"ماجلان قاهر البحار": ستيفان تسفايغ مبحراً في عصر الاكتشاف

"ماجلان قاهر البحار": ستيفان تسفايغ مبحراً في عصر الاكتشاف

17 يوليو 2020
(سفينة ماجلان في رسمة لفنان مجهول من القرن السادس عشر)
+ الخط -

في 10 أغسطس 1518 أبحرت خمس سفن بقيادة ماجلان من ميناء إشبيلية متجهة إلى ميناء شلوقة (يُعرف اليوم باسم سانلوكار دي باراميدا)، خلال نهر الوادي الكبير، مدفوعه بالوهم الذي حرك فرناندو ماجلان (1480 - 1521)، والمتمثل في بعض الخرائط الخاطئة من الأرشيف البرتغالي السري في القرن السادس عشر.

حلم دفعه إلى البحث عن جزر التوابل الأسطورية (جزر الملوك في أندونيسيا) ليس مباشرة من الشرق ولكن في مسار بديل من الغرب لتجاوز مجال النفوذ البرتغالي، بعد إقناعه التاج الإسباني بتأمين الأسطول لهذا الغرض.

ومع ذلك، لم يتم تحقيق الربح السريع المتوقع من القرفة والفلفل الأسود والقرنفل، بدلاً من ذلك، تلت ذلك ثلاث سنوات من العواصف والمجاعة والتمرد والموت واليأس، اكتشف خلالها واحدة من أقل المضائق استخدامًا في كل التاريخ؛ مضيق ماجلان، وسار خلف حلمه في إثبات كروية الأرض، ولتصحيح فكرة نسبة اليابسة الى الماء على الأرض.

الروائي وكاتب السيره النمساوي ستيفان تسفايغ (1881 ـ 1942) جذبته سيره الرحالة البرتغالي فوضع كتابه ماجلان قاهر البحار ولكنه كعادته في دراساته المسهبة التي تتناول حياة المشاهير أمثال تولستوي، وديستوفسكي وبلزاك ورومان رولان، يتناول الشخصية بحيادية ويميط اللثام عن حقائق مجهولة أو معروفة على نطاق ضيق، لاسيما وأنه بعد قتل ماجلان في الفلبين اختفت مذكراته وكل دفاتر يومياته وملاحظاته بشكل غامض ولم تصل إلى الأرشيف، ونسيت إسبانيا على الفور مضيق ماجلان واستمر هذا النسيان على مدار الخمسين عاماً القادمة.

عن دار المدى صدر كتاب "ماجلان قاهر البحار" لتسفايغ بترجمة حبيب جاماتي في طبعة جديدة، وفيه يجلب المؤلف إلى الحياة عصر الاكتشاف من خلال سرد قصة أحد أكثر المغامرين جرأة.

الصورة
غلاف الكتاب

في كتابه يفرد تسفايغ صفحات عديده لإعادة النظر في محاوله التمرد على ماجلان من قبل أفراد من طاقم سفينته والذين أعدم بعضهم وترك بعضهم على ساحل البرازيل. 

يروي تسفايغ قصة أول رجل أبحر حول العالم، حيث جرى تمويل رحلته بالتقاسم ما بين التاج الإسباني بنسبة 75 ٪ و25 ٪ من قبل كريستوفر دي هارو، رجل الأعمال الهولندي المقيم في إسبانيا. لم يكن الغرض من رحلة ماجلان هو الذهب والمجد كما يعتقد عادة. بدلاً من ذلك، كانت في جزء منها من أجل غذاء أفضل، حيث لم تكن التوابل الأساسية المتاحة اليوم، بما في ذلك الفلفل والقرفة وجوزة الطيب والقرنفل، متوفرة في أوروبا ويجب استيرادها من خلال التجارة مع العرب مما يجعلها باهظة الثمن. 

على الرغم من أن معظم الرجال الـ 237 الذين شرعوا في الرحلة مع الرحالة المغامر ماتوا على طول الطريق، بما في ذلك ماجلان نفسه الذي قُتل في سيبو في الفلبين، إلا أن سفينة واحدة عادت في عام 1522 مع 18 رجلاً هم كل من ظلوا أحياء وأحراراً وراغبين في العودة بحمولة من التوابل. فقد آثر البعض البقاء في صحبة بعض النساء في الفلبين.

بعد رحيل ماجلان، انقسم من تبقى من رجاله إلى مجموعتين. واحدة قررت العودة إلى أوروبا بالطريقة التي وصلوا بها بعبور المحيط الهادئ. ومع ذلك لم تفعل ذلك أبداً. المجموعة الأخرى ، بقيادة خوان سيباستيان إلكانو، عادت إلى إسبانيا بسفينة واحدة فقط، لكن تلك السفينة كانت محملة ببهارات ثمينة بما في ذلك القرنفل الذي حصلت عليه في جزر التوابل، ونتيجة لذلك حققت البعثة بأكملها الربح المالي الذي كان الغرض منها في المقام الأول بالنسبة للبحارة ومن مول الرحلة وليس بالنسبة لماجلان.

وقد روى اثنان ممن شهدوا مقتل ماجلان تفاصيل مقتله التي يأتي تسفايغ على ذكرها: "عندما ميزوا القائد بيننا حولوا رميهم عليه فقد طرقت خوذته مرتين، فألقى على وجهه أحد الأهالي برمح خيزران، ولكنه سرعان ماتمكن منه وقتله برمحه الذي ألقاه عليه. ثم حاول أن يخرج سيفه ولكنه لم يتمكن أن يخرج نصفه بسبب إصابة ذراعه برمح خيزران. فعندما رأى الأهالي هذا المشهد رموا أنفسهم جميعاً عليه، فضرب أحدهم رجله اليسرى بسيفه المقوس، مما تسبب بسقوط القائد على وجهه، ثم وبسرعة تناوشوه برماح الحديد والخيزران وبسيوفهم المقوسة، ولم يبرحوا حتى قتلوه، لقد قتلوا مرآتنا ونورنا وراحتنا ومرشدنا. فعندما طعنوه كان يلتفت إلينا ليتأكد من ركوبنا جميعاً القوارب. عندئذ كنا نلمح إليه وهو ميت ونحن جرحى وهاربين إلى القوارب التي ابتعدت عن الساحل، وذلك أفضل ما استطعنا فعله". 

المساهمون