وترجع إلى عام 1977، العلاقة بين أردوغان والدكتور الفاتح حسنين، الداعية السوداني، المتخصص في الأمراض اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓيينا ﺑﺎﻟﻨﻤﺴﺎ، وذلك حينما كان الأخير، مقيماً في تركيا.
وغادر حسنين، الذي يشغل حالياً منصب رئيس جمعية الصداقة السودانية التركية (تنظيم غير حكومي)، مطار الخرطوم مساء أمس الجمعة، على متن طائرة خاصة تابعة للخطوط التركية أمر بها أردوغان أثناء زيارته جنوب أفريقيا، بينما كان في وداعه مسؤولون حكوميون وقادة في الحركة الإسلامية السودانية.
وعمل حسنين في مجال الدعوة الإسلامية في عدد من الدول الأوروبية، وتعرف إلى قيادات العمل الإسلامي، ومن بينهم الرئيس البوسني السابق، علي عزت بيغوفيتش، الذي عيّنه في الفترة من 1990 -1999 مستشاراً شخصياً له، بعد أن اختير بيغوفيتش رئيساً لجمهورية البوسنة حينذاك.
وفي تركيا أسّس حسنين المولود عام 1946 في ولاية سنار (وسط السودان)، مدرسة "ﻋﻠﻲ عزب بك" في إسطنبول، والتقى خلال إقامته، بالرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، ونشأت بينهما علاقات ممتدة، وحينما سُجن أردوغان في مرة من المرات، زاره الفاتح حسنين، وبمجرد أن قابله في السجن، ناداه بعبارة خلدت في ذهن أردوغان وفي ذهن حسنين أيضاً، حينما قال له "مرحباً بالرئيس التركي المقبل"، واعتُبرت تلك العبارة نبوءة مبكرة بتدرّج أردوغان في الزعامة السياسية، من رئيس بلدية إسطنبول، إلى رئيس وزراء، إلى رئيس جمهورية.
ولا يضع أردوغان تلك العلاقة مع الداعية السوداني في موضع الصداقة فحسب، بل يعتبر حسنين شيخه ومعلمه، كما صرح بذلك في أكثر من مناسبة.
يقول حسنين، في أحد حواراته الصحافية عن صديقه أردوغان: "منذ أن تعرفت إليه تابعت عمله وتحركاته في حزب الرفاه، وطلبت من رئيس الحزب وقتها أن يهتم به لأن له مستقبلا كبيرا، ولم يحدث أن تحدثنا أنا وأردوغان وبيغوفيتش في أمر إلا وكنا متفقين بنسبة أكبر من 70%، وعندما كنت في تركيا كانت لي علاقات بالجماعات الإسلامية والمتصوفة، واصطحبت أردوغان وعرفتهُ بهم، وقد تنبأت بأنه سيكون رئيسًا للبلدية، وعندما زرتهُ في السجن قلت لهُ مرحبًا برئيس وزراء تركيا، وقال لي: تضحك عليّ...؟ قلت لهُ لا، وستكون رئيسًا للجمهورية، وستكون قائدًا إسلاميًا".
وخلال ثلاث زيارات للسودان في عام 1988، 2006، 2017، لم يتردد الزعيم التركي، في زيارة منزل الصديق والشيخ والمعلم، الأولى بصفته عضوا في حزب الرفاه، والثانية حينما كان في منصب رئيس الوزراء، بينما جاءت الثالثة في ديسمبر/كانون الأول، على هامش زيارة أردوغان الأخيرة إلى السودان، وهي الزيارة التي حظيت باهتمام إعلامي.
وقد نُقل عن حسنين أن أردوغان قال له خلال تلك الزيارة الأخيرة: "أنت الرجل الثالث في حياتي".
ويُحسب لحسنين، جهده في طباعة معاني القرآن الكريم باللغات البوسنية والألبانية والبلغارية والتشيكية والرومانية، كما ﺗﺮﺟم عددا ﻣن الكتب الإسلامية إلى جانب عدد من لغات أوروبا الشرقية.
من مؤلفات الداعية السوداني الذي يُعالج حالياً في تركيا، "جسر على نهر الدرينا"، و"الطريق إلى فوجا"، و"مأساة المسلمين في بلغاريا".
وبخلاف منصبه غير الحكومي، رئيسا لجمعية الصداقة السودانية التركية، لم يتبوّأ الفاتح حسنين منصباً على مستوى الدولة أو الحزب الحاكم أو حتى الحركة الإسلامية، رغم وجود فرصة لنقل التجربة التركية إلى السودان في مجال الديمقراطية ومحاربة الفساد، لكنه يقول "جئت إلى السودان بصورة نهائية في عام 2000 وكنت مرهقًا، حرب البوسنة وقيام الدولة كنت أنا الأساس فيها، وتواريت عن الأنظار لأسباب صحية".