أثرياؤنا وأثرياؤهم

أثرياؤنا وأثرياؤهم

17 مارس 2016
كارلوس سليم ثالث أثرى أغنياء العالم (فرانس برس)
+ الخط -
استغرب كثيرون من الخبر المنشور قبل أيام تحت عنوان (مالك شركة إيكيا ثروته 65 مليار دولار ويرتدي ملابس مستعملة).

ومالك "إيكيا" هو الملياردير السويدي، إنغفار كامبراد، الذي أسس، وعمره 17 عاما، مؤسسة "إيكيا" التي باتت أشهر شركة أثاث في العالم رغم غلو أسعار منتجاتها.

وارتداء الملابس المستعملة ليست السمة الوحيدة التي يتمتع بها الملياردير السويدي، فعمر السيارة التي يملكها يناهز 25 عاماً، وهي من طراز "فولفو". وهناك صفات أخرى للرجل منها مثلاً أنه يفرض على موظفي شركته طباعة وثائقه وأوراقه على وجهي الورقة الواحدة، كما يأكل بالمطاعم الرخيصة ويشتري من الأسواق المحلية ويسافر جواً على الدرجة الاقتصادية، ولا يملك قصرا فاخراً.

ولأن الانطباع السائد لدينا عن الأثرياء والمليارديرات أنهم يعيشون حياةً كلها بذخ وإسراف ويجوبون العالم شرقا وغربا بيخوتهم الفخمة وطائراتهم الخاصة وحاشيتهم التي تضم جنسيات عدة، وينزلون في الفنادق ذات السبعة نجوم، ويتناولون أشهى المأكولات وأغلاها، ويرتدون أحدث الموديلات من الملابس، لذا راح البعض منا يتندّر على بساطة الملياردير السويدي ويصفه بصفات ذميمة، منها البخل والشح، وأنه لا يظهر أثر نعمة الله عليه، وأنه سيموت وسيرث أبناؤه وأحفاده الـ65 مليار دولار التي يمتلكها وتعب في تكوينها منذ نعومة أظافره.

لكن ما لا يعرفه كثيرون أن أثرياء العالم يعيشون حياة كلها بساطة وتواضع في كل شيء، بداية من المأكل والمشرب والملبس، والبعد عن الإقامة في القصور الفخمة التي تتجاوز أسعارها مئات الملايين من الدولارات، ونهاية بالتسوّق ورحلات السفر، ولن اتحدث هنا بالطبع عن أسلوبهم الراقي في التعامل مع موظفي شركاتهم والمحيطين بهم.

بساطة هؤلاء الأثرياء ليست بخلاً كما يظن البعض، بل هي سمة حياة اكتسبوها من الأجواء التي عاشوا فيها، وأسلوب التربية داخل أسرهم، كما اكتسبوها من احترامهم للقانون وقيم العمل والمواطنة والحريات التي تتمتع بها مجتمعاتهم.

وكما قلت قبل أيام، فإن بيل غيتس، الأكثر ثراءً في العالم، ظل يسافر لسنوات على الدرجة الاقتصادية، وهي أرخص درجات رحلات الطيران، وقت أن كانت ثروته تزيد عن 36 مليار دولار في عام 1997، والرجل لا يزال يعيش حياة بسيطة رغم أن ثروته تجاوزت 75 مليار دولار.

ويبدو أن السفر على الدرجة الاقتصادية أبرز سمة لأثرياء العالم، فرجل الأعمال الهندي عظيم بريمجي يسافر على هذه الدرجة حتى الآن، ويقود سيارة ماركة هوندا سيتي منذ 10 سنوات رغم أنه يمتلك ثروة تزيد عن 17 مليار دولار، تبرع بأكثر من ربعها لأعمال الخير.

ووارين بافيت، ثالث أغنى رجل بالعالم، لا يمتلك يختاً ولا طائرة خاصة ويعيش حياة بسيطة، رغم أن صافي ثروته يبلغ 69.6 مليار دولار، بل ويعيش في المنزل الذي اشتراه منذ أكثر من 50 عاماً، والرجل لا يزال يذهب لعمله يومياً رغم بلوغه 84 عاماً.

وكارلوس سليم، الملياردير المكسيكي، ثاني أغنى رجل في العالم، لا يزال يعيش في منزل متواضع يمتلكه منذ 30 سنة، رغم أن ثروته تقدّر بنحو 70 مليار دولار.

وينطبق ذلك على مليارديرات آخرين باتت سمعتهم حديث وسائل إعلام العالم، مثلا كريستي والتون التي تمتلك ثروة تقدّر بنحو 38.8 مليار دولار، وتحتل المرتبة التاسعة بين أثرياء العالم، تمتنع دوما عن حياة الترف والإسراف لأنها أرادت أن ينعم ابنها بتنشئة صحية، وتبرعت بمنزلها بعد وفاة زوجها.

ومارك زوكربيرغ مؤسس موقع التواصل الاجتماعي المعروف فيسبوك، يرتدي الملابس نفسها التي كان يرتديها منذ سنوات، ويقود بنفسه السيارة التي بحوزته منذ سنوات أيضا رغم امتلاكه ثروة تبلغ 35.5 مليار دولار.

وبالطبع لن أقارن هنا بين أثريائنا وأثريائهم، فمقارنة السماء بالأرض لا تصح. 


اقرأ أيضا: مالك "إيكيا"..ثروته 65 مليار دولار ويرتدي ملابس مستعملة

المساهمون