أذربيجان تعلن وقف عملياتها العسكرية وأرمينيا تنفي

أذربيجان تعلن وقف عملياتها العسكرية وأرمينيا تنفي

03 ابريل 2016
معارك اليومين الماضيين أسقطت ضحايا مدنيين (فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت أذربيجان، اليوم الأحد، قرارها بوقف أعمال القتال في إقليم قره باغ الانفصالي، المدعوم من أرمينيا، بينما نفت يريفان ذلك.

وقالت وزارة الدفاع الأذرية، في بيان: "اتخذ هذا القرار مع أخذ طلبات الهيئات الدولية، والسياسة المحبة للسلام التي تنتهجها الدولة، بعين الاعتبار. توقفت القوات المسلحة الأذرية عن تقدمها المضاد والإجراءات ضد العدو، وبدأت بتعزيز دفاع الأراضي المحررة".

ومع ذلك، لوحت أذربيجان باستئناف عملياتها الهجومية باستخدام "كافة الوسائل المتاحة"، ما لم تتوقف أرمينيا عن "أعمالها الاستفزازية".

إلا أن وزارة الدفاع الأرمينية نفت إعلان باكو، معتبرة أنها "مصيدة إعلامية"، ولا تعني وقف أعمال القتال، التي تُعتبر الأعنف منذ التوقيع على اتفاق الهدنة بوساطة روسيا عام 1994.

وكان الرئيس الأرميني، سيرج ساركاسيان، قد أكد، يوم أمس، مقتل 18 جنديا أرمينيا وجرح 35 آخرين، في أوسع اشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا منذ معاهدة 1994 بين الجانبين، والتي أعلن خلالها الهدنة، بعد الحرب التي اندلعت بينهما، وأدت إلى سيطرة القوات الأرمينية على إقليم ناغورنو قره باغ، الذي كان تابعا لجمهورية أذربيجان خلال العهد السوفييتي.

ويبدو ازدياد وتيرة الاشتباكات الأذربيجانية الأرمينية، في الفترة الأخيرة، انعكاساً لتوتر العلاقات التركية الروسية، إثر قيام سلاح الجو التركي بإسقاط طائرة روسية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد التدخل الروسي في سورية، إذ تعتبر أذربيجان حليفا تاريخيا لأنقرة، بينما تعتبر يريفان حليفا لموسكو.

وفيما تبادلت كل من باكو ويريفان الاتهامات بالبدء بالعدوان، جاءت هذه الاشتباكات بعد أسبوع من زيارة الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، إلى العاصمة التركية أنقرة ولقائه بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وكانت روسيا، التي تمتلك قاعدتين عسكريتين في أرمينيا، قد دعمت يريفان في بداية التسعينيات، للسيطرة على إقليم ناغورنو قره باغ، لقطع الطريق على طموحات أنقرة بمد نفوذها في آسيا الوسطى عبر الدول الناطقة بالتركية، والتي استقلت عن الاتحاد السوفييتي، خصوصاً أذربيجان وتركمانستان، اللتين تتحدثان اللهجة الغربية التركية التي تتحدثها تركيا، إضافة إلى الدول التي تتحدث اللهجة التركية الشرقية في كل من قرغيزستان وكازاخستان وتركستان الشرقية، التي تسكنها أقلية الأويغور في الصين.

واندلعت اشتباكات إثنية في الإقليم المتنازع عليه، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بين الأرمن والأذريين الساكنين فيه، والتي أدت لمقتل 30 ألفاً من الجانبين، وكذلك إلى طرد الأذريين من الإقليم بعد سيطرة أرمينيا عليه، بينما رحل أرمن الإقليم إلى المناطق الداخلية في أرمينيا.

وفي وقت سابق من اليوم، الأحد، أفادت وزارة دفاع "جمهورية قره باغ"، غير المعترف بها، بأن أعمال القتال مستمرة، متهمة أذربيجان بأنها "تخدع المجتمع الدولي".

وتضاربت الأنباء حول عدد القتلى جراء التصعيد غير المسبوق. وبحسب البيانات الرسمية، فقد بلغت الخسائر في صفوف القوات الأذرية 12 قتيلا، و18 آخرين في الجيش الأرميني.

في المقابل، أعلنت باكو أن خسائر "العدو" بلغت أكثر من 100 قتيل، بينما تحدثت قره باغ عن سقوط ما بين 40 و50 قتيلا في صفوف القوات الأذرية.

