لا رغبة أميركية بمؤسسة عسكرية حقيقية (صالح محمود ليلى/الأناضول)
تشير آليات تدريب المعارضة السورية، التي تشرف عليها الولايات المتحدة الأميركية، إلى عدم رغبة الأخيرة في نشوء أية مؤسسة عسكرية حقيقية، تتمتع بحامل سياسي يوجّه عملها، وإصرارها على تكريس حالة الفرق والألوية والكتائب المستقلة التي يديرها أمراء حرب، يتبعون بشكل مباشر للجهة الداعمة، والذين يمكن التحكم من خلالهم بسير المعارك ووجهتها، كما يمكن إشعال معارك جانبية فيما بينهم في حال اقتضت الحاجة. علماً أن جميع المخاوف التي تتذرع بها واشنطن خلال تدريب المعارضة المسلحة تعود إلى آلية التدريب التي تقوم على ترشيح عناصر من الفصائل التي تعتمدها الولايات المتحدة للتدريب من خلال التنسيق المباشر مع تلك الفصائل. وبعد فترة التدريب تعود تلك العناصر لفصائلها، مع دعم تقدمه الولايات المتحدة لتلك الفصائل، من دون أن يكون لقيادة أركان الجيش الحر أو وزارة الدفاع أي دور ما عدا الأدوار الشكلية والبروتوكولية.
مخاوف الولايات المتحدة التي طرحتها مراراً، والتي يأتي في مقدمتها موثوقية العناصر الذين سيتم تدريبهم وضمان عدم حصولهم على التدريب الأميركي ومن ثم الالتحاق بفصائل من المصنفة ضمن لائحة الإرهاب، بالإضافة إلى التخوف من دعم الفصائل المدربة بسلاح ثقيل ومن ثم تحول هذا السلاح ليوجه ضدها من خلال انتقال الفصيل بالكامل إلى الجهة الأخرى، أو عدم قدرته على حماية هذا السلاح وتركه للفصائل المتطرفة "وفق التصنيف الأميركي"، تعد مخاوف حقيقية. وقد حصل بالفعل أن انتقل عناصر ممن دربتهم واشنطن إلى كل من تنظيمي "داعش" وجبهة النصرة بعد تلقيهم التدريب.
كما استطاعت النصرة الحصول على سلاح أميركي تم تسليمه لبعض الفصائل المحسوبة على واشنطن. إلا أن هذه المخاوف ما كانت لتظهر لو كان هناك نية في إعادة هيكلة هيئة أركان الجيش الحر ووزارة الدفاع، وتشكيل نواة لمؤسسة عسكرية من العناصر المدربة وجعل تبعيتهم الكاملة لهذه المؤسسة بإشراف ضباط خبراء، وتأمين كل ما يلزمهم من سلاح وتدريب عبر هذه المؤسسة. لكن الولايات المتحدة والدول التي تدعم فصائل المعارضة المسلحة عسكرياً يبدو أنها تسعى لتكريس فصائل تتبع لها مباشرة وتنفذ سياساتها، من دون أن يكون لها حامل سياسي على المستوى الوطني يستطيع أن يشكل قوة ضغط لصالح القوى السياسية التي لا تزال تعمل بمعزل عن القوى على الأرض وتكرس حالة استعصاء الحل السياسي.
كما استطاعت النصرة الحصول على سلاح أميركي تم تسليمه لبعض الفصائل المحسوبة على واشنطن. إلا أن هذه المخاوف ما كانت لتظهر لو كان هناك نية في إعادة هيكلة هيئة أركان الجيش الحر ووزارة الدفاع، وتشكيل نواة لمؤسسة عسكرية من العناصر المدربة وجعل تبعيتهم الكاملة لهذه المؤسسة بإشراف ضباط خبراء، وتأمين كل ما يلزمهم من سلاح وتدريب عبر هذه المؤسسة. لكن الولايات المتحدة والدول التي تدعم فصائل المعارضة المسلحة عسكرياً يبدو أنها تسعى لتكريس فصائل تتبع لها مباشرة وتنفذ سياساتها، من دون أن يكون لها حامل سياسي على المستوى الوطني يستطيع أن يشكل قوة ضغط لصالح القوى السياسية التي لا تزال تعمل بمعزل عن القوى على الأرض وتكرس حالة استعصاء الحل السياسي.