أرامكو المتوضئة

أرامكو المتوضئة

14 نوفمبر 2019
قرب ادراج أسهم أرامكو في البورصة السعودية (فرانس برس)
+ الخط -

تتدفق علينا مئات الأخبار والتحليلات والتعليقات والأبحاث المتعلقة بعملية طرح الحكومة السعودية حصة من أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة للاكتتاب العام في السوق المحلية.

ومنذ الإعلان عن الطرح، تتسابق وسائل الإعلام السعودية والعالمية على نشر تفاصيل الطرح من حيث نسبته وتوقيته والذي تحدد له يوم الأحد القادم، وشروط الاكتتاب فيه، وتخصيص نسبة 0.5% من الأسهم للمكتتبين الأفراد، وأن الحد الأدنى لاكتتاب الأفراد 10 أسهم ولا حد أقصى وغيرها من المعلومات التفصيلية خاصة تلك التي تحث السعوديين على الاكتتاب في الاسهم المطروحة.

كما تحلل وسائل الإعلام نشرة الاكتتاب المتعلقة بالطرح والتي خلت من أي ضمانات للمستثمرين، بل كشفت عن مخاطر رئيسية، لا سيما في حال تعرّض شركة أرامكو لهجمات من قبل الحوثيين وغيرهم أو ملاحقتها دولياً بتهمة الاحتكار.

وهذا الاهتمام الإعلامي الداخلي والخارجي طبيعي لأسباب عدة، من أبرزها أن طرح أسهم شركة أرامكو هو الأضخم في العالم، وأن مؤسسات مالية دولية وصناديق استثمار وصناديق ثروة سيادية مملوكة لدول أبدت اهتمامها، بل واستعداد بعضها للاكتتاب في أسهم أرامكو، أكبر منتج للنفط في العالم، حيث توفر الشركة النفطية 10% من احتياجات العالم من النفط، وأرامكو هي أيضا الأعلى ربحية في العالم، حيث حققت أرباحا بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لأرقام موديز للتصنيف الائتماني.

لكن الخبر الملفت هو إعلان عدد من البنوك المدرجة في البورصة السعودية في وثيقة منشورة على مواقعها الإلكترونية أن شركة أرامكو متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وفقا للقواعد المعتمدة لديها، وأن هذه البنوك تدعم الطرح وتسانده. وكان اللافت أيضا أن من بين البنوك المعلنة مصرف الراجحي، أكبر بنوك المملكة، وكذا بنكي الإنماء والبلاد.

السؤال هنا: ما الرسالة التي تودّ البنوك الإسلامية السعودية إرسالها هنا، هل تريد أن تجذب شريحة من الأفراد للاكتتاب في أسهم أرامكو، خاصة أولئك المترددين والذين ينظرون للبورصة والمضاربة في الأسهم بعين الريبة من الناحية الشرعية؟

أم أن البنوك الإسلامية السعودية ترغب في تشجيع الأفراد على الاقتراض منها لشراء أسهم أرامكو، وبالتالي تريد هنا إرسال رسالة مزدوجة مفادها بأن الأسهم المطروحة لا شيء فيها وأنها توافق أحكام الشريعة، وكذا القروض التي توفرها البنوك لتمويل عملية الاكتتاب وأنها تتفق مع الشريعة؟

أفهم أن توفر البنوك الإسلامية الخدمات الاستشارية والمالية للأفراد مثل تقديم تسهيلات ائتمانية للراغبين في الاكتتاب، وأن تقدم للمستثمرين، أفراداً وشركات، استشارات مالية توضح حقيقة المركز المالي لأرامكو والمخاطر المتوقعة، وهل الشركة التي تبيض ذهباً للسعودية لا تزال تمثل فرصة استثمار جيدة، خاصة مع تراجع أسعار النفط وتنامي التزامات المملكة المالية؟

المساهمون