"يديعوت أحرونوت": ترامب منح نتنياهو كل ما يحلم به

"يديعوت أحرونوت": ترامب منح نتنياهو كل ما يحلم به

06 مارس 2018
لم يتوقع نتنياهو كل ما قدمه له ترامب(أوليفييه دوليري/Getty)
+ الخط -
اعتبر عددٌ من المراسلين والكُتّاب في الصحافة الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حصل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائهما أمس في البيت الأبيض، على كل ما يحلم به، ولم يكن له أن يتوقع الحصول على أكثر من ذلك.

وأقرّت أورلي أزولاي، الموفدة الدائمة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى الولايات المتحدة، بأنه "لم يكن بمقدور نتنياهو أن يتوقع الحصول على أكثر مما حصل عليه، فقد أعلن ترامب على مسمعه أمام عدسات الكاميرات، كل ما كان يحلم بسماعه: إنه من المحتمل أن يحضر شخصياً مراسم افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وإنه لن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين إذا لم يأتوا لطاولة المفاوضات، وإنه يشعر بالفخر لاستضافته نتنياهو في البيت الأبيض، وأيضاً بالطبع لاستضافة سارة نتنياهو".

ولم يفت مراسلة "يديعوت أحرونوت" أن تشير إلى الخروج عن قواعد البروتوكول الرسمي في البيت الأبيض، والذي تمثل بإبقاء زوجتي ترامب ونتنياهو حاضرتين خلال اللحظات الأولى للقاء، التي يسمح خلالها بالتقاط الصور وتوجيه أسئلة أولية، وهو أمرٌ، بحسب أزولاي، غير معمول به عادة في اللقاءات السياسية التي تجمع الرئيس الأميركي بضيوفه الأجانب من زعماء ورؤساء الدول، لكنه حصل في حالة نتنياهو.

وإذا كانت أزولاي اعتبرت أن نتنياهو حصل على كل ما يحلم به، فقد ذهب حيمي شاليف، في "هآرتس"، إلى القول إن ترامب "بات عملياً عضواً في طاقم الدفاع عن نتنياهو"، في إشارةٍ إلى ملفات الفساد التي قد تطرد نتنياهو، والتي شهدت أمس تحولاً كبيراً، عندما أعلن قبل بدء لقاء نتنياهو بترامب بساعات معدودة، عن أن المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ير حيفتس، وقع أمس اتفاقاً مع النيابة العامة، يتحول بموجبه شاهداً ملكياً، مفصحاً للمرة الأولى، عن أن نتنياهو "وفي حادثتين على الأقل (نصب البوابات الإلكترونية أمام الحرم القدسي الشريف في يوليو/ تموز الماضي، واستقبال حارس السفارة الإسرائيلي الذي قتل مواطنين أردنيين أواخر العام الماضي)، اتخذ قرارات في قضايا أمنية وسياسية حساسة، بناء على توجيهات من زوجته سارة وابنه يئير، خلافاً لموقف الأجهزة الأمنية.

وكتب شاليف، في معرض تعليقه على اللقاء، بعد استعراض قصير لدلالات تحول حيفتس إلى الشاهد الملكي الثالث ضد نتنياهو: "أمس، انضم دونالد ترامب إلى طاقم الدفاع عن نتنياهو. لقد تمّ بكل تأكيد وفي وقت سابق، إطلاع الرئيس الأميركي بإيجاز عن كل مشاكل ضيفه الآخذة بالتفاقم، وقد وفّر بحق البضاعة المطلوبة منه على شكل صورة عائلية، وابتسامات واسعة وكيل المديح والإطراء، وبالطبع أيضاً، صوراً دراماتيكية محتملة لمراسم فتح السفارة في القدس التي يمكنها أن تشكل بديلاً رخيصاً للدعاية الانتخابية لنتنياهو والليكود في حال جرت الانتخابات، وعندما تجري. وإذا كان نتنياهو يعتبر الانتخابات طوق نجاته الذي ينقذه من مصائبه، فإن تحول حيفتس إلى شاهد ملكي هي بدون شك الرصاصة التي أعلنت بدء المنافسة الانتخابية".

