أحلام اليقظة

أحلام اليقظة

02 نوفمبر 2017
+ الخط -
استقبلت جهة الغرب تاركا خلف ظهري معاناة الحالمين. لا يوجد بيني وبين مياه الشاطئ حاجز، في ساعةٍ هي الأقرب إلى الزوال، تذهب الشمس إلى مخبئها حزينة كالعادة، لأنها أشرقت وأغربت على الأرض التي لم يتغير على ساكنيها شيء، بضعه أحلام صغيرة لم تتحقق بعد: أن ترى المصالحة النور، أن يُفتح المعبر ونتمكّن من السفر، أن تفتح صنبور المياه، وتكون صالحة للشرب، أن تصدح المآذن باسم الله أكبر كل صباح.. لماذا لا تتحقق الأحلام في غزة.
انظر إلى سقف السماء، وقد التصقت بماء البحر، وخرجت النجوم الصغيرة تتلألأ على الشاطئ. في الأفق، لا يبدو حضور المونديال الروسي في صيف 2018 بعيد المنال، ففي الأحلام قد تحضر أو قد تشاهده عبر التلفزيون (إن وجدت الكهرباء)، خرجنا للتو من مقبرة الأحلام، متوجهين إلى الواقع الذي يفرضه علينا الواقع نفسه.
نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، أصبح العالم قرية صغيرة، بسبب الإنترنت، لكن نجد تلك القرية الصغيرة، نحن الفلسطينيين، صغيرة، لأن أحلامنا لا زالت تبحث عمن يحقّقها، فلا نملك ملعب كرة قدم جميل، ولا نملك أيضا دار سينما خافتة الأضواء، ولا يوجد لدينا مطار نسافر من خلاله، ولا يوجد لنا ميناء تسافر منه السفن، حتى أننا لا نعرف الصوت الذي تصدره السفن، ولا نعرف من الطائرات إلا الحربية والمقاتلة ولا نعرف باقي الأسماء.
"لا تنظر إلى الخلف" هو الشعار الذي يرفعه معظم ساكني مدينة الأحلام الممكنة، فكم مشروع وهمي وفكرة عبقرية ومفكر فذ، ينتظرون أن تتحقق أحلامهم، لكن الواقع يقول لهم: موتوا بأحلامكم، فأنتم بالضبط مثل "خيال الحقل"، يقف وحيدا وينام وحيدا ويسهر وحيدا وتشرق الشمس عليه، وتغيب، ولا يأكل الطعام، ولا يمشي في الأسواق، ولا يحتسي القهوة.
أخيرا، باتت الأحلام في غزة ممكنة التحقيق، فقد استلمت الحكومة مهام عملها، وفرضت سيطرتها على المعابر، وعلى بعض تفاصيل الحياة اليومية الاعتيادية، وأصبح لدينا حكومة أو حكومة ونصف حكومة. ويبقى على جدول أعمالها تحقيق بقايا الأحلام، بأن يكون لدينا ملعب من الجليد ترقص علية الفتيات الصغار رقصات الباليه، ويمارس أصدقائي تمارين اليوغا الصباحية، وأراهم يوميا يمارسون رياضة المشي في كل صباح على كورنيش غزة، بعد أن امتلأت جيوبهم بالمال، وأصبح لديهم مزيد من الوقت، ليمارسوا الرياضة والأعمال التطوعية.
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)