"ماراثون" لحظات ما قبل الإفطار في غزة

"ماراثون" لحظات ما قبل الإفطار في غزة

10 مايو 2020
المارة والبائعون خلايا نحل متناغمة(عبد الحكيم ابو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
تتحوّل الحياة في قطاع غزة، في الساعات الأخيرة من اليوم الرمضاني الطويل إلى ماراثون حقيقي، تشهد فيه الشوارع حالة نشطة من الحركة، يسابق فيها الجميع الوقت، أملًا في توفير كل مُتطلّبات مائدة الإفطار، في دقائق مُحدودة.

وتكتظّ الشوارع والمفترقات العامة قبيل آذان المغرب، بالسيارات المليئة بالرُكاب، في أجواء لا تشهدها الطُرقات إلّا في شهر رمضان، ويزداد إيقاع السُرعة تدريجيًا مع قرب غروب الشمس.
وتُحَوِّل الساعة الأخيرة للصوم، المارة والبائعين إلى خلايا نحل متناغمة الأدوار، تعمل بإيقاع سريع، حيث يقصد التاجر بيع بضاعته قبيل وقف الحركة، بينما يقصد الزبون شراء مستلزماته في اللّحظات الأخيرة.


ويمكن للمارّين في شوارع غزة، وتحديدًا في المفترقات العامة التي تضم زواياها المخابز أو المتاجر الكبيرة، مُلاحظة اشتداد الازدحام تدريجيًا، كُلما اقترب وقت آذان المغرب، إذ يتّجه الجميع إلى المُغادرة، في اللّحظة ذاتها، ما يسبّب حالة من الإرباك المؤقت.

وتدفع تلك الحالة من العجلة، السائقين إلى زيادة السُرعة خلال إيصال الطلبات وإقلال الرُكاب، ما يُحوّل الشوارع العامة إلى ساحة سباق حقيقية، يتسارع فيها الجميع نحو هدف واحد.
وتكتظّ المحال التجارية، وتحديدًا المطاعم الكبيرة، ومحال المأكولات الفرعية، والحلويات، والقطايف في الساعة الأخيرة، إذ يقصدها الزبائن لشراء مستلزمات مائدتي الإفطار والسحور، إذ تُغلِق نسبة من تلك المحال أبوابها بعد الإفطار الرمضاني.

وتنشط حركة الشراء في الأسواق، وأمام محال بيع اللّحوم، والشاورما والمأكولات الجاهزة، كذلك أمام المطاعم الشعبية، التي تبيع الحُمص والفول، والفلافل المحشوة بالسُماق والبصل، والتي تظهر فقط في رمضان، ويفضل الناس شراءها ساخنة في الدقائق الأخيرة.


وينتشر الباعة المتجوّلون أمام المطاعم، وأمام نقاط بيع حلوى القطايف الساخنة، وفي المفترقات العامة، لبيع المُخلّلات المتنوعة الأصناف، كذلك الأوراق الخضراء التي لا تخلو منها المائدة الرمضانية كـ "الجرجير، الفجل، البقدونس، الجرادة الخضراء، والنعناع".

وتشهد المفترقات العامة في اللّحظات الأخيرة، والتي ينشط فيها عناصر شرطة المرور، لتنظيم عملية السير، انتشارًا ملحوظًا لعدد من الفِرق الشبابية، والمتطوعين، الذين يوزعون التمر والماء على المتأخرين داخل السيارات، لقطع الصوم لحظة الآذان، وإعانتهم على مواصلة الطريق نحو البيت.

وفي الوقت ذاته، تنشط مجموعات شبابية أخرى تعمل في تكايا الخير، على توزيع طعام الإفطار ووجبات السحور على الأُسر الفقيرة المنتشرة في محافظات قطاع غزة، التي يٌحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ 14 عامًا، ما تسبّب بارتفاع نسبة الفقر فيها إلى ما يزيد عن 80 في المائة.

ولا تختلف الأجواء كثيرًا على طول الشريط الساحلي قبل لحظات من الإفطار، إذ يشهد كورنيش البحر حركة نشطة للسيارات، كذلك نشاطًا واضحًا على بسطات، ومحال بيع المُثلجات والحلويات والمُسليات.

ويتّجه عدد من الأسر الفلسطينية مع قرب انقضاء يوم الصوم، إلى شاطئ البحر لتناول طعام الإفطار في الهواء الطلق، مصطحبين طعامهم الجاهز، بينما يتم البدء بتصفيف الأواني والأطباق مع انقضاء الدقائق الأخيرة.

المساهمون