"قاع المدينة" للينا شنّك: ست حكايات من جبل الجوفة

"قاع المدينة" للينا شنّك: ست حكايات من جبل الجوفة

30 مارس 2019
(جبل الجوفة، 2007)
+ الخط -
إلى الجنوب من المدرج الروماني وسط مدينة عمّان، يقف أحد الجبال السبعة التي تتشكل أحياء العاصمة الأردنية منها، وهو جبل الجوفة الذي ينتمي إلى الجانب الشرقي من المدينة، والذي يعتبر اليوم من الأحياء الفقيرة فيها.

في عام 2017، شهد الجبل انهيارات لبنايات سكنية فيه دون أن تقع خسائر بشرية، وكانت زيارة الكاتبة لينا شنّك الأولى إلى الجبل بعد هذه الحادثة.

غداً عند السادسة والنصف مساء، توقع شنك كتابها "قاع المدينة" في "غاليري راس العين" بعمّان، إذ يبدو أن تلك الزيارة كانت الأولى لكنها لم تكن الوحيدة، فقد استمرت الكاتبة في التردد على الجبل وأحيائه والالتقاء بسكانه، وكان هذا الكتاب نتيجة لذلك.

تقول شنّك، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن الكتاب "يركز على مجموعة من سكان "الجوفة"، الذي يُعتبر من الأحياء المهمشة إلى حد ما في المدينة، ويسلط الضوء على واقع الناس في الحياة المهمشة، ويأخذ جبل الجوفة نموذجاً، لكن الحالة لا تقتصر عليه، بل إن العمل يضمّ قضايا عامة تشغل المواطنين الأردنيين بدرجات متفاوتة".

ست شخصيات يضمها الكتاب تتنوع بين نساء ورجال من أعمار مختلفة، أردنيين وغير أردنيين بينهم لاجئ سوداني، وهو ينتمي إلى فئة تعتبر الكاتبة أن "معاناتهم في الأردن مغيبة، ولا يسلط الضوء عليها".

أهم قضايا الكتاب، بحسب الكاتبة، هي الفقر وانعدام تكافؤ الفرص في المجتمع الأردني، تبين: "لا أتكلم عن الفقر كمفهوم مجرد، بل كيف يعيشه الناس كل يوم، كيف يتدبرون أمورهم وإلى أي حد يشعرون بالحرمان من أمور معينة، ثم كيف يجري التكيف مع هذا الواقع، وكيف ينعكس الفقر في كل التفاصيل".

يناقش العمل أيضاً قضية منح المرأة الأردنية المتزوجة من غير الأردني، جنسيتها لأبنائها، من خلال قصتين: الأولى لسيدة متزوجة من غير أردني، والثانية، لشاب من أم أردنية وأب غير أردني، وكيف يشعر بهويته كأردني بينما الناس لا تنظر إليه وفق هذه الزاوية، ولا تراه كما يرى هو نفسه.

تكمل شنّك أن الكتاب أيضاً يأخذنا عبر إحدى شخصياته إلى "حي الطفايلة"، أحد أبرز أحياء المدينة الذي شارك أبناؤه في الحراك في الأردن خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تروي الشخصية المطالبة بالحقوق اليومية عن طريق ذلك الحراك الشعبي.

عن أسلوب سرد هذه الحكايات توضح شنّك أن كتابتها "جرت بضمير المتكلم كما لو أن الناس هي من تروي قصصها بنفسها، كما دمجت القصص الحقيقية بالكتابة الأدبية إلى حد ما".

استمرت عملية الإعداد والكتابة لـ "قاع المدينة" سنة ونصف تقريباً، تقول عنها الكاتبة: "كان ثمة صعوبات كثيرة، ولكني ممتنة لمن شارك في قصصه بتفاصيل شخصية وحميمة جداً، حيث أنني اعتمدت على مبدأ المعايشة ولم يأخذ العمل عندي شكل التقارير الصحافية، فقد بُني بمنطق العيش مع أهالي المنطقة من خلال الزيارات المتكررة ومراقبة حياتهم وتدوين أحداث شاهدتها بشكل شخصي في حياتهم، بالنسبة إليهم عادية وبالنسبة إلي لم تكن كذلك".

تلفت شنّك إلى أن "ثمة جزءاً كبيراً من الكتاب يتطرق لموضوع الوصمة الاجتماعية السلبية لسكان الأحياء في شرق العاصمة من قبل سكان المناطق الأخرى ومن قبل جهات رسمية مسؤولة عن إنفاذ القانون، والنظر إليهم وفق أحكام مسبقة منها أنهم مخالفون بالضرورة للقانون".

في هذا السياق، يشرح الكتاب كيف تدفع البيئة بعض أفراد تلك المجتمعات إلى خرق القانون أحياناً، لكن من المهم في هذه الحالة النظر إلى عدالة القوانين نفسها، ومساءلة أساليب إعادة التأهيل وجدواها، بحسب الكاتبة.

المساهمون