ولكن كي يتسنى فهم حقيقة "الهدايا والعطايا" التي  حصل عليها نتنياهو أمس من ترامب، ولا سيما في أكثر الملفات سخونة وأهمية، ونعني الملف الفلسطيني، يكفينا إيراد تصريحات نتنياهو بهذا الخصوص بعد لقائه بترامب، ومنها قوله إن الملف الفلسطيني لم يأخذ من كل اللقاء الذي جمعه بترامب أكثر من ربع ساعة، مقارنة بتخصيص باقي الوقت لملفات مثل إيران وقضايا أخرى في الشرق الأوسط.

ويعكس أبرز ما قاله نتنياهو في هذا السياق، حقيقة الانحياز الأميركي التام لمواقف دولة الإحتلال دون إبداء أي محاولة "لتقاسم المسؤولية" عن فشل مساع سلمية مستقبلية.

وفي هذا السياق، قال نتنياهو حرفياً "لقد قال (ترامب) أمراً بسيطاً، إن الفلسطينيين يهربون من المفاوضات بكل السبل. من ناحيتي، لن أقتلع مستوطنات، أنا أصلاً لا أفهم فكرة نقل السكان من أماكنهم، موضوع إخلاء المستوطنات لم يطرح إطلاقاً. لم يحدد ترامب جدولاً زمنياً لخطتهم السلمية".

وعملياً، يمكن القول إن هذه أكبر هدية لنتنياهو واليمين، فخلافاً لإدارات أميركية سابقة فقد حصل نتنياهو من إدارة ترامب منذ الآن على دفع بالغيب، وتحميل الفلسطينيين منذ الآن لكامل المسؤولية عن عدم التوصل إلى حل سلمي، وتحذيرهم بأنه إذا لم يصلوا لطاولة المفاوضات لن يكون هناك سلام.

في المقابل، فإن هذه التصريحات لترامب ونتنياهو على حد سواء، دفعت بالكاتبة نوعاه لانداو، إلى القول إن ما حدث أمس هو مؤشر على بدء احتضار "الصفقة".

وكتبت لانداو في "هآرتس": لقد استغرق ذلك بعض الوقت، لكن رياح الواقع قرعت أخيراً أبواب البيت الأبيض أيضاً. فللمرة الأولى منذ أن دخلت حياتنا الصفقة الوحيدة الممكنة لدونالد ترامب، يبدو صانع الصفقات من واشنطن اليوم متشككاً للغاية بشأن الفرص الحقيقية لنضج الصفقة".

وبحسب لاندو، فإن سرعة احتضار الصفقة، حتى قبل ولادتها، انعكست أيضاً في قول نتنياهو بعد لقائه ترامب، إن الموضوع الفلسطيني أخذ من اللقاء نحو ربع ساعة، فيما كان الموضوع الإيراني في قلب المحادثات بين الرجلين.

وقذ شذّت صحيفة "يسرائيل هيوم" المناصرة لنتنياهو ولترامب على حد سواء عن هذه الأجواء. وكتب موفدها إلى واشنطن درور أدار، أنه في الوقت الذي يصنع فيه التاريخ في واشنطن  بدءاً من مقارنة نتنياهو بين وعد بلفور وبين قرار ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس، تسود حالة الهستيريا في الصحافة الإسرائيلية مع الإعلان عن وجود شاهد ملكي ثالث ضد نتنياهو، هو نير حيفتس.

أدار، الذي يسير على خط دعاية نتنياهو وترامب، فضّل إبراز إعلان رئيس غواتيمالا في كلمته أمام مؤتمر اللوبي الإسرائيلي "أيباك" بشأن نقل سفارة بلاده هو الآخر إلى القدس، ليصل إلى أن الدبلوماسية الإسرائيلية تحصد في الخارج وتحقق إنجازات تاريخية  لتجد نفسها (في إشارة لنتنياهو باعتباره أيضاً وزير الخارجية ورجل الدبلوماسية الإسرائيلية) تقع في قاع سحيق من التحقيقات في الشرطة".

وينهي أدار تعليقه بالإشارة إلى أن "عصر أوباما انتهى وولى بلا رجعة، إذ إن الأمر لا يتوقف على نقل السفارة الأميركية للقدس، بل إن الموضوع الفلسطيني برمته بات ملفاً يتمّ جره، وكأنه مجرد جيفة نتنة فائضة عن الحاجة، وقد أثبت ترامب أنه يعرف كيف يكفر بقوالب تفكير ومواقف المؤسسة الأميركية القديمة".