أبو مهدي المهندس... "الإرهابي الأبيض" في بغداد

أبو مهدي المهندس... "الإرهابي الأبيض" في بغداد

بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
27 أكتوبر 2017
+ الخط -
عاد الحديث مجددا عن "أبو مهدي المهندس"، القائد العسكري الأول لمليشيات الحشد الشعبي في العراق، بعد تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناوبرت، أمس الخميس، التي وصفت فيها المهندس بالإرهابي في معرض حديثها عن مدينة كركوك، قائلة إن "هذا الشخص إرهابي، وهذا كل ما يمكننا قوله في الوقت الحالي".


ويعتبر هذا التصريح هو الأول من نوعه بخصوص المهندس الذي يتواجد بمكتبه الواقع داخل المنطقة الخضراء، وعلى مسافة 500 متر فقط من مبنى السفارة الأميركية وغرفة التنسيق المشترك التابعة للتحالف الدولي، رغم إدراج اسمه منذ أكثر من عقدين على لائحة الإرهاب الدولي، ورغم أنه مطلوب للإنتربول الدولي، ومحكوم غيابيا بالإعدام أو السجن في عدة دول عربية وأجنبية، إثر إدانته بتفجير السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت في 12 ديسمبر/ كانون الأول 1983، والتي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 80 آخرين بالعاصمة الكويتية، من بينهم رعايا غربيون، بعد تحقيق مشترك أجرته السلطات الكويتية والأميركية، أثبتت تورط المهندس مع سبعة عشر عضوا آخرين من حزب الدعوة الإسلامية بالهجمات.


ونجحت الشرطة في العثور على أدلة مادية حول ذلك أدين بسببها المهندس مع رفاقه وحكم بالإعدام، لكنه نجح في الفرار من الكويت عبر جواز سفر باكستاني متجها إلى إيران، كما وضع اسمه على لائحة المنع في دول الخليج ومصر والمغرب العربي، إضافة إلى الدول الأوروبية والأميركيتين، ولم يسجل خروجه من إيران سوى إلى سورية والعراق خلال السنوات العشر الماضية.

أبو مهدي المهندس، الذي ارتبط اسمه في ذاكرة العراقيين بمشاهد تعذيب أسرى الجيش العراقي في طهران عام 1985، هو جمال جعفر إبراهيم، من مواليد مدينة البصرة عام 1954، من أب عراقي وأم إيرانية، تخرج من كلية الهندسة في العام 1977 في العراق وانتمى لحزب الدعوة مطلع العام نفسه. غادر البلاد إلى الكويت عام 1979 بعد تولي الرئيس السابق صدام حسين السلطة، واستقر في الكويت عدة سنوات. وتشير التقارير إلى أنه كان يحمل الرقم 2722174 في بطاقة إقامته بالكويت بمنطقة الجابرية، وأنه مارس نشاطا سياسيا وأمنيا معاديا لنظام صدام حسين قبل أن تمنعه الحكومة الكويتية آنذاك من مزاولة أي نشاط على أراضيها.

وبعد وقوف دول الخليج مع العراق في حربه ضد إيران ومقاطعتها بشكل شبه كامل، هاجم المهندس مطلع العام 1983 مع مجموعة من زملائه، عددا من المباني الحساسة في العاصمة الكويت، ومنها السفارتان الأميركية والفرنسية وبعثات أخرى، بواسطة متفجرات تبين أنها محلية الصنع وجرى تحضيرها داخل البلاد، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 80 آخرين بينهم رعايا غربيون، وهو ما دفع القضاء الكويتي إلى الحكم على المهندس بالإعدام بعد إدانته بالضلوع بتلك التفجيرات بصفة منفذ، لكنه كان قد فر من الكويت بعد ساعات من التفجيرات إلى إيران عبر جواز سفر باكستاني، من خلال رحلة بحرية كان قد حجز تذكرة على متنها قبل يوم واحد من تنفيذ التفجيرات الإرهابية في الكويت، واستقر هناك وتزوج من سيدة إيرانية تكبره بعدة سنوات، واكتسب الجنسية الإيرانية وعين مستشارا عسكريا لدى قوات القدس، التي كانت تتولى مهاجمة القوات العراقية الموجودة حول البصرة، مسقط رأس المهندس.

