أربعة توائم فلسطينيين يتفوقون في الثانوية العامة

أربعة توائم فلسطينيين يتفوقون في الثانوية العامة

14 يوليو 2020
التوائم الأربعة مع والدهم (العربي الجديد)
+ الخط -

كانت نتائج امتحانات الثانوية العامة في فلسطين المحتلة، التي أعلن عنها أخيراً، مميزة لواحدة من الأسر بالذات، إذ تمكن توائمها الأربعة: أحمد ومحمد وترتيل وسلسبيل، من النجاح معاً، والتفوق، كما كانت حالهم دائماً

قد يكون وجود تلميذ واحد في مرحلة التوجيهي (الثانوية العامة) سبباً كافياً لكي تعيش أسرته طوال العام الدراسي في حالة من التوتر والترقب لما ستؤول إليه نتيجته، فماذا لو كانوا أربعة توائم أمضوا العام الدراسي المنتهي للتوّ في التحضير لهذا الامتحان الذي يفصلهم عن الجامعة؟ هذا تماماً ما حصل في منزل الفلسطيني ناهي حنني، من بلدة بيت فوريك، شرقي نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

المفرح في الأمر أنّ الأشقاء الأربعة، وهم شابان وشابتان، قد تمكنوا من تجاوز التوجيهي بنجاح وتفوق، ما أذهب عنهم وعن الأسرة كلّ التعب والتوتر، لتحلّ مكانهما الفرحة الغامرة بتلك النتائج. وهكذا، حصلت سلسبيل على معدل 93.3 في الفرع الأدبي، أما أختها ترتيل فحصلت على معدل 90 في الفرع الأدبي أيضاً، أما أحمد فحصل على معدل 85 في الفرع العلمي، وبأقل منه بثلاث علامات نجح محمد في الفرع نفسه بـ82.
يقول الوالد ناهي حنني لـ"العربي الجديد": "شعوري لا يوصف بنجاح أبنائي الأربعة، فقد عشت وزوجتي معهم عاماً دراسياً صعباً جداً، ورافقناهم في كلّ تجربة وقدمنا لهم النصح والإرشاد". يتابع الأب - الذي يعمل في قطاع البناء: "ماذا يريد الوالدان من أبنائهما غير أن يرفعوا رأسيهما عالياً، والحمد لله لم يخيبوا ظننا فيهم. لقد انتظرت النتائج على أحرّ من الجمر كأنّني أنا التلميذ وليسوا هم، ومع تسلم الرسائل التي تفيد بنجاحهم تباعاً، لم أستطع أن أمنع دموعي".
في حالة أصعب كانت الوالدة، أم أحمد، التي تعبّر عن فرحتها الغامرة بنجاح أبنائها، وتقول لـ"العربي الجديد": "تلميذ واحد يكفي لكي تعيش الأسرة على أعصابها، فما بالك إذا كانوا أربعة!؟ عشت معهم كلّ دقيقة وتابعت امتحاناتهم اليومية وشددت من أزرهم، والحمد لله الذي سجدت له شكراً أن أتم علينا نعمته بتميزهم". وكانت الفترة الأشد توتراً مع بدء جائحة كورونا، وما ترتب عليها من توقف الدراسة والانتقال إلى الحجر المنزلي الإجباري. تقول الأم: "كغيرنا في العالم وليس فقط في فلسطين كنّا نتابع أخبار كورونا أولاً بأول، وانعكاساتها في مختلف مناحي الحياة. بالنسبة لي، فإنّ بقاء أبنائي أكثر من شهرين في المنزل كان أمراً مرهقاً وتحدياً كبيراً، إذ إنّ بيتنا صغير. مع هذا، وضعنا كلّ واحد في غرفة، بعدما أعدنا تهيئة المنزل لهذا الغرض تحديداً، وفي بعض الأحيان كنت وزوجي نغادره حتى لا نسبب أيّ تشويش عليهم".
تخطط ترتيل لدراسة التصميم والديكور، وهي سعيدة بنجاحها وشقيقتها وشقيقيها. تقول لـ"العربي الجديد": "كنّا نخشى أن ينجح بعضنا ولا ينجح الآخر، كيف سنتصرف حينها!؟ لكن، الحمد لله فأربعتنا اجتزنا الاختبار بنجاح". يقاطعها شقيقها أحمد الذي تأخرت نتيجته عن بقية أشقائه، قائلاً لـ"العربي الجديد"، وهو يضحك: "اعتقدوا أنّني رسبت، فقد وصلت رسالة تفيد بنجاح سلسبيل، ثم محمد، ثم ترتيل، وتوقف الهاتف المحمول عن الرنين، فنظرنا جميعاً بعضنا إلى بعض، وحلّ صمت مطبق على المكان، دقائق حتى رنّ مجدداً حاملاً البشرى بنجاحي".
أما سلسبيل التي لم تحدد بعد التخصص الذي تنوي دراسته في الجامعة، فأهدت النجاح لوالديها، قائلة في حديثها إلى "العربي الجديد": "لا أحد يستحق التقدير غيرهما، حظينا بدعم نفسي ومعنوي كبير، ما زاد من العبء الملقى على عاتقنا، فاجتهدنا حتى لا نخيّب ظنهما، والحمد لله على هذه السعادة التي نعيشها اليوم". وعن وجود أربعة أشقاء في التوجيهي، يؤكد محمد لـ"العربي الجديد"، أنّ هذا الأمر رغم ما يشكله من ضغط وتوتر، فإنّ إيجابياته أكثر، ويقول: "نحن تقريباً في مستوى واحد، ومن تصعب عليه مسألة كان يتوجه للآخر لمساعدته، كما كنا في كلّ ليلة امتحان مشترك في الفرعين نجلس معاً لنراجع المادة ونعين بعضنا على الحفظ والفهم".
أما الصعوبة في وجود أربعة في بيت واحد يتقدمون للامتحانات، فتكمن في أنّ لكلّ واحد منهم أسلوبه الخاص في الدراسة. يقول محمد: "أنا معتاد على القراءة بصوت مرتفع، في حين لا يمكن لترتيل أن تحفظ سطراً واحداً إلا إذا ساد الهدوء التام، وفي الوقت الذي يُفضل فيه أحمد الدراسة معاً، تعتبره سلسبيل عنصر تشتيت". ويستدرك محمد: "مع هذا، كان التعاون والتفاهم هما المسيطران بين الجميع".

وفي وقت يفكر كلّ واحد منهم في الاختصاص الجامعي الذي سيختاره، ينشغل الأب في التفكير عميقاً بالطريقة التي يمكنه فيها دفع الأقساط الجامعية لهم، في ظل الإغلاقات ومنع العمل الذي تفرضه الحكومة الفلسطينية ضمن خطتها لمواجهة فيروس كورونا.

المساهمون