"كتّاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية": حادثة اختطاف

"كتّاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية": حادثة اختطاف

17 يناير 2018
صديق واصل/ السعودية
+ الخط -

يبدو أن انعقاد اجتماع "الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب" في دمشق الذي اختتم أمس الإثنين، حجب تفاصيل عديدة لم يلتفت لها المستنكرون الذين ربما رأوا أنها ثانوية في مشهد سوريالي تمّ خلاله محو سبعة أعوام من المجازر التي ارتبكها النظام السوري، ومن هذه التفاصيل تسليم "جائزة القدس".

لم يجد رئيس الاتحاد "الشاعر" الإماراتي حبيب الصايغ إلا أن يمنحها مناصفة بين سلفه المصري محمد سلماوي ورئيس "اتحاد الكتاب" السوريين نضال صالح، وتبرز المفارقة هنا بأن كلتا الشخصيتين لا يتداول أخبار عنهما خارج إطار هذه الروابط والاتحادات التي عفا عليها الزمن.

في بيان "الاتحاد" الذي صدر في أيلول/ سبتمبر الماضي، ورد أن الجائزة "تأتي تقديراً لمسيرة سلماوي الإبداعية، ولاهتمامه بقضية فلسطين بشكل خاص، ورمزها التاريخي مدينة القدس، فمواقفه معروفة ومعلنة من فلسطين القضية والأرض والتاريخ، حيث التى ترجمها في مواقف وقرارات خلال رئاسته لاتحاد كتاب مصر، وللاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ولاتحاد "كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية" (لا نبالغ لو قلنا أنه اتحاد وهمي لا وجود فعلي له ولا أحد يسمع به اليوم في القارات الثلاث التي ينتحل تمثيلها).

ولمن لا يعرف هذه "المواقف والقرارات"، فإن المتابع لن يبذل جهداً في رصد مشوار صاحب "الخرز الملون" الذي شغل مواقع عديدة في وزارة الثقافة إلى جانب عمله في صحيفة "الأهرام"، إلى أن حظي بمباركة السلطة بانتخابه رئيساً لاتحاد كتاب بلاده عام 2005، ثم تواصل دعمها حيث انتخب في العام التالي رئيس لـ"اتحاد الكتاب العرب" بعد توافق بين القاهرة ودمشق، بعد أن أمضى "الكاتب" السوري علي عقلة عرسان ثمانية وعشرين عاماً رئيساً له.

عقب تولي سلماوي رئاسة "الكتاب العرب" لثلاث دورات متتالية، حصل توافق آخر بين مصر والإمارات قاد إلى ان يخلفه حبيب الصايغ عام 2015، ويبدو أن النظام المصري لم يرد لرجله أن يبقى بلا مناصب حيث تقرّر إحياء "اتحاد كتّاب أفريقيا وآسيا" بعد 24 عاماً على توقّفه في مؤتمر انعقد في القاهرة أواخر عام 2012، وجرى إضافة (في الحقيقة اختطاف) بلدان من أميركا اللاتينية إليه، لـ"يتسلّم" رئاسته.

بعد مضيّ شهور قليلة كان على سلماوي أن يسدّد "الحساب"، إذ انحاز الاتحاد بصيغته الجديدة إلى انقلاب السيسي عام 2013، وتتابعت مواقفه التي تؤيّد انتخاب الأخير، و"خططه" في "مواجهة الإرهاب"، ولم تختلف مواقفه إزاء مختلف القضايا المصرية والعربية والدولية، وحتى تلك المناصرة لفلسطين التي كانت تتبنى موقف القاهرة الداعم لتيار فلسطيني معين.

باستثناء البيانات والتصريحات، لم يقم الاتحاد بأي عمل فعلي، لا على صعيد الترجمة أو إقامة فعاليات مشتركة، أو في تشكيل حملة ضاغطة لأي قضية ثقافية تهمّ أحد بلدان العالم الثالث المئة التي يفترض أنها تنتمي إليه. وكأنه لا يكفي الكتّاب العرب "تمثيلهم" من قبل "اتحادات" تابعة للسلطات وبعضها أقرب إلى فروع الأمن، ليتنطع كاتب متواضع مثل محمد سلماوي لتمثيل كتّاب "أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية" الذين ربما لم يقرأ أحد منهم حرفاً واحداً له والأرجح لم يسمعوا باسمه!

المساهمون