أبطال اليوتيوب: شاهد قبل الحذف

أبطال اليوتيوب: شاهد قبل الحذف

15 نوفمبر 2016
+ الخط -

نشاهد في كثير من الأحيان، فيديوهات عنيفة للغاية على موقع يوتيوب، كجرائم الحرب والإرهاب التي يسيء توثيقها للإنسانية والضحايا على حدٍّ سواء، وأحيانًا نشاهد بعض المقاطع الإباحية على الموقع، ونسارع حينها للعب دور الرقابة الاجتماعية، فنقوم بالتبليغ عن الفيديو، ونحن نأمل أن تستجيب إدارة الموقع لطلبنا، أو أن يحدّ من انتشار هذه الفيديوهات في موقع الفيديو الأكثر تداولًا في العالم.

غالباً ما يستجيب فريق عمل يوتيوب للتبليغات التي تصله، إلا أن الاستجابة مهما بلغت سرعتها تبدو بطيئة في كثير من الأحيان، فهي تتمّ بعد أن ينتشر الفيديو على نطاقٍ واسعٍ، وبعد أن يحقّق ناشر الفيديو مبتغاه، ويقوم بإيصال الرسالة التي يريد عبر هذا الموقع، وهذا ما يمارسه "داعش" اليوم باستمرار.

مما لا شك فيه، أن إنشاء قنوات فيديو على الإنترنت منح الحريّة المطلقة للأفراد، وتحرّر الإعلام والفن من سلطة ورقابة رأس المال والأنظمة السياسية، وهذا ما أثّر بشكل إيجابي على الإعلام والفن، فانتشرت في العقد الأخير، العديد من التجارب الفنية لشباب هواة على الإنترنت، واستطاعوا أن يقدّموا أشكالًا جديدة ومحتوىً فكريًا حرًا بعيدًا عن الديماغوجية التي كانت تمارسها القنوات الرسمية، كما استطاعت الفيديوهات التي صورّها "الصحافيون المواطنون"، أن تساهم في تكوين الرأي العام العالمي في فترات محدّدة، ولا سيما في ثورات "الربيع العربي".

لم تلعب هذه القنوات الحرّة دورًا إيجابيًا في معظم الأحيان، وبسبب إنشائها، تعرّضت العديد من الفيديوهات للسرقة والقرصنة، وتمّت فيها الإساءة والتشهير بالكثير من الأشخاص، ناهيك عن مساهمتها في نشر الفيديوهات الجنسية والعنيفة.

ورغم استجابة إدارة يوتيوب الفعالة لخاصية التبليغات، ودراستها بموضوعية في أغلب الأحيان، دون الاستناد لمبدأ الكم الساري في مواقع أخرى مثل فيسبوك، إلا أن السؤال الأهم في هذا الموضوع هو: ما أهمية حذف الفيديو بعد انتشاره؟ وخصوصًا الفيديوهات الجنسية والعنيفة، بعد تحقيقها لأهدافها قبل الحذف؟ وأليس من الأجدى ضبط هذه الفيديوهات قبل تحميلها؟ ثم كيف تمكن السيطرة عليها بعد تنزيلها وإعادة تحميلها مجدّدًا بعد حذفها من طرف المستخدمين، والذين يحافظون على بقائها على يوتيوب بطريقة إعادة نشر ما تمّ حذفه في كل مرّة؟

إن الفريق المسؤول عن التحقّق من الإساءات المبلّغ عنها، بإمكانه الاطلاع على الفيديوهات، المشكوك في أمرها، قبل أن يتم تحميلها، مما يمكّن موقع يوتيوب من تحاشي نشر بعض الفيديوهات التي تعتبر "مسيئة" من طرف المستخدمين للموقع، والتي من الممكن أن يتم ضبطها بسهولة في معظم الأحيان، حيث يعبّر عنوانها عن محتواها غالبًا، لدرجة أن بعض الفيديوهات ترفق بعبارة "شاهد قبل الحذف"، إلا أن إجراء أي رقابة على الفيديوهات قبل أن يتم نشرها على يوتيوب، ورفض البعض منها، سيؤثّر بشكل كبير على شعبية موقع اكتسب مكانته من خلال إعطاء المستخدمين مطلق الحرّية للنشر على قنواته، بالإضافة إلى ذلك؛ تبدو عملية الموافقة على محتوى الفيديوهات قبل تمريرها للنشر أمرًا مستحيلًا، بالنسبة لموقع يحتل المرتبة الثانية في العالم حسب موقع "أليكسا".

وفي سبيل استمرار ريادة موقع يوتيوب، لن يتوقّف الموقع عند بعض مقاطع الفيديو "المسيئة"، بل إنه يحاول الاستفادة منها لأقصى درجة، فيلعب معها دور الحياد، ويعطي للمستخدمين كل الصلاحيات والمسؤوليات المتعلّقة بالرقابة والنشر، وينتظر البلاغات التي يقدمونها لحذف الفيديوهات، ومن ثم يُشعرهم بجودة الموقع وإنسانيته عندما يستجيب لطلباتهم. وفي النهاية يُقنع المستخدم بأنه لعب دور البطل وأنقذ المجتمع من المشاهد اللاإنسانية التي شاهدها من قبل، فيشجّع بشكل غير مباشر على تعقّب هذه الفيديوهات وممارسة الرّقابة عليها، ويضمه إلى سلسلة العمّال المجانيين الذين يدّرون على على الموقع المزيد من المشاهدات والأرباح.

المساهمون