أذربيجان وأرمينيا... وقائع حرب المشمش

20 يوليو 2020
+ الخط -

على وقع أصوات المدافع على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، تحولت موسكو إلى ساحة لحرب شرسة بين أبناء الجاليتين وقودها المشمش والدراق. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الروسية بتعليقات حول وقائع "حرب المشمش" وأماكن حشد "القوات" للمشاركة في "المعارك".
وبدأت الحرب بين الجاليتين منذ أيام، حين قررت إدارة "فود سيتي" منع الشاحنات الأرمينية المحملة بالفاكهة من دخول أكبر سوق للجملة في موسكو، ما سبّب تراكم البضائع الأرمينية في قرابة 120 شاحنة محملة بأنواع الفاكهة الموسمية الحالية، وأهمها المشمش.
وتاريخياً، تسيطر الجالية الاذربيجانية على تجارة الجملة في أسواق الخضار والفاكهة في روسيا، وتملك معظم أسواق الجملة التي تزود العاصمة ومناطق شاسعة من روسيا بحاجتها من هذه المواد. وبعد نفي طويل لوجود مشكلة، صرحت إدارة "فود سيتي"، التابعة لرجال أعمال من يهود أذربيجان، أن قرار منع إدخال الشاحنات الأرمينية المحملة بالفاكهة اتُّخذ لمنع الاحتكاك بين أبناء الجاليتين لتجنب التصادم على خلفية تجدد المعارك الحدودية بين أرمينيا وأذربيجان.
ومع انتشار الأنباء عن مخاوف من تلف البضائع الأرمينية، هبّ بعض رجال الأعمال الأرمن للمساعدة، واشتروا عدداً من الشاحنات، ونقلوا بعضها إلى مقر الكنيسة الأرمينية في وسط موسكو، ودعوا الأرمن والروس للحضور إلى الكنيسة والحصول على الفاكهة مجاناً. وبالفعل، اصطف الراغبون في طوابير لأخذ حصتهم من المشمش الذي يعد رمزاً مهماً للدولة الأرمينية، ليدعموا يرفان عبر "تأكيد حبهم للمشمش والدراق الأرميني ذي الطعم المميز".


وفي مسعى إلى حل الخلاف المتصاعد والخسائر المتوقعة لمنع طرح البضائع الأرمينية في السوق الروسية، أرسلت السفارة الأرمينية وفداً للتفاوض مع "فود سيتي"، لكن الإدارة اعتبرته استفزازاً وطردت الممثلين الدبلوماسيين، ما دفع السفارة الأرمينية إلى اللجوء إلى وسائل الإعلام الروسية والجهات الرسمية للتدخل.

الخلاف انتقل إلى سجال بين سفيري البلدين، فمع فشل التفاوض مع إدارة "فود سيتي"، قال السفير الأرميني لدى موسكو، فاردان توغانيان، إن هناك انطباعاً بأنه "توجد جيوب خارجة عن سيطرة الدولة في روسيا وموسكو تسود فيها القوانين الأذربيجانية المبنية أو التي تنفذ رغبات ونزوات قيادة أذربيجان"، لكن السفير الأذربيجاني لدى موسكو بالاد بيولبيول أوغلي، نفى أي أبعاد سياسية للخطوة، واتهم أرمينيا بمحاولة جرّ روسيا إلى النزاع بين يريفان وباكو.
هكذا، انخرط أبناء الجاليتين في "حرب المشمش"، فالأذربيجانيون اشتروا كميات من المشمش الأرميني، وداسوها أمام الكاميرات. وفي المقابل، أقبل أبناء الجالية الأرمينية على شراء ما تيسر لهم من الفاكهة لتوزيعها مجاناً على أقاربهم أو أصدقائهم الروس. وعلى مبدأ "مصائب قوم عن قوم فوائد"، يبدو أن اشتعال الحرب بين الجاليتين اللدودتين يصبّ في مصلحة بعض الفقراء من الروس الذين هبّوا للحصول على أكياس من المشمش والدراق وغيرها من دون مقابل، ليكونوا المنتصر الوحيد في "حرب" قد تتجدد في مواسم العنب والخوخ الأسود.


ومعلوم أن المعارك على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان تفجرت من جديد في 12 من الشهر الحالي، وفي أخطر تصعيد منذ 2016، تبادل الطرفان القصف المدفعي على الحدود الشمالية. ويدخل البلدان في حالة حرب منذ 1992 بسبب إقليم "ناغورني كاراباخ".
وتقطن في روسيا جالية أذربيجانية كبيرة يعمل معظم أبنائها في مجال الخضار والفاكهة وقطاعات التغذية، وكذلك تعيش جالية أرمينية وازنة في روسيا، وإضافة إلى الحرفيين، اشتهر بعض المصرفيين وتجار النبيذ والكحول. 

المساهمون