أبو غوش لـ"العربي الجديد": هكذا استقبلوني في المطار

أبو غوش لـ"العربي الجديد": هكذا استقبلوني في المطار

01 سبتمبر 2016
(فرانس برس)
+ الخط -

تنتاب مجد حمّاد، الذي يجوب بعربة "الكعك" جبل الحسين في العاصمة الأردنية عمان، منذ ما لا يقل عن خمسة عشر عاماً، مشاعر فرح مختلطة بالفخر، ولا يتردد لحظة في إظهار السبب بقوله: "أبو غوش رفع رؤوسنا عالياً".

يضيف حماد، في حديثه إلى "جيل العربي الجديد"، أن أبو غوش "منح البسطاء والفقراء في الأردن دفعة كبيرة من التفاؤل والطموح، بل صار لدى كل شاب أردني ثقة، وأخذ يطمح ببلوغ التميز والفوز في مختلف الميادين".

يرى الكثير في الأردن، من أمثال حماد، ونقصد هنا الشباب البسطاء، في انتصار لاعب التايكواندو أحمد أبو غوش، المتوج بأوّل ميدالية أولمبية ذهبية للأردن، هزيمة للتهميش الذي يغتال مواهبهم وإبداعهم، وهم الذين يشكلون ما نسبته 75% من سكان المملكة.

من جهته، يؤكد البطل الأولمبي أحمد أبو غوش، في حديث خاص لـ"جيل العربي الجديد"، أن أجمل ما حصل له عقب صعوده إلى منصة التتويج، "إدخاله الفرحة إلى قلوب الأردنيين خاصة، والعرب عامة".

يحاول أبو غوش، وصف مشاعره؛ وهو الهادئ في طبعه، تحديدًا حين انهالت عليه المكالمات الهاتفية في أولمبياد ريو، عقب حصوله على الميدالية الذهبية، من شتى المسؤولين الأردنيين. وكيف كان مصدر فرح وسعادة لكل الأردنيين، غنيهم وفقيرهم.

إلا أن ذلك لم يمنع أبو غوش، من وصف دهشته الكبيرة من الاستقبال الذي نعته بالأسطوري، لدى وصول أفراد البعثة الأولمبية الأردنية إلى عمان في مطار الملكة علياء الدولي.

ولعل هذه الدهشة كانت مبررة، إذ إن أبو غوش لم يكن معروفاً، والجمهور الأردني بالأساس لم يكن يهتم كثيراً بمتابعة الرياضات الفردية، كلعبة التايكواندو، بحسب الصحافي الرياضي فوزي حسونة.

ويرى حسونة، أن وسائل الإعلام هي السبب في تهميش أبطال كان من الممكن أن يكونوا بمنزلة أبو غوش اليوم. إلا أنها آثرت الاهتمام بالرياضات الجماعية على حساب الرياضات الفردية.

المتابعون للشأن الرياضي في الأردن، يرون أن على الدولة في هذه المرحلة، أن تستثمر هذا الإنجاز، ولا سيما أن المملكة تمر بظروف اقتصادية وسياسية صعبة، تحتم عليها إقناع شبابها بضرورة الانتماء لها.

ويرى رئيس الاتحادين الأردني والعربي للصحافة الرياضية، محمد جميل عبد القادر، في حديثه إلى "جيل العربي الجديد"، أن فوز أحمد أبو غوش، كان بمثابة رسالة إيجابية لكل الشباب الأردني والعربي، خصوصاً "في هذه المرحلة الخطرة التي يمر بها الوطن العربي، ولذا كانت الرياضة هي الرسالة الأخيرة، التي من الممكن أن تؤثر في تربية وسلوك الشباب العربي بشكل إيجابي"، يقول عبد القادر.

أبو غوش، يؤكد، حين سألناه حول مدى تأثير هذا الإنجاز الرياضي العالمي، في خضم ما يجري من مشاكل اجتماعية وسياسية، تدفع الشباب إلى الإحباط والاكتئاب، أن ذلك من الممكن أن يشكل الأمل في المستقبل، وأن يكون حافزاً كبيراً للآخرين لمواجهة كل هذه التحديات، والسير نحو الإنجاز، بالتوازي مع اهتمام الدولة بالمواهب والمبدعين.

وزير الشباب رامي وريكات، كشف في حديث خاص لـ"جيل العربي الجديد"، أن الحكومة تعمل، وعقب هذا الإنجاز التاريخي، على إعادة تفعيل المراكز الشبابية في الأردن؛ وذلك لا يشمل فقط المراكز الرياضية، وإنما الفنية والإبداعية والثقافية كذلك، من خلال استراتيجية وطنية تعدّها وزارة الشباب.

ويبين الوزير وريكات، أن مهمة إعادة تفعيل هذه الاستراتيجية، هي الاعتناء بالمواهب، ودعم المبدعين في كل المجالات، وكل ذلك من المفترض، أن يحصن الشباب الأردني من الفكر "المتطرف والإرهاب".

مدير الدائرة الرياضية في صحيفة الأنباط، عوني فريج، يعتقد في حديثه لـ"جيل العربي الجديد"، أن لدى الأردن الآن فرصة تاريخية لتوجيه طاقة الشباب عقب هذا الإنجاز، نحو تفريغ طاقاتهم في كل النواحي الإبداعية، لمواجهة التطرف الفكري.

ولا يزال التطرف يواصل قتل المنطقة العربية، وهو بالأساس ينشأ من الفراغ، وقلة الثقافة والتوعية، ولذلك يجب على المسؤولين تعليم الشباب قيمة البطولة والتنافس الشريف، والعمل والتدريب الجاد، وبالإمكان أن يكون سلاحاً آخر لمواجهة الفكر المتطرف، وفق أبو غوش.

ولعل الحكومة الأردنية تنبّهت أخيراً لهذا الأمر، يقول الوزير وريكات، فكانت حريصة على عودة وزارة الشباب في الحكومة الأخيرة، بعد غيابها في الحكومات الماضية، خصوصاً أن المملكة على أعتاب استقبال حدث رياضي مهم، يتمثل بإقامة كأس العالم للشابّات، دون سن 17 عاماً.

وتعمل الوزارة بكل ما أوتيت من إمكانات، يبين وريكات، لاحتواء الفراغ الذي تعانيه شريحة كبيرة من شباب الأردن، من خلال تكثيف الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية في كل أنحاء المملكة.

آن للحكومة أن تدرك أهمية الرياضة في حياة الشعوب، وعليه، فإن الإنفاق الحكومي يجب أن يكون منطقياً على الرياضة، ومشروع البطل الأولمبي يحتاج إلى تخطيط وتنفيذ عالي المستوى، وأن تظهر الحكومة جديتها واهتمامها بالأمر، ولا يقتصر الأمر فقط على تكريم البطل المبدع أبو غوش وحده، بل يجب أن تتحول الى سياسة دائمة لا تتوقف، وفق ما صرح به لـ"جيل العربي الجديد" مدير البرامج الرياضية في التلفزيون الرسمي الأردني، محمد قدري حسن.


(الأردن)

المساهمون