"لف ودوران": الاستسهال في كل شيء

"لف ودوران": الاستسهال في كل شيء

23 سبتمبر 2016
أحمد حلمي ومنى زكي (Getty)
+ الخط -
اكتسح فيلم الممثل، أحمد حلمي، الجديد "لف ودوران" إيرادات عيد الأضحى، إذ تجاوزت عائداته حتى هذه اللحظة الـ24 مليون جنيه، بفارق يفوق ضعف ما حققه أقرب منافسيه "كلب بلدي". ورغم أن الأمر ظاهرياً يبشر خيراً بعودة واحد من نجوم السينما المصرية إلى المسار الصحيح، بعد فيلمين فشلا من الناحية الجماهيرية والنقدية، هما "على جثتي" عام 2013، و"صنع في مصر" عام 2014، إلا أن فيلم "لف ودوران" لا يختلف في جوهره كثيراً عن سلسلة الأفلام الضعيفة التي يقدمّها حلمي مُؤخّراً. إذ تنعدمُ المغامرة ويلجأ إلى الكثير من التلفيق، والاعتماد على رصيده الجماهيري.

لماذا نجح "لف ودوران" إذن، إذا كان لا يختلف عن الفيلمين السابقين؟ الإجابات كلّها على الأغلب لا علاقة لها بالفيلم، مثل موعد العرض الذي جاء بشكل ذكي ليستغل أفضل موسم عرض في مصر حالياً، وهو عيد الأضحى. وفي نفس الوقت، تخلو الساحة من أي منافس مباشر قوي، في الوقت الذي نافست فيه أفلام حلمي عام 2014، أفلام "الجزيرة 2" لأحمد السقا، و"الفيل الأزرق" لكريم عبد العزيز، و"الحرب العالمية الثالثة" للثلاثي. واستفاد حلمي من انسحاب فيلم محمد رمضان "جواب اعتقال"، ليكون النجم الوحيد صاحب الجماهيرية المضمونة في العيد، واكتسح الإيرادات بشكل منطقي.

ولكنّ الفيلم نفسه مليء بالمشاكل، وتدور أحداث الفيلم حول الشاب، نور، الذي يبحث عن فرصة للهجرة، وحين يعلم من والده أن هناك فتاة في شرم الشيخ اسمها، باولا، يمكن أن يطور علاقته بها ليسافر معها إلى إيطاليا، يقرر نور انتحال شخصية زميله في العمل الذي يقضي شهر عسل في أحد فنادق المدينة.

تتعقد الأمور تماماً من جانبين. الأول، هو أن نور يعيش مع أربع سيدات (أخته وجدته وخالته وعمته) يعرفن تفاصيل خطته، فيقرّرن السفر معه إلى شرم الشيخ لإفساد خطته. والثاني، هو أنه يفاجأ بفتاة اسمها، ليلى، تنتحل هي الأخرى شخصية زوجة زميل العمل، فيتوجّب عليه هناك، في ظل تلك المفارقات المتداخلة، أن يؤدي دور زوج يحاول الفكاك من سيدات عائلته، والأهم أن يطور علاقته بالفتاة الإيطالية.

القصّة خفيفةٌ جداً، ولا يوجد فيها أي ابتكار، وتبدو منتمية لمرحلة أسبق في تاريخ حلمي السينمائي، مثل فيلم "جعلتني مجرماً" مثلاً الذي يدور أيضاً عن شاب وفتاتين في إحدى فلل الساحل الشمالي. ولكنّ المشكلة ليست أبداً في بساطة أو خِفَّة القصة، لأن "جعلتني مجرماً" كان فيلماً جيداً في المقابل، ولكن المشكلة في طريقة التنفيذ على الشاشة، والتي يمكن اعتبارها الطريقة الأكثر استسهالاً من بين كل أفلام العيد، باستثناء فيلم محمد سعد بالطبع. لا يستغرق الفيلم أي وقت في بناء شخصيات أو أحداث منطقية. وفي كل مرحلة، يعاني الفيلم من انعدام المنطق، ومن فجوات ضخمة في طريقة تسيير الدراما.

ولكنّ الأسوأ، هو أنّ هذه الحبكة الضعيفة لم يتمّ استغلالها جيداً لخلق كوميديا مختلفة تستفيد من قدرات الجميع. كما أنَّ السيناريو، وهو أوّل سيناريو تكتبه منة فوزي، يضيّع كل تلك الفرص، ولا يتمّيز أبداً بخفّة الدم وخلق الضحك، فيصبح الأمر متروكاً بالكامل لـ"كاريزما" الممثّلين، وقدرتهم على الإضحاك أو ابتكار "الإيفيهات" والحوار الذكي، وليس لمواقف الفيلم ذاته.

وعلى الرغم من أنّ خالد مرعي مُخرج متمكّن، ولكن حين يعتمد هو أيضاً على الكوميديا النابعة من مواقف الممثلين، وليس من الحوار المكتوب، سيأتي الفيلم فقيراً حتى من لحظات الإضحاك التي ترتبط دوماً بحلمي نفسه، والألفة بينه وبين الجمهور، في شخصيَّةٍ تشعر أنك شاهدتها منه قبل ذلك.

ورغم أن حلمي و"لف ودوران"، استفادا تماماً من وقت العرض، اعتماداً على الرصيد الكبير للممثل، ورغبة الجمهور في مشاهدته بعد عامين من الغياب، إلا أن المستوى العام للفيلم قد يكون مؤشِّراً خطيراً إلى خطواته القادمة. ولأن هذا الرصيد لن يسعفه دائماً، خصوصاً في مواسم ومنافسات أخرى ستكون أقوى بالتأكيد.

المساهمون