"هدى" تزيد معاناة أصحاب البيوت المدمرة في غزة (صور)

"هدى" تزيد معاناة أصحاب البيوت المدمرة في غزة (صور)

غزة

حنين ياسين

avata
حنين ياسين
07 يناير 2015
+ الخط -
باتت أقصى أمنيات الطفلة الغزاوية، هنادي عبد الرحمن، التي لم تكمل ربيعها الثامن، أن تحظى بقليل من "الدفء" و"النوم الهادئ"، بعيداً عن تلك الخيمة التي تسكنها مع أسرتها بعد أن دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلتها، في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، خلال العدوان الأخير على القطاع.
ولا تتوقع الطفلة عبد الرحمن أن تتخلص من الجدران القماشية لخيمتها التي لا تحميها من مياه الأمطار والبرد ولا تحجب عنها أصوات الحيوانات الضالة، في وقت قريب في ظل تعطل عملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وتحاول هنادي أن تتناسى كل تلك الأمنيات التي تراودها بالدراسة في كتبها المبللة بمياه الأمطار على ضوء الشموع الخافت مع حلول الظلام، واحتضان دمية قديمة تمكنت من انتشالها من تحت ركام منزلها.
وشنت إسرائيل عدواناً على قطاع غزة في السابع من يوليو/تموز الماضي استمر 51 يوماً واعتبره مراقبون الأشرس في تاريخ المنطقة، تسبب في استشهاد نحو 2130 فلسطينيّاً، وإصابة 11 ألفاً آخرين، بالإضافة إلى تدمير عشرات آلاف الوحدات السكنية والبنية التحتية والمنشآت الحكومية والاقتصادية في القطاع.
ورغم مرور أكثر من أربعة أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع في 26 أغسطس/آب الماضي، غير أن إعادة إعمار ما دمرته الحرب لم تبدأ بشكل حقيقي بعد، باستثناء سماح إسرائيل بتوريد كميات محدودة جدّاً من مواد البناء، يرى مراقبون اقتصاديون أنها لا تكفي غزة إلا ليوم واحد فقط.
وتقول الطفلة هنادي لـ"العربي الجديد": "أتمنى أن أعيش في منزل دافئ مع أسرتي، فهذه الخيمة التي نعيش فيها منذ 4 أشهر لا تحمينا من البرد القارس ولا توفر لنا الأمن، فأنا وإخوتي الصغار نخاف كثيراً من القطط والكلاب التي قد تدخل خيمتنا خلال الليل، ومن أصوات الكلاب الضالة".

وتضيف، بينما انشغل والدها، خالد عبد الرحمن (45 عاماً)، بإشعال قليل من الحطب في محاولة لتدفئة أطفاله وزوجته: "عندما كنت أسكن في منزلنا قبل أن تقصفه الطائرات الإسرائيلية كنت أحلم بالألعاب والحلويات، أما الآن فأتمنى أن أنام على سرير دافئ في منزل طبيعي وأن آكل طعاماً جديداً ولذيذاً يشعرني بالدفء".
وعلى بعد أمتار من خيمة أسرة عبد الرحمن، ظهر الفلسطيني محمود سعد الله (35 عاماً) من فتحة في أحد جدران منزله قطرها نحو مترين، وهو يجلس مع زوجته وأبنائه الثلاثة أمام موقد في محاولة يائسة للحصول على بعض الدفء.
وفي لحظة تبدد هبة رياح باردة، تتسلل من تلك الفتحة في جدار المنزل التي خلفتها قذيفة إسرائيلية استهدفت المنزل خلال العدوان الأخير، ذلك الدفء الذي سكن للحظات في أجساد أفراد أسرة الفلسطيني سعد الله.
ويقول سعد الله لـ"العربي الجديد": "منزلي هذا مصنف على أنه غير صالح للسكن ويمكن أن ينهار سقفه في أي لحظة ولكني لا أملك إلا أن أسكنه وأن أعيش مع أطفالي وزوجتي هذا البرد القارس".
ويضيف "انتظرنا بدء عملية الإعمار طويلا ويبدو أن انتظارنا سينتهي بلا أي نتيجة في ظل الخلافات السياسية والتعنت الإسرائيلي. لا أريد شيئاً من هذه الدنيا سوى أن ينعم أطفالي بالدفء، وأن يناموا في أسرة نظيفة بعيداً عن برد وأمطار الشتاء"، يكمل سعد الله، وعيناه قد اغرورقت بالدموع.
وتتعرض الأراضي الفلسطينية إلى منخفض قطبي، يستمر، حسب راصدين جويين، حتى يوم الأحد القادم، ويتزامن هذا المنخفض مع انقطاع شبه تام للتيار الكهربائي، وغياب وسائل التدفئة الآمنة في عشرات المنازل الغزاوية.
ويزيد تدمير البنية التحتية وخطوط وشبكات الصرف الصحي، وعشرات آلاف المنازل من تأثيرات العاصفة الجوية على قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق تفرضه إسرائيل عليه منذ عام 2007.
وبدأت الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية في القطاع، حملات توعية لتفادي آثار المنخفض، وبامكانيات بسيطة، استنفرت قواتها وأجهزتها للحيلولة دون وقوع أية "كوارث".