آسيا الوسطى خائفة من عودة مواطنيها من سورية

آسيا الوسطى خائفة من عودة مواطنيها من سورية

10 يناير 2015
أذربيجان توقف مقاتلين عائدين من سورية (الأناضول)
+ الخط -
تتزايد أعداد الإرهابيين العائدين من سورية إلى آسيا الوسطى، الأمر الذي يثير المخاوف من قيامهم بأعمال إرهابية في بلدانهم.

وكشفت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية نقلاً عن وزارة الأمن القومي الأذربيجانية، أنه تم إلقاء القبض على عشرة مقاتلين عائدين بعد جولة من القتال في صفوف تنظيمات إسلامية في سورية.

وأفادت الوزارة بأنه تم إلقاء القبض على هؤلاء في إطار عمليات بحث وتحرٍ قامت بها قوات الأمن الأذربيجانية، مشيرة إلى أن الموقوفين دخلوا الأراضي السورية في العام 2014 بطريقة غير شرعية، وهناك تلقوا تعاليم دينية متطرفة وتدريبات عسكرية على أنواع مختلفة من الأسلحة ضمن تشكيلات إسلامية مسلّحة خارجة عن القانون.

وقالت الوزارة إن عمليات التحري والتحقيق مستمرة للتدقيق في جميع تفاصيل القضايا المتهمين بها، ولمعرفة الأشخاص الآخرين المتورطين في شبكة الإرهاب وتجنيد المقاتلين ونقلهم إلى سورية.

وتبدو أذربيجان قلقة من عودة المقاتلين بعد اكتسابهم خبرة قتالية وحشو أدمغتهم بتعاليم متطرفة، لتنفيذ عمليات في بلدهم أو في بلدان الجوار التي تربطها بباكو مصالح واتفاقات.

وليس بعيداً عن ذلك حال بقية دول آسيا الوسطى التي تتعاون مع روسيا لقطع هذا الطريق، وهو هدف لا يزال صعب التحقيق، في ظل الاستثمار السياسي والاقتصادي في الإرهاب، على أرض سورية والعراق وغيرهما من البلدان.

ما ينتظر بلدان رابطة الدول المستقلة من مخاطر عودة المقاتلين الإسلاميين، وإمكانية تسلّل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عبرهم إلى الإقليم، كان موضوع نقاش في أستانا عاصمة كازاخستان في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. هناك، اجتمع مديرو الأمن القومي لبلدان رابطة الدول المستقلة في ضيافة رئيس كازاخستان، نور سلطان نازارباييف.

وخلال ذلك الاجتماع، جرى تبادل معلومات كانت موضوعة تحت خانة السرية إلى ذلك الحين. وتم الإعلان أنّه بفضل جهود متضافرة مشتركة على أراضي دول الرابطة، تمكنت الأجهزة الأمنية في غضون أقل من عام، من القضاء على سبع مجموعات إرهابية، وتصفية 59 من قادة المقاتلين، وتحويل 120 آخرين إلى المحاكم. وأفادت صحيفة الأنباء الكازاخستانية حينها بأن لبعض هؤلاء علاقة مباشرة بـ"داعش"، وأنهم كانوا يُعدّون لسلسلة عمليات إرهابية متزامنة في عدد من دول الرابطة.

إضافة إلى ذلك، تكشف معطيات الأجهزة الأمنية، عن وجود عدة آلاف من مواطني بلدان رابطة الدول المستقلة يقاتلون في صفوف "داعش" في سورية، مع إدراك الجهات الرسمية بأن الأرقام التي لديها تقل عن عدد المشاركين الفعليين، علماً بأن إدارة الأمن الفيدرالي الروسي أعلنت عن مشاركة أكثر من 1500 روسي في القتال بصفوف "داعش" في سورية والعراق.

وعلى الرغم من أن الأرقام التي صرّحت بها لجنة الأمن القومي في كازاخستان ليست بهذا الحجم، إلا أنها كافية لإثارة المخاوف من نشاط إسلامي متطرف على أراضي الجمهورية. فالحديث يدور عن حوالي 300 مقاتل من كازاخستان، معظمهم من النساء، وتم تشكيل ما يُسمى "الجماعة الكازاخية"، كما تقول مصادر الأمن القومي في أستانا.

وأما حال طاجيكستان فليس أفضل، وهي المتاخمة لأفغانستان، والتي شكلت على مدى السنوات الأخيرة معبراً للمقاتلين الإسلاميين نحو روسيا وسواها. ففي السادس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن وزير داخلية طاجيكستان، رمضان رحيم زاد، خلال حوار مباشر مع قراء جريدة "طاجيكستان"، أن "أكثر من 200 من الطاجيكيين موجودون في سورية في صفوف المقاتلين الإسلاميين، وأن أكثر من خمسين آخرين قُتلوا هناك".

ووفقاً لمعطيات وزارة الداخلية الطاجيكية، فإن انتقال المقاتلين الإسلاميين إلى سورية يتم عبر تركيا، حيث يجري توزيعهم على معسكرات للإرهابيين، على حد تعبير الوزير الطاجيكي.

وفي السياق نفسه، كانت وكالة أنباء طاجيكستان قد أعلنت، في نوفمبر/تشرين الثاني، نقلاً عن نائب رئيس لجنة الأمن القومي في طاجيكستان أكرم أمونوف، أن حوالي 300 مواطن طاجيكي يشاركون الآن في القتال على أرض سورية.

وقد تحدث هذا المسؤول الأمني أمام برلمان بلاده عن أن المقاتلين الطاجيك ينتقلون إلى سورية عبر روسيا فتركيا، وكذلك عبر أفغانستان. وقال حينها إن أحد مراكز إرسال المقاتلين إلى سورية يقع في شارع "بروسبيكت ميرا" في العاصمة موسكو. وربما كان يلمّح إلى المسجد الكبير الذي يؤمه آلاف المسلمين في هذا الشارع.

وكانت وسائل الإعلام قد تحدثت في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن مقتل الطاجيكي الملقب بإبراهيم في جنوب سورية، واسمه الحقيقي ديلشاد يوريفيتش فاسيلوف، وكان قبل سفره للقتال في منطقة درعا يعيش في مدينة روستوف الروسية. وفي طريقه إلى الموت، قصد دار أهله في مدينة كولياب الطاجيكية وأودعهم ولديه الصغيرين، كما يقول موقع "أوسترانا.رو".

إلى ذلك، تتوقع أوساط المهتمين بروسيا تزايداً في أعداد الذين ستتمكن الجماعات الإسلامية من تجنيدهم، في ظل ضعف التعليم والتنمية في بلدان آسيا الوسطى، وفي ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها روسيا، وتراجع فرص العمل فيها، إذ صرحت إدارة الهجرة الفيدرالية عن تراجع العمالة الوافدة بنسبة سبعين بالمئة في بداية هذا العام. مما قد يعني رفد "داعش" بمزيد من المقاتلين الفقراء المجهّلين القادمين من آسيا الوسطى عبر روسيا فتركيا، بانتظار ما سيحملونه من موت للسوريين وموت مرتدّ إلى بلدانهم وعموم الإقليم.

المساهمون