أبو عمران والأجيال الصاعدة

أبو عمران والأجيال الصاعدة

23 يوليو 2018
+ الخط -
تحدث صديقُنا القديم القاص أبو عمران عن "الأجيال". هذه الكلمة لها في الإعلام السوري طنة ورنة، فإذا أنت غامرْتَ بأعصابك وجلست أمام شاشة تلفاز تابعة للنظام السوري فلن تنفك تسمع كلمات وعبارات من قبيل: الأجيال الصاعدة، الأجيال الواعدة، أجيال المستقبل، صراع الأجيال، توعية الأجيال، تنوير الأجيال، جيل الثورة، جيل العطاء، جيل الحرية، جيل التحرير.. إلى آخره. وعلى الرغم من كل هذه (الجَيْلَنة)، فإن "أبا عمران" كان يقصد شيئاً آخر.

كان قد أرسل، بالبريد، قصة قصيرة للنشر في أحد الملاحق الثقافية التي تصدر في دولة خليجية، وبعد أيام اتصل بالبدالة، وطلب منهم أن يصلوه بالمدير المسؤول عن الملحق، وكان اتصاله يفشل لأن "عامل البَدَّالة" لا يعرف مَنْ هو المسؤول عن الملحق، وأبو عمران لا يعرف اسمه، إلى أن استطاع، أخيراً، الوصول إلى مدير التحرير، وسأله كيف يمكنه الوصول إلى المدير المسؤول عن الملحق؟


قال له مدير التحرير: إن الشخص الذي تسأل عنه حالياً في إجازة الصيف. وأنا مدير التحرير، وأعرف كل شيء له علاقة بالملحق. بإمكانك أن تسألني.
قال أبو عمران: أرسلت لكم قصة و.. قاطعه مدير التحرير قائلاً: ها هي قصتك أمامي. خير ماذا تريد؟
قال: بعد إذنك افتح القصة على الصفحة الثانية، السطر الرابع من تحت، حيث توجد العبارة التالية: (ومَدَّ يده نحو يدها، أراد أن يمسكها ويداعب بياضها..).. هل رأيتها؟
قال مدير التحرير: نعم. رأيتها.
قال أبو عمران: بالله عليك اشطب "بياضها" وضَعْ مكانها كلمة "سَمَارَها".
ضحك مدير التحرير وقال له: ولماذا تريد تغييرها؟ وأيش تفرق معك؟
فقال أبو عمران: حبيبتي يا أستاذ سمراء، وحديثي عن بياض يدها يفقدني مصداقيتي، ولو فعلت ذلك أنا واثق من أن "الأجيال" لن تغفر لي هذا!

مرة أخرى ضحك مدير التحرير. فسأله أبو عمران بأدب جم عن سبب الضحك فقال:
- وأنا من جهتي سأحمد الله على أنني رفضتُ نشر قصتك، فلو أنني نشرتُها لما غفرت لي "الأجيال" ذلك!

دلالات

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...