أخطاء طبية في محاكم تونس

أخطاء طبية في محاكم تونس

03 مارس 2016
لا إحصائيات دقيقة عن حجم الأخطاء الطبية (الأناضول)
+ الخط -
دخلت إلى المستشفى في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2015 لتهب الحياة لمولود جديد، لكنّها ماتت بعد بضع ساعات من آلام الولادة. هي زوجة عبد اللاوي التي ودعت الحياة في مستشفى خاص في تونس. صارعت آلام الولادة نحو ست ساعات، بحسب زوجها. أخبره الطبيب بأنّ الولادة تسببت في وفاتها، فيما نجا مولودها. نقلت العائلة جثة المرأة إلى مستشفى المنستير للتشريح الطبي، واستمرت في انتظار المولود. لكنّ أحد الأطباء في مستشفى المنستير أخبر عبد اللاوي بأنّهم تلقوا ملفاً يفيد بأنّ الزوجة توفيت هي والمولود معاً.

يقول عبد اللاوي: "زرت طفلي ورأيته من بعيد في صندوق زجاجي. في الحقيقة لم تكن سوى جثته. فقد أخفى الطبيب عني حقيقة موته". يضيف: "تلقيت بعد يوم من وفاة زوجتي خبر موت ابني عند الساعة الواحدة من بعد الظهر، بينما تشير الوثائق الطبية إلى وفاته عند العاشرة صباحاً". ولم يجد عبد اللاوي من بد سوى رفع قضية لكشف ملابسات موت زوجته ومولودهما، علماً أنّها لم تكن تشكو من أي مرض، كما يشير. ويؤكد أنّها أنجبت أربع مرات سابقاً ولم تشكُ أيّ مضاعفات صحية.
تلك المرأة حالة واحدة من مئات الحالات الأخرى في تونس التي يشتبه بالخطأ الطبي فيها كسبب للوفاة. مع ذلك، لا يبت القضاء في حقيقتها.

على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة عن حجم الأخطاء الطبية في تونس، إلا أنّ جهات متابعة عديدة أكدت ازديادها. فقد كشفت وزارة الصحة عن 249 قضية لدى المحاكم بين عامي 2013 و2014 تتعلق بالأخطاء الطبية في المستشفيات والعيادات العامة والخاصة. سجل معظمها ضد المؤسسات العامة مع 147 قضية. كذلك سجل الطب الجراحي النسبة الأعلى من الأخطاء الطبية.

اقرأ أيضاً: مستشفى وحيد في تونس لعلاج الآلاف

في هذا الإطار، يؤكد رئيس الجمعية التونسية لمساعدة ضحايا الأخطاء الطبية، صابر بن عمار، لـ"العربي الجديد"، وجود نحو 15 ألف حالة خطأ طبي سنوياً في مختلف المؤسسات الطبية العامة والخاصة. يضيف: "الجمعية تلقت منذ عام 2006 نحو 7500 حالة تضرر"، ويرجح أن "يكون العدد أكبر بكثير، لا سيما أنّ حالات كثيرة لا يبلغ عنها. كذلك فإنّ قضايا كثيرة ما زالت لدى القضاء منذ سنوات، وهي في ازدياد مستمر".
يشير بن عمار إلى أنّ ضحايا الأخطاء الطبية بالآلاف، وهناك عدد كبير من القضايا لم يبتّ القضاء فيها. لذلك لا يمكن الحديث عنها. يضيف أنّ الجمعية تسعى إلى الإحاطة بجميع المتضررين، وكذلك التوعية بأهمية إيقاف نزيف الأخطاء الطبية.

يذكر أنّ القوانين التونسية حددّت المسؤولية الملقاة على عاتق الطبيب والمتعلقة بالقتل غير العمد والمسؤولية عن الجرح غير العمد بصفة عامة، وذلك بمقتضى الفصل 217 المنقح في فبراير/شباط 1936، لتنص على أن "يعاقب بالسجن مدّة عامين وبغرامة قدرها 720 ديناراً (360 دولاراً أميركياً) مرتكب القتل عن غير قصد، الواقع أو المتسبب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين".

إلى ذلك، نصّ الفصل 225 المنقح في التاريخ نفسه، على أن "يعاقب بالسجن مدّة عام وبغرامة قدرها 480 ديناراً (240 دولاراً) كلّ من يتسبب بقصوره أو بجهله ما كانت تلزمه معرفته أو عدم احتياطه أو عدم تنبهه أو تغافله أو عدم مراعاته للقوانين، في إلحاق أضرار بدنية بغيره أو يتسبب فيها عن غير قصد".
مئات الحالات تصل إلى جمعية مساعدة ضحايا الأخطاء الطبية، كذلك يلجأ العشرات إلى القضاء. عائلة سمية التي توفيت في مستشفى خاص رفعت قضية عام 2013. تعود أسباب الوفاة، بحسب العائلة، إلى خطأ طبي، فقد توجهت إلى المستشفى لتضع توأمين، لكنّها توفيت إثر خضوعها لعملية قيصرية، تعرضت خلالها إلى ثقب في أمعائها عن طريق الخطأ.
يشير المسؤول في وزارة الصحة التونسية، طه زين العابدين، إلى أنّ المشرّع التونسي أعطى تعريفاً عاماً للخطأ الطبي. وهو ما يجعل تحديد الخطأ الطبي من صلاحيات القضاء الذي يبقى المؤهل الوحيد بعد التحري واللجوء إلى خبير لتحديد وجود خطأ من عدمه. يضيف أنّ لوزارة الصحة رقابة قائمة على كل ما يخص المنشآت العامة والخاصة. وتعتمد في ذلك على عدد من الأطباء المتخصصين في التقصي والبحث في الحالات. وقد تبيّن أنّ معظم الأخطاء الطبية يعود إلى التدخلات الجراحية كالتوليد والعظام والجراحة العامة وجراحة الأعضاء.

يذكر أنّ الجمعية التونسية لمساعدة ضحايا الأخطاء الطبية أطلقت، قبل مدّة، حملة لإحصاء ضحايا الأخطاء الطبية في البلاد، وذلك من خلال استمارات إلكترونية.

اقرأ أيضاً: مستشفى وحيد في تونس لعلاج الآلاف

دلالات