"متوحدون ومعوقون" مغاربة محرومون من المدارس

"متوحدون ومعوقون" مغاربة محرومون من المدارس

14 سبتمبر 2017
رفض إدماجهم في المؤسسات التعليمية (Getty)
+ الخط -

يحاول محمد لوتي، أب لطفل يعاني من مرض التوحد، تسجيل ابنه الصغير مراد في مدرسة ابتدائية في القطاع العمومي، لكنه في كلّ مرّة يجد الردّ نفسه بالرفض من قبل مسؤولي هذه المؤسسات التعليمية.

حاول والد مراد أن يقنع مديري المدارس التي لجأ إليها بأن ابنه يمكنه أن يشارك في الحياة المدرسية بشكل عادي وطبيعي، بوجود مرافقة له تعينه على تدبّر شؤونه اليومية، لكنه فشل في إيجاد آذان صاغية له.

يقول الأب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه وجد صعوبة كبيرة في تسجيل ابنه داخل مدرسة عمومية يتابع فيها دراسته مثل باقي الأطفال، إلى درجة أنه صار يائسا من قبوله هذا العام.

معاناة وشكوى محمد سبقه إليها، في الموسم الدراسي الماضي، والد الطفلة آية، في سنتها السادسة، حيث قال لـ"العربي الجديد"، إنه انتقل إلى عدد من المؤسسات التعليمية العمومية، فكان الجواب هو الصد القطعي، والإحالة إلى جمعيات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.

ويضيف المتحدث ذاته بأنه جرّب اللجوء إلى المؤسسات التعليمية الخصوصية، فلم يجد منها سوى الرفض وعدم القبول، بدعوى أن هذا المرض لا يمكن مواكبته، ولا توجد كوادر متخصصة فيه.


وتابع الأب بأنه عانى الأمرّين قبل أن تلوح بارقة أمل في تسجيل ابنته الصغيرة في مدرسة خاصة، بعد أن تفهّم المدير حالتها، وتعاطف مع مأساته النفسية والاجتماعية، ليتم تسجيلها برفقة أطفال أسوياء.

مدير مدرسة "سكول" الخصوصية في مدينة الرباط، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ المشكلة في عدم قبول أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو مصابين بالتوحد أو التثلث الصبغي، كون المدارس لا تستطيع تلبية احتياجات هذه الفئة، بالنظر إلى خصائص الكوادر الملائمة في هذا المجال.

وتابع المتحدث أنه يشاطر العائلات آلامها ومعاناتها في تسجيل أبنائها من مختلف الإعاقات الحركية وغيرها مع أشخاص أسوياء، لكن تظل مشكلة غياب بنيات الاستقبال حاضرة، ما يعيق إدماج هؤلاء التلاميذ بشكل طبيعي وسلس في المدارس.

وأردف أن هناك جمعيات تتكلف بعدد من الإعاقات والاحتياجات الخاصة، تدخل في شراكات مع مؤسسات تعليمية، ولديها أقسام خاصة بهذه الفئة، مضيفا أنه يمكن لهذه الأسر التوجه إلى هذه الأقسام.

والد آية يرد على هذا الكلام بقوله إنه يتعين عدم التمييز بين الأطفال بناء على الإعاقة الجسدية، حيث يتم تخصيص أقسام للمصابين بالتوحد أو المصابين بإعاقات حركية، وأقسام أخرى للأطفال الأسوياء بدنيا وذهنيا، لأن هذا يشكل تمييزا صارخا ضد حقوق الطفل والإنسان، وفق تعبيره.

صعوبة إدماج الطفل المصاب بالتوحد وغيره من ذوي الاضطرابات السلوكية والذهنية داخل المدارس، لاقاها أيضا والد طفلة صغيرة، لكن هذه المرة كان السبب ماديا صرفا، حيث عثر على مدرَسة قبلت بوجود طفلته، لكنها طلبت منه مرافقةً تلازمها من أجل متابعة تصرفاتها ومراقبتها داخل الفصل.

وأوضح المتحدث أن تخصيص مرافقة متخصصة في متابعة حالة ابنته أمر صعب التحقيق، باعتبار أن ذلك يتطلب ميزانية مالية باهظة لا يمكنه توفيرها، موردا أنه بالكاد يستطيع تدريس طفلته في مدرسة خاصة، ما جعله يتخلى مؤقتا عن تعليم ابنته.

رشيد كومي، مؤطر متخصص في اضطرابات السلوك، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن عدم قبول طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو مصاب باضطراب التوحد، يخرق الدستور بشكل صريح، لأنه ينص على مساواة المواطنين في جميع الحقوق.

وتابع المتحدث أن هذه الفئة من الأطفال تعاني من مشكلة الإدماج في الوسط المدرسي، كما أنهم يعانون من غياب الرعاية الصحية والاجتماعية، ما يفاقم مشاكل الأسر التي تؤويهم، مطالبا بإنشاء مراكز تعليمية وصحية متخصصة لهذه الحالات، كما هو الحال في بعض بلدان الخليج.