاقاته الأميركية عموماً.

أخيراً، لا أحد يتحدث عن إنجازات ياتسينيوك، بما كُتب عن سيرته التي تنقّل فيها من موقع إلى آخر أعلى، في فترات قصيرة. إضافة إلى أن أي إنجازات يُمكن الحديث عنها في ظلّ الحرب الأهلية التي تعيشها أوكرانيا، وتهدد بتقسيمها وبمزيد من تبعيتها الاقتصادية وبالتالي السياسية. أوكرانيا، بحاجة إلى من يخرجها من صراعها الدامي وتمزقها بين الغرب وروسيا، وهنا الاختبار، الذي لا أهمية فيه للأصول الإثنية والدينية، فهل من أهمية للولاءات، وأين دور ياتسينيوك في كل هذا؟

دلالات