"كورونا" وتضليل الزعماء: هل إجراءات "تويتر" كافية؟

"كورونا" وتضليل الزعماء: هل إجراءات "تويتر" كافية؟

01 مايو 2020
لا تحذف "تويتر" تغريدات "ترامب" (أليكس وانغ/Getty)
+ الخط -
ازدهرت حملات التضليل الخطيرة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي مع انتشار فيروس كورونا المستجد، بما في ذلك تلك التي يروج لها قادة العالم. دفع ذلك الخبراء إلى التساؤل: لماذا تصرفت شركة "تويتر" الآن فقط؟ هل سيكون هنالك فرق أصلاً؟ ولماذا لا تحذف تغريدات زعماء مثل دونالد ترامب؟ فبموجب سياسة "تويتر" الجديدة، سيتم حذف تغريدات أي شخص ينكر حقائق ثابتة حول المرض، أو ينشر معلومات كاذبة أو مضللة، أو ينكر حقائق مثبتة علمياً، أو ينشر علاجات مزعومة.

لماذا لا تقترب "تويتر" من ترامب؟
أزالت منصة التدوين المصغر "تويتر" تغريدات للرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ورودي جولياني، أحد محامي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لأنها انتهكت سياسة الشركة الجديدة بشأن المعلومات المضللة حول فيروس كورونا المستجد، لكن ترامب نفسه ظلّ مستثنى من هذه القائمة.

في 25 مارس/آذار، أصبح الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أول زعيم دولة تُحذف تغريدة له بموجب سياسة "تويتر" الجديدة. ورداً على ذلك، شجب مادورو المنصة قائلاً إنها تفرض رقابة عليه. وكان موضوع هذا الجدل منشورا ادعى فيه الزعيم أنه تلقى بعض المقالات من عالم فنزويلي تضمن علاجاً مفترضاً لكورونا، وهو خليط يحتوي، من بين مكونات أخرى، على العسل والليمون والفلفل.

وأيضاً في مارس/آذار، حذف "تويتر" منشوراً من جولياني دعا إلى استخدام هيدروكسي كلوروكين، وهو علاج للملاريا ذو فعالية غير مؤكدة في علاج "كوفيد-19". كما حذفت المنصة تغريدات من السيناتور البرازيلي، فلافيو بولسونارو (أحد أبناء الرئيس بولسونارو)، ووزير البيئة، ريكاردو ساليس، لنشرهم معلومات مضللة تتعلق بالفيروس.

تنقل مجلة "أندارك" غير الربحية عن خبيرة علوم المعلومات في جامعة ريو دي جانيرو الفيدرالية، آنا بريسولا، أن الشركات مثل "تويتر" "ستتردد في قمع الأخبار المزيفة" لأنها يمكن أن "تولد الكثير من الإعجابات، والكثير من المشاركة، والكثير من النقاش، والكثير من البيانات، وهذا يعني المال". وترى بريسولا أن من أسباب عدم قدرة "تويتر" على حذف تغريدات ترامب وجود مقر الشركة في الولايات المتحدة، ما يعني أن لدى إدارة ترامب سلطة أكبر على الشركة مقارنةً بقادة آخرين حول العالم. وتضيف أنه من غير الواضح ما إذا كان "تويتر" سيزيل أي مشاركة من ترامب متسائلةً: "هل هم على استعداد للمس عش الدبابير هذا"؟ وتشير خبيرة التكنولوجيا المدنية في البنك الدولي، ياسودارا كوردوفا، إلى أن المنصات لم تصل إلى حد قطع التغريدات عن ترامب، لأن "ترامب يصل إلى حده الأقصى، لكنه لا يتجاوز أبداً تفسير الدستور الأميركي". 
تعديل السياسات… لماذا الآن؟
استمر السياسيون في نشر الأخبار الكاذبة طيلة الفترات السابقة، ولم توضح شركات وسائل التواصل الاجتماعي سبب تغيير مسارها في ضوء جائحة كورونا بالضبط. وقد يكون أحد الأسباب هو الحجم الهائل للمشكلة، إذ بينما كانت تتعلق حالات التضليل الأخرى في بلدان أو مناطق محددة، فإن الفيروس يؤثر على العالم بأسره. مع انتشار الوباء الذي يخيف العالم ويهدد الاقتصاد والحياة، أضحت الأخبار الزائفة والشائعات مشكلة صحة عامة، ومسألة حياة أو موت.

