أحمد الشقيري.. هل هرب من خواطر؟

أحمد الشقيري.. هل هرب من خواطر؟

04 يونيو 2017
(أحمد الشقيري/ فيسبوك)
+ الخط -
من أكثر الأشياء التي عرّفتنا على دولة ونظام اليابان التعليمي والحضاري، هو محتوى برنامج خواطر الذي لم يخل أي جزء من أجزائه الأحد عشر من صور المقارنة التي تفرّق المواطن العربي والياباني، بل أصبح مجرّد أن يتحدّث أي مواطن عربي عن دولة اليابان فيبدأ بالحديث عن تطوّرهم الذي تعرفه عليه عبر خواطر وليس وسيلة أخرى، لأنه صورَ للمشاهد العربي قيمة اليابان وتقدّمها بعد أن تعرّضت لنكبة القنبلة الذرية التي تفوق كل ما يحدث مع المواطن العربي في بلده في الوقت الحالي.

برنامج "قمرة" الذي جاء يحمل راية خواطر كانت فكرته الخروج عن النمط التقليدي للفكرة السابقة، على الرغم من أن خواطر فرض نمطه بما يرغب فيه المشاهد العربي، خصوصًا الشباب منهم، وتحوّل لطريقة برنامج مسابقات لإنتاج محتوى هادف وجذاب يشجّع الشباب العربي على إنتاج فيديو مدته 3 دقائق، ومحاولة مزج الأفكار الأكثر تشابهًا مع بعضها في كل حلقة ويقدمها الشقيري بطريقته، لكن لم يكن هو ما ينتظره المشاهد العربي من الشقيري، في ظل أن الإعلان عن "قمرة" كان يتوجّب برنامجًا أفضل من خواطر.

اليوم "قمرة 2"، الشقيري لا يظهر في كل حلقة إلا بضع ثوانٍ يقدم المشاركة بتسجيل صوتي له من دون أي تعليق، وهو بقياس البرامج التي تقدّم أفضل من غيرها لكن ليس ما ينتظره الملايين من الشقيري، لأن المشاهد اتجه لمشاهدة "قمرة" لأجل الشقيري لا لمحتواها، بينما يشارك تقديم برنامج صنّاع الأمل الذي يرعاه حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وهنا تحوّل الشقيري هكذا لشخص معلن مبادرات وبرامج لا الشخص الملهم الذي عرفه المواطن العربي.

المشكلة الكبرى في حال الإنتاج الفنّي والإعلامي في الوطن العربي، أنه اقتصر على المنافسة في شهر رمضان فقط، وكثير من الإنتاجات العربية تقضي عامًا كاملًا إلى أن يعرض في رمضان، وهو ما يقرّب الصورة لرؤية الأفضل بينها، معها تصرف ملايين الدولارات على البرامج والمسلسلات وتضرب فيها الأرقام القياسية كل عام أكثر من السابق.

لكن بالنظر إلى طبيعة البرامج التي تعرض في رمضان، فإنها تميل إما للضحك والمقالب والكاميرا الخفية أو مسلسلات التي تتحدّث عن ظواهر الإرهاب، وكأن المخرجين كلّهم متّفقون على فكرة واحدة هذا العام، الأكثر من ذلك أن مشاهدة المقالب التي تُحاك للمشاهير أصبحت تشكّل متعة للمشاهد العربي، فبعد سنوات من عرض برنامج مقالب رامز جلال اليوم يعرض الفنان المصري هاني رمزي برنامجًا يقلد فيه رامز، لكن بمقالب أخرى على الجبل، ومحاولة إحضار المشاهير ليجري مقالب يقلد فيها أسلوب رامز جلال.

إضافة لكثير من البرامج التقليدية المقلّدة بين بعضها، لا يوجد محتوى إبداعي فيها إنما بصورة واقعة "إضاعة وقت الصائم وتسليته"، وكل هذه البرامج تضع استفسارًا لماذا أمام كل هذا التقليد وتجديد البرامج والمسلسلات غير الهادفة بالمجمل لم يستمر الشقيري في عرض فكرة خواطر التي كان فيها يجدّد المشاهد وأسلوب العرض والتصاميم كل عام أكثر من غيره من برامج.

أحد أهم التعليقات بشأن خواطر كانت بداية رمضان لشاب فلسطيني يعيش في الإمارات، يُدعى أيهم السراج، كتب في منشور "لا أريد أن أجزم أن الشقيري طُلب منه توقيف خواطر ومحاولة تسلق طريق الحاضر والداعم للمهرجانات والمبادرات الخيرية والإنسانية. لكنني شاهدت الشقيري في حوار على الحياة المصرية قبل عامين وهو يتحدّث عن تطوّر توجهه لقمرة ومحاولة تطوير هدف خواطر، بما يفتح الآفاق أمام الشباب بالمشاركة وإنتاج محتوى ممتع ومفيد وتوسيع أهداف ما حلمه في تحقيقه ما بعد خواطر، لكن بالمطلق، لا يتحقق هذا بطريقة التهرّب يا شقيري.. عدْ للشقيري الذي نعرفه".

غياب المحتوى الهادف في البرنامج دفع بعض المتابعين لبرنامج "خواطر" لإطلاق هاشتاغ (الشعب_يريد_خواطر) الذي لا يزال فعالًا، بعد أن أطلق مقدم برنامج "السليط الإخباري" نيكولاس خوري شرارة بنشره فيديو يطلب من الشقيري العودة لإنتاج خواطر، ويطلب منه ألا يعتمد على برامج أخرى لم تنجح، إضافة لأن الشقيري يستطيع إنتاج محتوى بأقل جهد لأنه في خواطر يعتمد على أكثر من 10 باحثين ضمن طاقم البرنامج.

لكن المدوّن الفلسطيني براء عياش، علق "يبدو أن الشقيري قد اكتشف - كما هي كلّ الاكتشافات في هذه الحياة - متأخّرًا أن هذا الأسلوب في التغيير لا ينفع في بلداننا العربية، وأن كلّ ما كان في جعبته من أفكار قد وضعها مبسوطةً في يده، ولكن كانت كالهشيم تذروه الرياح، وكان الشباب على تضييع الجهود مقتدرًا".

المساهمون