أبناء الشهداء والأسرى الفلسطينيين يحتفلون بنجاحهم في "التوجيهي"

أبناء الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين يحتفلون بنجاحهم في "التوجيهي"

15 يوليو 2020
الفلسطينيون الناجحون اعتادوا الاحتفال أينما وُجدوا (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

 

نجاح الأبناء في الثانوية العامة مناسبة للاحتفال، فالعائلة تشهد انتقال هؤلاء الفتية والفتيات من مرحلة إلى أخرى تُعَدّ حاسمة لمستقبلهم. الفلسطينيون كما سواهم يولون الأمر أهمية كبرى، ويحتفلون رغم كلّ المنغّصات.

لم تغب فرحة النجاح في امتحانات الثانوية العامة أو "التوجيهي" عن منازل الشهداء والجرحى والأسرى في القدس المحتلة كما في أنحاء الضفة الغربية كلها. لكنّ تلك الفرحة اختلطت بغصّة على الذين رحلوا والذين ما زالوا أسرى في برّادات الاحتلال  كما هي الحال في منزلَي الشهيدَين مصباح أبو صبيح وإبراهيم العكاري، وعلى الجرحى كما هي الحال في منزل عائلة الطفل الجريح طارق فراس العيساوي من بلدة العيسوية، وعلى الأسرى كما هي الحال في منزل الأسير مالك بكيرات التي احتفلت ابنته مع جدَّيها بنجاحها وتفوّقها في غيابه.

والد الشهيد مصباح أبو صبيح احتفل بحفيده محمد مع أعمام الأخير فور إعلان نتائج الثانوية العامة، ولم يتمكّن الجدّ من حبس دموعه وهو يحتضن محمد مستذكراً ابنه الشهيد الذي ما زالت جثّته محتجزة في برّادات الاحتلال منذ أكثر من ثلاث سنوات وقد قرّرت السلطات الإسرائيلية معاقبته شهيداً ومعاقبة أسرته وأبنائه سواء محمد أو شقيقه الأكبر المحامي صبيح أبو صبيح المعتقل منذ ثلاثة شهور من دون أن يصدر في حقّه أيّ حكم بالسجن بعد. يقول والد الشهيد وإلى جانبه حفيده محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لحظة الفرح هذه انتظرناها طويلاً، غير أنّنا ندعو إلى الله كي يُطلق سراح صبيح. ونحتفل اليوم مع محمد وندعو له بالتوفيق والنجاح وأن يكون خير قدوة مثلما كان والده رحمه الله". وحتى اللحظة، لم يقرّر محمد بعد أيّ مسار يسلكه بعد الثانوية العامة. ويوضح لـ"العربي الجديد": "أنا في حاجة إلى الوقت حتى أحسم خياراتي. فترة الامتحانات لم تكن سهلة لا سيّما أنّها تزامنت مع أزمة كورونا. لقد مررنا بأوقات صعبة وخضنا تجربة الامتحانات بعد فترة حاسمة تعلمنا فيها عن بعد".

 

 

لا يختلف الأمر في منزل عائلة الشهيد إبراهيم العكاري الذي ارتقى قبل أكثر من خمس سنوات بعد تنفيذه عملية دهس جنود إسرائيليين في حيّ الشيخ جراح بالقدس المحتلة. أفراد العائلة جميعاً احتفلوا بنجاح حمزة نجل الشهيد إبراهيم العكاري، في امتحانات الثانوية العامة، وهو نجاح غمر العائلة بفرحة لم تخلُ من كدر. واحتضنت الوالدة ابنها وهي تفاخر بنجاحه على الرغم من الأوضاع الصعبة والمعاناة الكبيرة التي خلفها استشهاد ربّ العائلة. وتتحدّث والدة حمزة لـ"العربي الجديد" عن فرحتها بنجاح ابنها، مشيرة إلى أنّها تركت له "اختيار مسار التعليم الذي يرغب فيه مستقبلاً". وتؤكّد الوالدة التي وقفت إلى جانب حمزة في ظروف التعليم الصعبة، أنّه "جلب في النهاية الفرحة لها ولجميع أفراد الأسرة. ونجاحه أتى ثمرة اجتهاد ومثابرة".

من جهة أخرى، كانت المحامية والأسيرة المحررة شيرين العيساوي أوّل من بشّر بنجاح طارق ابن شقيقها فراس الذي فقد إحدى عينَيه قبل أكثر من سنتَين بعيار مطاطي في خلال اقتحام قوات الاحتلال لبلدة العيساوية. وكتبت على صفحتها على موقع "فيسبوك": "مبارك لطارق ابن شقيقي، طارق نجح بالتوجيهي بمعدّل جيّد جداً رغم الاعتقالات المتكررة خلال العام الدراسي، ورغم خسارته عينه وقضاء الوقت في المستشفى، إلا أنّ الإرادة قوية والإصرار على النجاح رغم كل التحديات. فخورون بك يا بطل". لم تكن العمّة وحدها التي عبّرت عن سعادتها بنجاح طارق، فالفرحة غمرت كلّ أفراد العائلة على الرغم من استذكار أسراها وفي مقدّمتهم سامر العيساوي. كذلك لم يخفِ الجدّان سعادتهما عمّت إذ البيت الذي ينتظر على أحرّ من الجمر عودة الأبناء الأسرى. ولأنّ الفرحة كبيرة، ملأت الألعاب النارية سماء بلدة العيسوية، فاستنفر جنود الاحتلال قبل أن يقتحموها ويطاردوا المحتفلين بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. ويقول الجدّ لـ"العربي الجديد": "اعتدنا اقتحاماتهم للبلدة مرّات عدّة في اليوم الواحد. هم يستفزّون الشبّان قبل أن يتحوّل استفزازهم إلى غضب لدى شبّاننا. ونحن على الرغم من كلّ الألم، فرحنا بنجاح  طارق".

 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

 

تجدر الإشارة إلى أنّه في وسط بلدة العيسوية، ليس بعيداً عن منزل عائلة طارق العيساوي، سُجّلت مواجهة مع الاحتلال وسط أجواء الفرح التي رافقت نجاح الفتى. واختلطت أصوات المفرقعات النارية بأزيز قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي، مع العلم أنّ إصابتَين وقعتا نتيجة تلك القنابل وأربع إصابات نتيجة ذلك الرصاص فيما عانت امرأة حامل اختناقاً بالغاز المسيل للدموع. وعلى الرغم ممّا حدث في العيسوية ومحاولات الاحتلال تنغيص فرحة الفلسطينيين ليس فيها فحسب إنّما كذلك في أحياء القدس الشمالية وفي البلدة القديمة، فقد سُجّلت مشاهد من الصمود والتحدّي.

المساهمون