أدوية مغشوشة في صيدليّات الجزائر

أدوية مغشوشة في صيدليّات الجزائر

08 مايو 2016
ربما يعالج بدواء ممنوع من دخول البلاد (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت أزمة الأدوية المغشوشة في الجزائر خارج إطار النقاش العام، على الرغم من تداول أخبار في عدد من وسائل الإعلام عن حجز كميات كبيرة منها. وتفيد المختبرات الطبية، استناداً إلى دراسات غربية، بأنّ تلك الأدوية لا تتطابق مع المعايير الدولية، وتشكّل خطراً على الصحة العامة.

اللافت أنّ الجزائر تفتقر إلى إحصائيات تبرز حجم هذه الأزمة ومدى تفاقمها. وتلفت مصادر غير رسمية إلى اقدام وزارة الصحة على سحب أصناف من الأدوية بعد اكتشاف أعراضها الجانبية وتأثيراتها. وسبق لوزارة الصحة أن أعلنت عن إعادة تصنيع ستة أدوية خاصة بالأطفال وأمراض القلب والأعصاب والنساء الحوامل والأمراض المعدية، في وقت يشدّد عاملون في هذا الحقل على أنّ الجزائر ليست مهدّدة بـ "زحف" الأدوية المغشوشة، لكنّ الأمر يستدعي الحيطة والحذر في ظل تنامي سوق الأدوية المغشوشة في العالم، ما يعني أنّ البلاد تبقى مهددة.

في هذا السياق، ما زالت بعض الصيدليات الجزائرية تسوّق لأدوية ومضادات حيوية مُنعت في الأسواق الأوروبية، بعدما أدّت إلى مضاعفات صحية، لا سيما مساهمتها في زيادة أمراض القلب والشرايين. وكان نائب رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الصيدلة، محمد صناديكي، قد أعلن أنّ عدداً من الصيادلة المعتمدين يسوّقون أدوية ممنوعة من دخول الجزائر بالتواطؤ مع من سمّاهم "مستوردين مافيويين". وأكد أنّ بعض الأدوية تدخل البلاد عن طريق الاستيراد الموازي، لافتاً إلى أنّ هذه الأدوية المهربة تباع في الصيدليات على الرغم من علم أصحاب الصيدليات بأنها ممنوعة.

إلى ذلك، كشف رئيس مراقبة الأدوية للمديرية الوطنية للتحقيقات الجمركية الفرنسية، فريدريك لافوري، في تصريح لإحدى الصحف الجزائرية، عن تضرّر الجزائر من ظاهرة الأدوية المغشوشة، مؤكداً أنّ الجزائر ليست بمنأى عن المافيا. أضاف أن هذا الأمر بات "مصدر قلق في البلاد، خصوصاً أنّ معظم الأدوية تمر من أوروبا إلى الجزائر. لكنّنا في السنوات الأخيرة، وبالتعاون مع السلطات الجمركية الجزائرية، استطعنا التحقيق في ملفات مشبوهة وملاحقة أصحابها. في عام 2012، وصلتنا معلومات عن وجود كميات كبيرة من الوصفات الطبية المزوّرة في مدينة وهران"، لافتاً إلى أن معظمها ضمّت أدوية مزوّرة لعلاج الأمراض النفسية والعصبية الحادة.




من جهته، أوضح رئيس مختبر الحوادث الكيميائية في مركز الدرك الوطني، النقيب مطاي بوعلام، أنّ مصالح الدرك حددت 153 نوعاً من الأدوية التي تدخل في خانة المهلوسات والممنوع بيعها من دون وصفة طبية. وفُعّل نظام يتعلّق بتخزين المعلومات لتمكين فرق الدرك منها، بغية الحد من مافيا المهلوسات، خصوصاً أنّ الإحصائيات تتحدث عن أنّ مليون جزائري تقريباً يتعاطون المخدرات. كذلك، حظرت 15 مادة كيميائية خطيرة من دخول البلاد، فيما سُمح باستيراد 2559 منتجاً، شرط إرفاقها بتعليمات عن كيفية استعمالها.

لا يقتصر الأمر على الأدوية. وقد كشف الاتحاد الفيدرالي للمستهلكين أنّ نحو 185 مستحضراً تجميلياً يحتوي على مكونات خطيرة (بعضها يسبّب الحساسية وأخرى سامة) صُنّفت ضمن "القائمة السوداء"، إلا أنها تشهد رواجاً كبيراً في السوق الجزائري. وتشمل القائمة معاجين أسنان، ومزيلات العرق، وكريمات الوجه، وكريمات العناية بالبشرة، ومحاليل بعد الحلاقة، وكريمات العناية بالشعر، وطلاء الأظافر، وغيرها.

تجدر الإشارة إلى أنّ القانون يعاقب الصيادلة على بيع الأدوية المحظورة من دون وصفة طبية، وفقاً لقانون 85/05 الخاص بالمهنة. ويفرض على الصيادلة الالتزام بالوصفة الطبية، خصوصاً في ما يتعلق بالأدوية الخطيرة، مثل المضادات الحيوية وتلك التي توصف في حالات الأرق والقلق والأمراض النفسية والعصبية. فهل يعدّ إعطاء الأدوية للمرضى من دون وصفة أمراً عادياً؟ وهل يجوز للصيادلة وصف الدواء من دون أن يكون المريض قد خضع لفحص طبي دقيق لمعرفة مشكلته بشكل دقيق؟ ربما لا يكترث بعض هؤلاء الصيادلة للآثار الصحيّة التي قد يتعرض إليها المرضى.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حددت قائمة شاملة وكاملة تتضمن 371 دواء أساسياً، وقائمة إضافية تتكون من 82 دواء، علماً أنّ هذه الأدوية تكفي لعلاج مختلف الأمراض التي قد يتعرض لها المواطنون في أي دولة. من جهة أخرى، قالت مصادر تعمل في هذا المجال إنّ الجزائر تستورد سنوياً 1800 دواء. ويبدو أن حلّ هذه الأزمة يتطلب زيادة الرقابة على الصيدليات، لضمان عدم وصولها إلى المواطنين.