"لا إيسلا": أزمة سياسة ومأزق سينمائي

"لا إيسلا": أزمة سياسة ومأزق سينمائي

01 مارس 2016
(من الفيلم)
+ الخط -

ضمن المسابقة الرسمية لـ "المهرجان الوطني للفيلم"، التي تتواصل فعاليات دورتها السابعة عشرة في مدينة طنجة حتى الخامس من آذار/ مارس الجاري، عُرض، أوّل أمس الأحد، فيلم "لا إيسلا" أو "ليلى، جزيرة المعدنوس" للمخرج أحمد بولان (1956)، والذي يتناول العلاقات المغربية الإسبانية، على ضوء أزمة جزيرة ليلى المتوسّطية المتنازع عليها بين البلدين.

في هذا الشريط، يعود بولان إلى واجهة الإخراج السينمائي بعد آخر أفلامه "عودة الابن" سنة 2011، والتي تُضاف إلى رصيده السينمائي الذي يضمّ العشرات من الأفلام السينمائية؛ أبرزها: "علي ربيعة والآخرون" (2001)، "أنا، أمي وبثينة" (2013)، "ملائكة الشيطان" (2007).

يقارب الفيلم الموضوع ضمن كوميديا سوداء، تستند إلى قصّة إبراهيم (عبد الله فركوس)، وهو جندي في القوّات المساعدة يجري إرساله وحيداً إلى جزيرة مهجورة في المتوسّط، على بعد 200 متر من المغرب، ليقوم بمهمّة مراقبة عمليات التهريب والهجرة السرية، لكن إسبانيا تردّ بحملة عسكرية بهدف طرد الجندي الوحيد على الصخرة.

قبل ذلك، يلتقي إبراهيم بـ مامادو، وهو مهاجر سرّي من السينغال، يحلم ببلوغ الضفّة الأخرى من المتوسّط، بحثاً عن حياة أفضل. تجمع الوحدة والبحث عن سبل البقاء في هذا المكان المهجور، بينهما، وتوطّد علاقتهما. وفي غضون ذلك، تنشب أزمة دبلوماسية بين إسبانيا والمغرب، سرعان ما تتحوّل إلى تصعيد عسكري (نشبت الأزمة فعلياً عام 2002).

عبر هذه المقاربة، يقدّم الفيلم أطروحتين؛ تتعلّق الأولى بقيمة التسامح، من خلال الصداقة التي تجمع إبراهيم ومامادو، والتي ستكون سبيلاً إلى الخلاص في النهاية والخروج من الأزمة التي كادت تنفجر بين الجارين المتوسّطيين، بينما تمثّل الثانية دعوةً إلى البلدين للحفاظ على علاقاتهما التاريخية.

لكن الطرح الذي تبنّاه العمل أثار ردود مستاءةً بعد عرضه؛ إذ اعتبره بعض النقّاد والمتابعين "مسيئاً" لصورة المغرب، وأنه يتبنّى "الرؤية الاستعمارية الإسبانية"؛ حيث أشار بعضهم إلى أن الفيلم يقدّم صورتين متناقضتين؛ واحدة عن مغرب متخلّف وبائس، وأخرى نقيضة لها عن إسبانيا.

يأخذ هؤلاء على بولان، أنه وقع، بوعي أو بغير وعي، في "فخ الخطاب الاستعماري المتعالي" في إسبانيا، مذكّرين بأن العمل الذي استفاد من دعم مالي معتبَر من القناة الأولى الإسبانية ووزارة الثقافة الإسبانية يهدف أساساً إلى "تسفيه صورة المغرب والاستهزاء برموزه" و"تلميع صورة إسبانيا التي تستعمر مدينتي سبتة ومليلية والجزر المحيطة بهما، ومنها جزيرة ليلى".

في هذا السياق، يشير المنتقدون إلى استخدام الفيلم عبارة "جزيرة المعدنوس" في العنوان، بدل "جزيرة ليلى"، الاسم المُعتمَد رسمياً في المغرب، ما يؤكّد - بحسبهم - "تبنّ كامل للرواية الإسبانية حول القضية"، رغم أن الفيلم استفاد من تمويل حكومي في المغرب.

الانتقادات شملت الجوانب الفنية أيضاً؛ إذ اعتبر بعضهم أن "العمل جاء ضعيفاً من حيث السيناريو والحوار، ولم يُوفّق في طرح الموضوع، وبدا التناول الكوميدي مفتقراً للعمق".

لكن، هل كان بولان موفّقاً فعلاً حين اختار أن يتناول موضوعاً بمثل هذه الحساسية وفق أسلوب كوميدي؟ سؤال أجاب عنه المخرج، في تصريحات للصحافة المحلية، قائلاً إن "الكوميديا هي الأسلوب الوحيد والأنسب للتطرّق إلى الموضوع"، مضيفاً أن الإسبان أنفسهم يتعاملون مع القضية بنوع من السخرية.



اقرأ أيضاً: "جوّع كلبك".. أسلاك شائكة تحرس القصة

المساهمون