"ماكس فيبر وكارل ماركس": نص أساسي في الاغتراب والعقلنة

"ماكس فيبر وكارل ماركس": نص أساسي في الاغتراب والعقلنة

09 اغسطس 2020
تمثال ماركس في مدينة شمينتز الألمانية، للفنان ليف كيربل
+ الخط -

يعدّ كتاب "ماكس فيبر وكارل ماركس" للمفكر الألماني كارل لويث (1897-1973) نصاً أساسياً في التفسيرات الحديثة لموضوع الاغتراب في النظرية الماركسية والعقلنة في سوسيولوجيا فيبر. ويعتبر أفضل مقدمة قصيرة للباحثين في الاختلافات والمقارنات بين هؤلاء المفكرين الأساسيين.

وقد أصدرت سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" الكتاب بترجمة عبد الله حداد، والذي اعتمد فيه ويث منهجًا فلسفيًا هو نتاج وجودية مارتن هايدغر.

الصورة
غلاف الكتاب

يأتي الكتاب في أربعة فصول؛ في الأول يقدّم لويث فيها المؤلف طرحًا لإشكالية كتابه، وتوصيفًا عامًا لفيبر وماركس. يقارن ويث بين فيبر وماركس، يقول: "مقارنة كهذه تعتمد على ثلاث فرضيات مسبقة. تفترض أولًا، أن ماركس وفيبر قابِلين للمقارنة على مستوى الشخصية والإنجاز؛ أي إنهما في مقامين قابلين للمقارنة. ثانيًا، إن المقارنة بين شيئين تفترض أن مواضع المقارنة متماثلة في جوانب معينة ومختلفة في جوانب أخرى. ثالثًا، إن مقارنتنا بين الاثنين تفترض أن أهداف بحوث كل منهما تختلف مع اختلاف فكرتهما عن الإنسان. لم يكن ذلك هو الهدف المتعمد والمعلن من بحوث ماركس وفيبر، لكنه شكّل من دون ريب حافزها الأصلي".

يتناول لويث، في الفصل الثاني، "تفسير فيبر للعالم البرجوازي - الرأسمالي استنادًا إلى العقلنة"، نقطة الانطلاق في بحوث فيبر، وهي أن "علم الاجتماع الذي ننشده هو علم الواقع. نريده أن يتضمن بصفته تلك واقع الحياة المحيطة بنا، والتي نعيشها، أي ترابط ظواهرها الفردية في شكلها المعاصر، ومعناها الثقافي، كما أسباب تطورها بالطريقة التي حصلت. إذًا، فإن الغاية من التحقيق التاريخي ليست الكشف عن كيف كان الواقع كما لدى رانكه، أو كيف يجب أن يكون بسبب الضرورة التاريخية كما لدى ماركس".

حريٌّ بالتحقيق التاريخي أن يجعل ما نحن عليه اليوم شيئًا مفهومًا

أما في الفصل الثالث، "تفسير ماركس للعالم البرجوازي - الرأسمالي استنادًا إلى مفهوم الاستلاب الذاتي للإنسان"، فيقول لويث إن الاستلاب الذاتي لا يشكل الموضوع المميّز في التحليل الماركسي للعالم الرأسمالي - البرجوازي. فما يميِزه هو تشريحه وبنيته الهيكلية؛ أي اقتصاده السياسي، وهو تعبير يجمع في وحدة ديالكتيكية بين الواقع الاقتصادي والوعي. ولا يعني التركيز على تشريح المجتمع البرجوازي أول وهلة أكثر من نقل التركيز من المجتمع البرجوازي لدى هيغل نحو منظومة الحاجات في حد ذاتها. أما السلعة لدى ماركس فلا تعني شيئًا أو غرضًا بعينه، بل تختزن الطابع الأنطولوجي الأساس لجميع أشيائنا أي شكلها السلعي. هذا الشكل أو البنية السلعية توصِّف استلاب الأشياء والفردية البشرية على حد سواء. لذا، يبتدئ رأس المال بتحليل السلعة.

ويرى لويث، في الفصل الرابع والأخير، "نقد فيبر للتطور المادي للتاريخ"، أن بحوث فيبر، على الرغم من رفضه ميتافيزيقا التاريخ، تبتعد في روح الرأسمالية - خلافًا لصورته الذاتية عن نفسه بصفته عالمًا متخصصًا - من كونها وصفًا إمبيريقيًا بحتًا لمعطيات محددة، وتشكل من ثمّ مسارًا عبر محيط لامحدود، وهي وصف علمي بحت؛ بمعنى أن فيبر نفسه كشخص كان متخصصًا. حتى إن لم يكن تبسيطيًا وعقيديًا إلى حد الرغبة في استنتاج روح الرأسمالية من علم اجتماع الأديان فحسب، فإنه كان ناشطًا من دون قيود، وفضوليًا إلى حد لا يكتفي معه بتجميع معطيات إمبيريقية مجردة.

يذكر أن لويث أحد أبرز الفلاسفة الألمان في القرن العشرين، وقد كان فينومينولجياً وأحد تلاميذ هوسرل وهايدغر، اشتهر أيضاً بكتابين آخرين؛ الأول "من هيغل إلى نيتشه"، والثاني "المعنى في التاريخ".

 

المساهمون