أبو محمد السكسك... ساقي الأشجار في شوارع وحدائق غزة

أبو محمد السكسك... ساقي الأشجار في شوارع وحدائق غزة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
23 يونيو 2019
+ الخط -

لم يتوقف عشق الفلسطيني إسماعيل السكسك للشتل والأشجار عند حدّ العناية بها داخل بيته، بل حَوّله إلى عمل يومي يمارسه عن حُب، فبدأ بسقاية الأشجار في شوارع وحدائق مدينة غزة.

ويجد الخمسيني السكسك متعته وهو يرى ثمار عمله تنضج أمام عينه بتفتح الزهور ونمو الأشجار التي زرعها أشتالاً صغيرة، إذ يرى أهمية كبيرة لتزيين الشوارع العامة من خلال العناية بالأشجار والزهور باعتبارها مشهداً حضارياً هاماً.

ويملأ أبو محمد برميل المياه الذي يتسع لنحو 1300 لتر تقريباً، ويتنقل به على ظهر العربة التي تجرها دابته الصغيرة، ويسقي الأشجار والزهور الممتدة من شرق شارع الوحدة وسط مدينة غزة حتى غربه.

ويعمل السكسك في قسم الحدائق التابع لبلدية غزة الممول من البنك الدولي، وهو القسم المكلف بالعناية بكل الحدائق العامة والأشجار والشتل والزهور المنتشرة في الشوارع العامة بمدينة غزة، ويضم مشتلاً خاصاً لزراعة وإنتاج كل أنواع وأصناف الشتل المتنوعة.

ويقول السقاء أبو محمد (53 عاماً) الذي يعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد، أن عمله ينقسم إلى فترتين، الأولى تبدأ من شهر فبراير/ شباط، حتى شهر أبريل/نيسان بزراعة وتقليم مختلف أنواع الأشجار مثل أشجار "فيكس"، و"شنطونيا"، و"تفلة"، و"بنسيانة" وغيرها، بينما يبدأ موسم سقي تلك الأشجار مع حلول شهر مارس/آذار حتى حلول فصل الشتاء، الذي يتوقف فيه الري تمهيداً لزراعة أشتال وأشجار أخرى.

يأمل أن يدرك الناس أهمية الأشجار (العربي الجديد) 

ويوضح السكسك وهو ابن لأسرة لاجئة من مدينة يافا المحتلة عام 1948، وولد في معسكر جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، أنه بدأ العمل بهذه المهنة المحببة إلى قلبه منذ 12 عاماً، يكرر خلالها ذات المهمة المكلف بها، مضيفاً لـ "العربي الجديد": "لا اعتبرها مهنة، بل هي هوايتي التي لا أشعر بالملل أو التعب عند ممارستها، خاصة وأنا أرى الأشجار تنمو والزهور تتفتح".
ويكفي برميل المياه الذي تقله عربة أبو محمد لسقاية 100 – 150 شجرة، ويقوم بتعبئته نحو 5 مرات يومياً من أماكن مخصصة للتعبئة. ويقول: "أحافظ على توزيع المياه بشكل متساو على الأشجار، وأداوم على سقايتها بحيث تحصل الشجرة الواحدة على المياه يوماً بعد الآخر".

وعن تفاصيل يومه، يقول: "أبدأ نهاري بصلاة الفجر، وبتجهيز عربتي التي أنتقل فيها من بيتي في منطقة التوام شمال قطاع غزة، حتى مكتب العمل وسط مدينة غزة، وبعد ذلك أتوجه لتعبئة البرميل من الأماكن المخصصة للتعبئة، تجهيزاً لسقاية الأشجار".

ولا يقتصر عمل أبو محمد خلال يومه على سقاية الأشجار والشتل فقط، إذ يقوم بترميم أي ضرر قد يصيب محيط الشتل، ويقل على ظهر عربته كذلك بعض أدوات الزراعة الخاصة بالحفر، والتعديل وإصلاح أي عطب أو خلل يلحق بأي شجرة من الأشجار التي يعتني بها.

وعن علاقته بالزراعة والأشجار، يقول: "أشعر وكأنها جزء مني، إذ نشأت في أسرة مُحبة للزراعة، وعملت في قطاف أراضٍ زراعية، ما عزز عندي حب الأشجار (...) أتمنى على الجميع العناية بها، والحفاظ عليها قدر الإمكان".

وأكثر ما يزعج أبو محمد إهمال بعضهم لنباتات من خلال تكسير وتخريب الشتل ومحيطها، وعدم العناية بالنظافة ورمي القاذورات، علاوة على سرقة بعض الأشجار الصغيرة، والكبيرة.

وبالنسبة لأبو محمد "الأشجار مظهر جمالي وحضاري، ويجب تكاتف الجهود حتى تتمكن من النمو في بيئة آمنة وسليمة، وتعكس مدى التحضر والرقي"، ويقول: "ازرع ولا تقلع".

دلالات

ذات صلة

الصورة
شتلة شجرة مانغروف في جنوب العراق (عصام السوداني/ رويترز)

مجتمع

بينما يزرع العراقي أيمن الربيعي شتلات أشجار المانغروف في سهول طينية مترامية الأطراف بجنوب العراق، يُظهر الدخان الأسود المتصاعد في الأفق خلفه الضرر البيئي الذي يحاول الرجل إصلاحه.
الصورة
يحاول عيد العيسى الحفاظ على جودة الخضار البلدية (العربي الجديد)

مجتمع

يكرّس المهندس الزراعي السوري عيد العيسى، منذ ست سنوات، جهوده وخبرته لخدمة مزارعي أبناء محافظته في إدلب، شمال غربي سورية، من خلال مبادرات توزيع شتول وورود مجانية عليهم.
الصورة
سودانية تزرع زهور ونباتات واشجار في منزلها لمواجهة الطقس الحار والعلاج من الاكتئاب

مجتمع

منزل المهندسة السودانية سارة عز الدين في العاصمة السودانية الخرطوم كان كغيره من منازل المدينة، إلى أن قررت سارة تحويله إلى لوحة فنية تنبض بالحياة عبر ملئه بالنباتات والأزهار بطريقة جميلة، فتحول المنزل إلى حديقة صغيرة.
الصورة
مشروع يمني

مجتمع

بعد أن كانت تبحث عن عمل يخوّلها مساعدة أسرتها مادياً وتجاوز ظروف الحرب القاسية، استطاعت الشابة اليمنية سلمى العماري تحويل منزلها إلى حديقة خضراء وصارت صاحبة أشهر مشروع في اليمن يحمل اسم (Nilver). 

المساهمون