وربط الرئيس الأذري، إلهام علييف، التسوية السلمية في قره باغ بالحفاظ على وحدة أراضي البلاد، داعيا أرمينيا إلى الانسحاب من "الأراضي المحتلة".

وكان طرفا النزاع قد تبادلا، أمس، الاتهامات بالمسؤولية عن التصعيد، بينما حثتهما القوى الدولية على ضبط النفس والوقف الفوري لأعمال القتال.

وفي وقت سابق اليوم، الأحد، أعلنت قوات قره باغ أنها استعادت السيطرة على تلة لالا- تيبي الاستراتيجية في قره باغ، التي كانت قد سيطرت عليها قوات أذربيجان السبت، غير أن باكو نفت هذه المعلومات، وشددت على أن التلة لا تزال تحت سيطرتها، وأن قوات "المتمردين" تعرضت لـ"خسائر كبرى في الأرواح".

ويدور نزاع بين أرمينيا وأذربيجان، الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين في جنوب القوقاز، منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي حول هذه المنطقة، التي تسكنها غالبية أرمينية، لكنها ضمت إلى أذربيجان إبان الحقبة السوفييتية. وشهدت المنطقة حربا أدت إلى سقوط ثلاثين ألف قتيل، ونزوح مئات الآلاف بين 1988 و1994.

وأنهى وقف لإطلاق النار في 1994 الحرب، لكنه لم يؤد إلى حل المشكلة، بينما تجري مناوشات متقطعة على طول الحدود. لكن معارك الجمعة والسبت تبدو أكبر من تبادل إطلاق النار الذي يجري عادة. وكانت آخر المعارك الكبيرة في المنطقة في 1994.

وتهدد أذربيجان، التي تتجاوز ميزانيتها الدفاعية ميزانية أرمينيا بأكملها في بعض الأحيان، باستعادة المنطقة الانفصالية بالقوة إذا لم تسفر المفاوضات عن نتيجة. وتؤكد أرمينيا، المدعومة من روسيا، من جهتها أنها قادرة على مواجهة أي هجوم. 

وتمر عبر منطقة جنوب القوقاز خطوط أنابيب نفط كثيرة، وتقع بين بحر قزوين والبحر الأسود، مما يجعل استقرارها هدفا استراتيجيا كبيرا لأذربيجان ودول كبيرة منتجة للنفط والغاز في المنطقة.

دعم تركي لأذربيجان

وبحسب بيان الرئاسة الأذرية، عبر أردوغان، خلال اتصال هاتفي، يوم أمس، مع الرئيس الأذربيجاني، عن" دعم بلاده الكامل لباكو حتى نهاية الصراع مع أرمينيا، وتضامنه مع الشقيقة أذربيجان".

ووجه أردوغان انتقادات شديدة لمجموعة مينسك، بقيادة كلم ن فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، والتي تقود جهود منظمات التعاون والأمن في أوروبا لإحلال السلام بين الطرفين منذ عام 1994.

وقال أردوغان:" نحن نواجه مثل هذه الحوادث، لأن مجموعة مينسك تقلل من شأن الوضع الحالي"، مضيفا:" ما كانت لتحصل حوادث كهذه لو أن مجموعة مينسك كانت قد اتخذت خطوات عادلة ومحددة، لسوء الحظ فإن ضعف المجموعة أدى إلى هذا الوضع".

ودانت الخارجية التركية، يوم أمس، في بيان لها "الاشتباكات التي بدأتها أرمينيا ضد أذربيجان على طول خط وقف إطلاق النار"، داعية يريفان "للالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الاشتباكات بأسرع وقت ممكن".

روسيا تدعو للتهدئة


في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا الجانبين لوقف إطلاق النار بشكل فوري، بينما قام كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرجي شويغو، بإجراء مكالمات هاتفية لتهدئة الوضع مع نظرائهما في أرمينيا وأذربيجان.​ وتلعب روسيا، التي تنشر قوات ومقاتلات وطائرات مروحية هجومية في شمال أرمينيا، دور الوساطة في الصراع في إقليم ناغورنو قره باغ، وتحركت أمس السبت لوقف القتال.

من جهة ثانية، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن تقارير استخدام الأسلحة الثقيلة في الصراع وسقوط ضحايا من المدنيين. وقال متحدث باسم المنظمة الدولية، في بيان في وقت متأخر من أمس السبت: "يحث الأمين العام كل الأطراف المعنية على وضع نهاية فورية للقتال والالتزام الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، واتخاذ خطوات عاجلة لنزع فتيل الموقف".