أبوظبي وتسييس الدراما المشتركة

أبوظبي وتسييس الدراما المشتركة

06 سبتمبر 2020
شيطن مسلسل "ممالك النار" الأتراك في واقعة "مرج دابق" بين العثمانيين والمماليك (فيسبوك)
+ الخط -

يبدو أن أبوظبي تسعى للهيمنة على سوق الدراما المشتركة لهذا العام، بعد تراجع تدريجي لحضور الشركات اللبنانية إثر أزمة كورونا وتبعات الوضع الاقتصادي في لبنان. فتبدلت آلية التسويق وتغيرت مواسم العرض ومنصاته، ما سنح أمام أبوظبي للسعي بالاستثمار في سوق الدراما المشتركة لفرض أفكار وتوجهات تبدو ساذجة حين يجري تصديرها بشكل مباشر دون مراعاة لخصوصية المجتمعات وطبيعة كل نوعية من الدراما. وبذلك نشهد انتقالا إقليميا لنموذج الدراما المشتركة من بيروت إلى أبوظبي، حيث تنتقل كاميرا المخرج اللبناني إيلي حبيب لتصوير مسلسل يحمل اسم "وقف التصوير" وهو عن نص للكاتبة كلوديا مرشليان ويروي تفاصيل الإنتاج الفني وتعطل الحركة الدرامية إثر موجة كورونا، ويجمع في بطولته فنانين سوريين ولبنانيين في توليفة مستحدثة على أرض الإمارات أبرزهم فادي صبيح وكارين رزق الله.
من ناحية ثانية ينطلق المخرج نبيل لبس إلى أبوظبي لتصوير مسلسل يحمل اسم "نسونجي بالحلال" ضمن قالب كوميدي عن نص للمخرج السوري زهير قنوع وتوليفة سورية لبنانية في البطولة تميل أكثر إلى الحضور اللبناني في المشروع الإماراتي، وعلى قائمة الأسماء الفنانون زياد برجي، نادين الراسي، هبة نور، ميرفا القاضي، ومحمد خير الجراح.
والعملان من إنتاج الأردني إياد الخزوز الذي يفرض رؤية درامية أخذت بالتوسع ضمن نطاق مؤسسة أبوظبي للإعلام وتضم مشاريع درامية قصيرة تقوم على نمط المنصات الرقمية بحيث لا يتجاوز عدد حلقاتها العشر. في حين تصر الدراما السورية المحلية التي تأخذ نصيباً من إنتاج الخزوز عبر إعادة تدوير مسلسلات قصيرة صوّرت سابقاً في الإمارات على تسميتها بالعشاريات، فمثلاً أعاد المخرج علي علي تقديم عشارية "إجازة" التي قدمت في أبوظبي لصالح منصة "جوّي" باسم جديد في سورية بذات القصة وباختلاف الممثلين ليغدو اسمها "طبق الأصل".

نجوم وفن
التحديثات الحية

وبناءً على ذلك يعوّم النص المحلي ليحل بدلاً عنه نص "فورمات" معرّب أو نص يجري تداوله بين عدة بلدان بتغيير الأبطال واللهجة وربما الاسم، وهذا ما يؤدي إلى محو تدريجي لهوية الدرامات العربية وإلغاء استقلاليتها سورية كانت أم لبنانية. وتظهر المرحلة المقبلة توجهاً مربكاً للدراما في أبوظبي يعجن السياسة بالفن وبمواصفات غير دقيقة، بدأ ذلك بمسلسل "ممالك النار" قبل عام من إنتاج شركة "جيوميديا" حيث شيطن النص الأتراك في واقعة "مرج دابق" الشهيرة بين العثمانيين والمماليك، وعمل على بث رسائل سياسية مباشرة وقعت في فخ التوثيق المتسرع والتسييس الواضح. وكان المشروع سيتابع عبر عمل ثان يصّور في تونس أيضاً ويروي فترة السفربرلك في عشرينيات القرن الفائت، ويشيطن تركيا ثانية بخليط عربي لكن ظروف كورونا أجلت المشروع إلى العام القادم.
من ناحية ثانية ظهر التأثير الإماراتي واضحاً على بنية مسلسل "شارع شيكاغو" الذي صوّر في دمشق، وقدّم على أنه مسلسل سوري خالص عبر أدلجة الصراع لإقحام تركيا في المشهد السياسي السوري في خمسينيات القرن العشرين، عبر وضع علم تركيا في المشاهد وربطه بحركة الإخوان وإظهار وجودها في سورية على أنه تطرف يجلب الدمار ويقض مضجع الحياة المدنية في تلك الأيام. وبتكرار المشاهد، يظهر أن أبوظبي تعمل جاهدة على اللعب في كافة أنواع الدراما، فبعد بث الرسائل في الأعمال التاريخية، انتقلت لتقديم دراما تخاطب عقول المراهقين عبر مسلسل "المنصة" الذي يصوّر الإرهاب الإلكتروني عبر الشبكات الرقمية، وبالتالي وقع المسلسل في مطب التسييس، كونه لم ينفّذ بشكل محايد أو بطريقة غير مباشرة تجنبّه التأطير الواضح للرؤية الدرامية.

المساهمون