"مخلفات البيئة"... قطع فنية على يد غادة الطواشي

"مخلفات البيئة"... قطع فنية على يد غادة الطواشي

10 فبراير 2019
+ الخط -
لم تهمل الفنانة الفلسطينية، غادة الطواشي، زجاجة فارغة تعثرت بها في فناء منزلها، إذ جمعتها إلى جانب قشرة ثمرة "جوز الهند" وأغصان ورد جافة، لتصنع منهم مجسماً فنياً لافتاً.

واتخذت الفنانة الطواشي 25 عاماً من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة من مخلفات البيئة والطبيعة، ومخلفات البيت، مواد خام لعملها الفني الذي تحاول من خلاله صنع التحف واللوحات والمجسمات، ذات الطابع الفني الفريد. "صنع شيء من لا شيء" هو المبدأ الذي بدأت بتطبيقه الطواشي، إذ تقوم بأخذ أي قطعة غير لازمة، بهدف إعادة تدويرها، ودمجها في المجسمات الفنية، والتي يتم تصميمها وتجهيزها وفقاً للقطع المتوفرة. ورشة عمل الفنانة هي غرفتها، إذ تحتوي على "ضجيج" القطع اللازمة وغير اللازمة، المفيدة وغير المفيدة، من جهة، ومجموعة من التحف والقطع والمخرجات الفنية الزجاجية س التي صنعتها باحتراف، من جهة أخرى. "أنا لا أرمي أي شيء، إذ أقوم بتجميع الأدوات والقطع الخشبية والزجاجية وقطع القماش التي ترميها أمي، أو التي أصادفها داخل البيت، أو حتى في طريق عودتي إلى منزلي، لاستغلالها وإعادة تدويرها"، تقول الفنانة غادة الطواشي لـ "العربي الجديد". وتوضح أن موهبتها بدأت مذ كانت صغيرة، إذ كانت تصنع المجسمات الفنية المصنوعة من الشمع، والورود المجففة، مضيفة: "كانت القطع المصنوعة تعجب معلمة الفنون الجميلة، وزميلاتي، ما شجعني على صنع المزيد". شغف الفنانة الطواشي اشتعل بعد أن كبرت، وأصبحت تطوره يوماً بعد الآخر، عن طريق متابعة المواقع المحلية والأجنبية ومقاطع الفيديو الخاصة بإعادة تدوير مواد البيئة، دون أن يمنعها عدم توفر مدربين مختصين بهذا الجانب. وتكتظ الغرفة الخاصة بتصنيع التحف الفنية، بقطع الأخشاب الصغيرة والكبيرة، قطع القماش، القطع المعدنية، الأوعية الزجاجية، علب الكولا، أدوات مطبخ، أعواد الأشجار والورود الجافة، القطع الملونة، قطع الكارتون والبلاستيك، سلال مستخدمة، وغيرها من المواد. وبدأت الفنانة غادة بصنع المجسمات الفنية المتنوعة، إذ حَوّلت زجاجة فارغة إلى أخرى تضج بتفاصيل الجمال، حيث قامت بطلاء الزجاجة بمادة الجبس السائل، ومن ثم دهنها بطلاء خاص بالأخشاب، ما جعلها تبدو وكأنها زجاجة خشبية، زينتها من الخارج بقطع قماشية مطرزة، لثوب قديم، بينما زينت أخرى بإكسسوارات متنوعة.
ذلك الشغف الظاهر في عيون الفتاة العشرينية لم يتوقف، إذ تحاول إثبات ذاتها وفنها على أي قطعة تلتقطها، إذ قامت بصنع تحفة فنية من مرطبان مربى فارغ، بعد أن قامت بتنظيفه، ووضع رمل البحر داخله، والورد المجفف، والزلف، لتبدو وكأنها بيئة بحرية، بينما أضافت الماء على قطعة أخرى مشابهة. وصنعت كذلك سلال الورد المزينة بالأعواد الملونة، وبطاقات المعايدة، بينما استغلت أكياس الأرز الفارغة، لتلوينها، وتزيينها بالقطع المطرزة، لصنع كيس جميل، يبدو وكأنه قطعة فنية، كما صنعت البراويز من عيدان الكبريت، ولم تفلت منها حتى معلبات الفول، التي قامت بتحويلها إلى "مقالم" مدرسية.


وتستغل الطواشي معظم الأدوات المحيطة بها لصنع القطع الفنية، إذ تستوحي من كل قطعة فكرة مختلفة، فتصنع من الزجاجات أوعية، ومن أعواد الورد والقمح والقطع القماشية مواد لتزيينها. ولم تهمل الطواشي مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قامت باستغلالها لنشر أعمالها، بعد تصوير مختلف القطع الفنية والأعمال اليدوية والمجسمات واللوحات التي تنتجها، ما حظي بإعجاب أصدقائها على موقعي "فيسبوك" و "إنستغرام"، وحَوّل قطعها من هدايا للأصدقاء والأقارب، إلى مشروع خاص أسمته "بيتي"، تيمناً بمصدر المواد الخام والفكرة. وتطور عمل الفنانة الطواشي، ليشمل تعليقات المناسبات بألوان زاهية ومتنوعة، مجسمات 3D لبطاقات التهاني، أكياس ملونة، تحف فنية بأشكال مختلفة، صناديق الهدايا، معلقات الورد، الأكسسوارات، المطرزات والكروشيه، أغطية الجوالات، وغيرها من القطع الفنية.

لم تمنعها الأوضاع الاقتصادية الصعبة من مواصلة عملها وصنع القطع التي تميزها عن غيرها، على الرغم من التأثير السلبي الذي طاولها، على اعتبار أن ما تنتجه أعمال ثانوية وغير أساسية في حياة المواطنين، الذين يسعون لتوفير حاجياتهم ومستلزماتهم الضرورية. لكنها في الوقت ذاته لم تنكر تعرضها لعدد من العقبات التي تواجه عملها إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتردية، كالانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وانعدام الآلات اللازمة لتصنيع وإعادة تدوير المواد الخام، وعدم الاهتمام بالمواهب الفلسطينية، وتوفير الدعم اللازم لها.

دلالات

المساهمون