"لوموند": واشنطن تجاهلت عمدا تمدد "داعش" في سورية

"لوموند": واشنطن تجاهلت عمدا تمدد "داعش" في سورية

16 مارس 2016
الإدارة الأميركية تركت "داعش" ينمو وينتشر (Getty)
+ الخط -
الولايات المتحدة الأميركية تجاهلت عن عمد تقارير استخباراتية مفصلة عن تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال سورية منذ منتصف عام 2013، ولم تستغل تلك التقارير والمعلومات إلا نادراً حتى بعد قرارها ضرب معاقل "داعش" في سبتمبر/ أيلول 2014. هذا أبرز ما كشفت عنه صحيفة "لوموند" في تحقيق مطول نشرته في عدد اليوم أنجزه مبعوثان خاصان في أوساط المعارضة السورية بتركيا دام عدة أسابيع.


واعتمدت الصحيفة الفرنسية في هذا التحقيق على ما قالت إنه اعترافات خاصة لأحد كوادر الجيش السوري الحر قالت إنه كان مكلفاً من رؤسائه ببعث تقارير مفصلة للأميركيين عن "داعش"، ورصد تحركات التنظيم في مدينة سراقب، ولفت انتباهه مقاتل غريب الأطوار من أصل بلجيكي جزائري يدعى "أبو براء الجزيري" سبق له أن قاتل في أفغانستان والعراق ويتحدث الفرنسية والروسية والانجليزية بطلاقة. وكان هذا الأخير يردد على مسامع الجميع أن "دولة الخلافة ستتأسس قريباً في سورية" ولم يكن يؤخذ على محمل الجد. وكانت تقاريره الأولى عن "داعش" تحذر الأميركيين من إغفال تقاطر مئات الجهاديين الأجانب على سورية.

وفي لقاء له مع السفير الأميركي لدى المعارضة السورية، روبير فورد، قال السيد "م" بالحرف لمحاوره "هؤلاء الإرهابيون الأجانب يتدفقون لسرقة بلادنا وأرضنا وحقوقنا، إن لم توقفوا هذا التدفق فبعد ثلاثة أشهر فقط سنؤدي الثمن غالياً".

وكان الرجل السوري الذي سماه تحقيق الصحيفة السيد "م" يعتمد على شبكة من عشرات المخبرين، ومدّ الاستخبارات الأميركية بتقارير تتضمن معطيات ميدانية دقيقة وخرائط وأرقام هواتف وعناوين الحواسيب التي يستعملها التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها.

اقرأ أيضاً: "واشنطن بوست": ليبيا قصة فشل أميركي ستلاحق الرئيس المقبل

وبدأت التقارير الأولى عندما كان "داعش" مجرد مجموعة صغيرة لا يتعدى عناصرها مائة مقاتل إلى حين تقوى التنظيم وتجاوز مقاتلوه 20 ألف عنصر. واطلعت الصحيفة عبر المدعو "م" على نسخ من التقارير والوثائق التي كان يبعثها للأميركيين ومن بينها تقرير مفصل عن مدينة الرقة يتضمن أسماء القادة الميدانيين وعناوين مكاتب التنظيم والحواجز وأيضاً عنوان قيادة التنظيم في المدينة. كما اطلعت الصحيفة على صور عالية الجودة التقطها أحد مخبري السيد "م" لمعسكر خاص بتدريب المقاتلين الأجانب في محافظة اللاذقية.

وبعد تحققها من صحة الصور والوثائق ومقارنتها بوثائق أخرى من كوادر الجيش الحر وفصائل معارضة أخرى، اعتبرت الصحيفة أن الأمر يتعلق بفرصة ذهبية تجنبت واشنطن استغلالها ولو أنها فعلت ذلك لما وصلت الأسرة الدولية إلى مأزق المواجهة مع "داعش" بعد أن تقوت شوكته في المناطق التي يسيطر عليها في الأراضي السورية.

وذكر السيد "م" لصحافيي "لوموند" بأن الإدارة الأميركية آنذاك (بين عامي 2013 و2014) لم تكن لديها رغبة لصد تمدد "داعش" في سورية وكانوا يكتفون برصد المشهد الحربي السوري من بعيد وجمع المعلومات والتقارير الاستخباراتية.

واطلعت الصحيفة على وثيقة أعدها السيد "م" للأميركيين وتتضمن خطة عسكرية لفصائل الجيش الحر للاستيلاء على مواقع "تنظيم الدولة الاسلامية في سورية والعراق" قبل أن تتحول إلى "داعش" في محور أعزاز/حلب بداية 2014. وكانت الخطة "تعتمد على معلومات دقيقة ومفصلة عن القرى التي يسيطر عليها التنظيم الجهادي مع خرائط تحدد مكاتب وحواجز التنظيم ومواقع القناصة وبيت وسيارة أمير التنظيم في كل قرية"، لكن الأميركيين تماطلوا كثيراً في إعطاء الضوء الأخضر لبدء عمليات عسكرية ضد التنظيم.

اقرأ أيضاً: أوباما: من الضروري وضع حد للأزمة السورية