أحداث تدعو للتشاؤم بـ سنة 2017

أحداث تدعو للتشاؤم بـ سنة 2017

27 ديسمبر 2016
(أطفال جرابلس، الصورة: وكالة الأناضول)
+ الخط -
تقترب سنة 2016 من نهايتها، ومن دون الغرق في تشاؤم مبتذل يمكن أن نقول إنها كانت سنة سيئة على الصعيد العالمي، عرفت تصاعد التوتّرات والصراعات المسلحة، كما أنها كانت بامتياز سنة الاستفتاءات التي فاجأت نتائجها جميع المتابعين وزادت من مخاوف المحلّلين السياسيين.

شبّه بعض المحللين ما يحدث اليوم بسنوات الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي عرفت صعود الفاشية عن طريق الانتخابات في كثير من الدول على غرار إيطاليا واليابان وفرنسا وألمانيا، ومثلما هو معروف انتهت تلك الحقبة باندلاع الحرب العالمية الثانية.

إذا ما تجاوزنا الأحداث المؤلمة في المنطقة العربية، فعلى الصعيد العالمي تميّزت السنة بتصاعد النزعة اليمينية المعادية للأجانب، لاسيما المسلمين في بعض البلدان الأوروبية وأميركا الشمالية.


جوان، البريطانيون خارج الاتحاد الأوروبي 
كانت البداية في شهر جوان في بريطانيا حيث نظم رئيس الحكومة البريطانية السابق دافيد كاميرون استفتاء لم يكن ضروريًا مطلقًا لأسباب سياسوية انتخابية محضة.

انتهى الأمر بتصويت الأغلبية على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تمثلت الأسباب الأساسية التي برّر بها أنصار البريكست خيارهم في قضية النازحين القادمين من سورية وأفغانستان والسودان، وأيضًا ما وصفوه بـ"القوانين الصلبة" للاتحاد الأوروبي. أدى هذا الاستفتاء الغبي بدافيد كاميرون إلى خسارة منصبه حيث اضطر للاستقالة، كما أن الآثار كانت سلبية على الاقتصاد البريطاني، فبعض الشركات فضّلت الانتقال من لندن إلى دول لا تزال ضمن الاتحاد الأوروبي لاسيما ألمانيا. كما انخفضت قيمة الجنيه الإسترليني أمام اليورو والدولار.


أكتوبر، الكولومبيون يصوّتون ضدّ السلام
لا يُمكن أن نقوم بهذا الاستعراض دون ذكر استفتاء غريب آخر في النصف الآخر من الكرة الأرضية، في أميركا الجنوبية، حيث عرفت كولومبيا توقيع اتفاق سلام بين الحكومة ومتمرّدي الفارك لوضع حد لأحد أقدم النزاعات المسلحة في العصر الحديث. بعد التوقيع، تنطع الرئيس الكولومبي وقرّر عرض اتفاقية السلام على الشعب الكولومبي، ووسط دهشة جميع المتابعين صوت الكولومبيون بأغلبية طفيفة ضد السلام، دفعت هذه النتيجة على غرار استفتاء البريكست المحللين للتشديد على خطورة هذه الاستفتاءات التي تخص قضايا مصيرية حيث يتم التصويت أحيانًا من أجل الاحتجاج على الحكومة في مسائل اقتصادية لا علاقة لها بموضوع الاستفتاء في حدّ ذاته.


نوفمبر، أغرب رئيس يقود أميركا 
عرف شهر نوفمبر مفاجأة أخرى حبس العالم أنفاسه أمامها، تمثلت في انتخاب أغرب رئيس أميركي منذ تأسيس هذه الدولة. فاز دونالد ترامب، رغم تصريحاته العنصرية والعنيفة ضد المسلمين والمكسيكيين والسود الأفارقة، بمقعد الرئاسة، مما يبرز تصاعد اليمين المتطرف والنزعة الشعبوية في كثير من دول العالم، لاسيما الغربية منها.

من جهة أخرى، عرفت نهاية السنة أيضًا رحيل آخر ثوريي ما يعرف بزمن الثورة الجميل الذي أبهر الشباب منذ 50 سنة، مات رفيق تشي غيفارا، الرئيس الكوبي كاسترو. وربما ما زاد من تأثر المعجبين بالثورة الكوبية هو انتصاره في معركته ضد الإمبريالية الأميركية حيث بقي رئيسًا وصمد أمام جميع محاولات اغتيالاته.

وسط كل هذا، شهدت 2016 أيضا تفاقم التوتر بين روسيا والناتو حول الحرب في سورية والحرب في أوكرانيا ونظام الدفاع الصاروخي الذي بدأ الناتو تنصيبه في بولندا.

كما ينبغي لفت النظر إلى نزعات الرئيس الأميركي الجديد العدائية للغاية ضد القوة الاقتصادية الأولى في العالم، الصين. فهل يمكن أن تتجّه الأمور لمواجهة في بحر الصين لاسيما بسبب النزاع حول بعض الجزر الصغيرة بين الصين والفيليبين الحليف التاريخي لأميركا في المنطقة؟

مع هذه القيادة المتهوّرة في أميركا، التي قد تفوق في اندفاعها الرئيس السابق جورج بوش والمحافظين الجدد، ونزعة صينية للهيمنة الاقتصادية على العالم، لا يمكننا إلا أن نكون متشائمين بخصوص تطوّر العلاقات الدولية في 2017.

المساهمون