تقول الباحثة في الاتصال السياسي من الجامعة المركزية في فنزويلا، إيريا بويوسا، إن الوباء العالمي منح "منصات التواصل الاجتماعي فرصة لإنشاء المزيد من الضوابط الصارمة على المعلومات التي تنشرها الشخصيات العامة، ولا سيما القادة السياسيون". ولشركات الإنترنت الدافع لوضع قواعدها الخاصة في مكانها، لأنها تمنحها سيطرة أكبر مما لو انتظرت حتى تفرض الحكومات ما يمكن أن يكون قواعد أكثر صرامة. فرض رقابة على محتوى الزعماء؟ حتى في مواجهة جائحة عالمية، يخشى بعض النقاد من أن كبح التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له عواقب غير مقصودة.

ووفقاً للناشط في مجال الاتصال، جواو برانت، فإن من خلال مراقبة خطاب السلطة، تحد المنصات من وصول المواطنين إلى المعلومات، و"الذين ينبغي أن يكون لهم الحق في معرفة موقف أعلى سلطة عليهم من الأزمة، مما يعني أيضاً مشكلة سيادة". ويعتقد برانت أن المنصات يجب أن تؤدي مهمة الإشراف على المحتوى "وفقاً لمعايير محددة بطريقة عامة، ومتوافقة مع المعايير الدولية، وتشرف عليها وكالات مستقلة".

وأشار مدير معهد التكنولوجيا والمجتمع في ريو دي جانيرو، كارلوس أفونسو، في مقابلة مع صحيفة "فولها دي ساو باولو"، إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية، إذ إن الشركات لا تحتاج فقط إلى قواعد واضحة وشفافة، ولكن أيضاً إلى الثبات في التنفيذ، وهذه الشركات ليس لديها تاريخ من الشفافية والثبات.

سياسة "تويتر" ليست كافية
في ظل السياسة الجديدة، تقول "تويتر" إنها أزالت أكثر من 1100 تغريدة تحتوي على محتوى مضلل حول كورونا، ومن المحتمل أن يكون ضاراً، وحذفت أكثر من 1.5 مليون حساب مشبوه. ومع ذلك، قد لا تكون سياسة "تويتر" الجديدة كافية لاحتواء التضليل المرتبط بالفيروس، تقول "أندارك"، خاصة إذا كانت الشركة تستهدف بعض القادة فقط. وحتى هؤلاء الزعماء لا تزال ادعاءاتهم تُمَرّر عبر شاشة التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى، ولا يزال من الممكن مشاركتها عبر "واتساب". 

ويعني هذا أن سياسات "تويتر" لن تكون مهمة ما لم تحذُ حذوها المزيد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"واتساب" و"يوتيوب". ولمعالجة مشكلة "واتساب" مثلاً، اتخذت الشركة الأم "فيسبوك" خطوات لتقليل انتشار التضليل من خلال الحد من عدد المرات التي يمكن للأشخاص فيها مشاركة الرسائل المعاد توجيهها بشكل متكرر، من خمس إلى مرة واحدة فقط، كما حدّت من إعادة توجيه الرسائل إلى دردشة واحدة في كل مرة.

لكن يمكن للشركات القيام بالمزيد من خلال "تعديل الخوارزميات لإعطاء مساحة للصحافة التقليدية، وفتح مساحة للإدارة العقلانية للمواضيع التي تفتحها مواقع متخصصة في نظريات المؤامرة"، تقول كوردوفا. وقد تكون نقطة الضوء، وفق كوردوفا، أن الوباء سمح، جزئياً، باستعادة ثقة الجمهور في الصحافة المهنية. وتضيف أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في ذلك من خلال القيام بدور أكثر نشاطاً في الحد من الأكاذيب. وللمستهلكين للإعلام دور في حماية أنفسهم من التضليل، من خلال التعلم أكثر حول كيفية عمل العالم الرقمي، وزيادة الوعي بالطريقة الصحية لاستهلاك المعلومات، هذا ويرى الخبراء أن على وسائل الإعلام والصحافيين بذل المزيد من الجهد من أجل استعادة ثقة المواطن.

المساهمون