"منظمة الصحة العالمية" إحدى ضحايا الإيبولا

"منظمة الصحة العالمية" إحدى ضحايا الإيبولا

29 أكتوبر 2014
انتقد مراقبون تأخر استجابة المنظمة للمرض (Getty)
+ الخط -

بمعزل عن المأساة الإنسانية التي لا تزال تعيشها أفريقيا الغربية، على وقع انتشار إيبولا،
فقد أوقع هذا الوباء ضحية أخرى هي منظمة الصحة العالمية، وبشكل أعم الإدارة الدولية للوباء، التي اعتبرت أنها جاءت متأخرة جدا.

وأكد باتريك زيلبرمان المؤرخ في معهد الدراسات العليا في الصحة العامة "أن الجميع متفقون على أنه حصل تأخير في انطلاق التحرك الذي يعدّ مسؤولا جزئيا عن اتساع وباء" إيبولا، الأخطر منذ اكتشاف الفيروس في 1976 في زائير السابقة.

وهو رأي يؤيده خبيران في معهد أونيل للصحة العامة في جامعة جورج تاون (الولايات المتحدة)، في مقالة نشرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في المجلة الطبية الشهيرة "ذا لانسيت".
وكتب الخبيران "إنها الثغرات في إدارة" منظمة الصحة العالمية التي "سمحت بفقدان السيطرة كلياً على مرض كان يمكن تفاديه"، و"إن لم يحضّ وباء إيبولا على تحقيق إصلاحات كبيرة، فهو سيهدد مصداقية منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، وسيترك الظروف لأزمات مستقبلية".

وبالرغم من الإنذارات المتكررة التي أطلقتها منظمات غير حكومية مثل "أطباء بلا حدود"، لم تدقّ منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر إلا في الثامن من أغسطس/آب الماضي، بإعلانها أن وباء الحمى النزفية في أفريقيا الغربية يشكل حالة "طوارئ صحية عالمية"، داعية إلى "رد دولي منسق".
أي أن هذه الخطوة جاءت بعد عشرين أسبوعا من ظهور أولى الحالات المشبوهة، مما اعتبره المؤرخ الفرنسي "تأخيرا فظيعا".

ورأى زيلبرمان أن بإمكان منظمة الصحة العالمية أن تدعم موقفها بظروف مخففة، مثل قيود الميزانية والأولوية المعطاة للأمراض غير المعدية مثل السرطان. وتمثل ميزانية المنظمة العالمية ثلث ميزانية المراكز المختصة بمراقبة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، وفي عام 2011 اقتطع منها نحو 600 مليون دولار؛ مما أدى إلى تقليص وحدات الرد في أوضاع طارئة، ورحيل بعض خبرائها في مجال مراقبة الوباء، كما ذكر كاتبا المقالة في "ذي لانسيت".
وهذا النقص في الوسائل والرد، ازداد خطورة مع تأخر انطلاق السباق لإعداد علاجات ولقاحات أيضا.

وأقر قبل بضعة أسابيع أحد مكتشفي فيروس إيبولا، البلجيكي بيتر بيوت، بأن "الاهتمام كان قليلا جدا حتى الآن على جميع المستويات، وليس فقط في العالم الصيدلي" بهذا المرض.

إلى ذلك، اعتبر بعض الخبراء في الصحة العامة أن الانتشار السريع للوباء ناجم جزئياً عن ضعف المساعدة اللوجستية في البلدان الأكثر إصابة: غينيا وليبيريا وسيراليون، التي ينقص فيها حتى الأقنعة والقفازات.

وقال سيباستيان تايلور من جامعة "ايست انغليا" في بريطانيا "خلال العقد الماضي خُصّص أقل من 2 في المائة من المساعدة الدولية للصحة في ليبيريا للبنى التحتية الأساسية، وتدريب العاملين في المجال الصحي والتربية العامة".
وأضاف "أن مزيدا من الاستثمارات في المنشآت الأساسية في بلدان مثل ليبيريا، سيكون المفتاح لاحتواء خطر انتشار أوبئة مماثلة في المستقبل".

وقد وصلت بعض حالات إيبولا فقط إلى أوروبا وأميركا الشمالية، بينما تسبب المرض في أكثر من خمسة آلاف وفاة في أفريقيا الغربية.

لكن في الغرب أيضا بدأت الثقة تهتز، ففي إسبانيا أثارت إصابة مساعدة طبية، أول شخص يصاب خارج أفريقيا بعد اتصالها بمراسل إسباني مريض، غضب مجلس نقابة الممرضين، الذي ندّد بنقص المعدات والتدريب المناسب لطواقم مستشفيات عدة في البلاد.

وفي الولايات المتحدة أشار استطلاع للرأي أجري بين 15 و20 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن 54 في المائة من الأشخاص المستطلعين يشعرون بقليل من الخوف أو حتى لا يشعرون البتة بالخوف من الإصابة بالفيروس، مقابل 58 في المائة في مطلع أكتوبر/تشرين الأول.

المساهمون