ووجهت النيابة العامة الكويتية في العام 1985 للمهندس رسميا تهمة التورط بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت أمير البلاد الراحل جابر الأحمد، وبات منذ ذلك التاريخ ولا يزال المطلوب الأول لدى الكويتيين وضمن القائمة الأميركية السوداء للمطلوبين بأعمال إرهابية، وسبق زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في هذه القائمة.

وفي العام 1987 تولى رسميا منصب قائد فيلق بدر، ثم انتقل بعد سنوات للعمل بمفرده ضمن قوة مرتبطة بفيلق القدس أيضا تعرف باسم التجمع الإسلامي. شارك مع القوات الإيرانية في مهاجمة بلدات عراقية مختلفة مطلع العام 1988، أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين والعسكريين العراقيين.

وفي مارس/ آذار من العام 2003، عقب دخول القوات الأميركية إلى العراق، عاد المهندس مستخدما اسم جمال الإبراهيمي وترشح لانتخابات البرلمان العراقي عن قائمة حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، في العام 2005، تحت تسلسل 24، وفاز في دائرته الانتخابية عن محافظة بابل، لكن قوة تابعة لمشاة البحرية الأميركية اقتحمت مقر إقامته شرق بغداد بعد اكتشاف هويته ونجح بالفرار مرة أخرى إلى إيران، بعد أشهر من تخفيه خارج العراق ومطاردة الأميركيين له، ولم يدخل العراق إلا بعد انسحاب القوات الأميركية منه عام 2011، وكانت له زيارات قصيرة سرعان ما يعود بعدها لطهران مرة أخرى.

ولم يشفع للمهندس تنفيذه عمليات عسكرية ضد الجيش العراقي عقب غزوه الكويت، من خلال ضرب عدد من المخافر والمراكز القريبة من شبه جزيرة الفاو، حيث فشلت وساطات عدة طيلة السنوات الماضية في دفع الكويت لإسقاط الحكم الموجه ضده، كما ترفض الشرطة الدولية (الإنتربول) رفع اسمه من قائمة المطلوبين الخطرين لديها على مستوى العالم.

وهاجم المهندس في مؤتمره الصحافي الأول الذي عقد في 28 سبتمبر الماضي وظهر بصفة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، التي تضم نحو 70 ألف مقاتل، كلا من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، التي وصفها بالممول والداعم لـ"داعش" نهاية عام 2014.

وأضاف أبو مهدي المهندس خلال المؤتمر: "يوم أمس قتلنا سعوديين في بلدة المعتصم، (بلدة عراقية شمال بغداد)، والسعوديون حاضرون كممولين ومقاتلين وانتحاريين في داعش، ولا نعلم إن كان تواجدهم بعلم السلطات السعودية أم لا".

وفي رد غير مباشر على تصريحات الخارجية الأميركية، أمس، ظهر المهندس في فيديو مصور بالقرب من الحدود العراقية السورية متحدثا عن نشر فصائل مليشيات الحشد الشعبي على طول تلك الحدود.

وتلتزم بغداد باتفاق اعتقال وتسليم المطلوبين للشرطة الدولية وكذلك باتفاق مع الكويت وواشنطن في تبادل المطلوبين لكلا الجانبين، إلا أن المهندس، الذي تعتبره أوساط سياسية عراقية معارضة لتمدد المليشيات في العراق أنه "الإرهابي الأبيض"، ما زال مشاركا فاعلا في اجتماعات الحكومة العراقية الأمنية مع قيادات وفصائل الحشد، وتسلم محور الجنوب في اقتحام كركوك أخيرا وأنيطت به مهمة المحور الشرقي في معركة القائم، التي انطلقت فجر أمس الخميس.




ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

يخشى بعض المرشحين للانتخابات المحلية في العاصمة بغداد، من أن يكون تسلسل أحدهم بالرقم 56، الذي يُطلق على المحتالين والنصابين في الشارع العراقي، وقد جاء نسبة إلى مادة قانونية في القانون العراقي، تخص جرائم النصب والاحتيال