"فيتو" ترامب لا يخفف من نفور الكونغرس تجاه السعودية

"فيتو" ترامب لا يخفف من نفور الكونغرس تجاه السعودية

17 ابريل 2019
نفور ملحوظ في الكونغرس تجاه السعودية (بيل كلارك/Getty)
+ الخط -
استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، حق النقض "الفيتو" ضد قانون أقرّه الكونغرس بمجلسيه وبأكثرية وازنة شارك فيها الحزبان؛ الجمهوري والديمقراطي، لوقف الدعم الأميركي لحرب السعودية في اليمن.

تحالف نادر بين الحزبين هذه الأيام، ما كان ليتحقّق لولا الاستياء المتنامي في الكونغرس تجاه المملكة، والذي لم يقوَ الرئيس ترامب على منع حصوله، بالرغم من ضغوطه على الجمهوريين الذين رفضوا مناشدته لثنيهم عن التصويت على هذا القانون.

لكن ترامب في النهاية، كسب الجولة بـ"الفيتو"، وأسقط القانون بزعم أنّه "يضعف صلاحياته ويعرّض أمن القوات العسكرية هناك للخطر". حيثيات ليس في واشنطن من لا يعرف أن لا علاقة لها برفض القانون الذي "يهدف إلى معاقبة ولي العهد السعودي" محمد بن سلمان.

خطوة لا يسمح بها ترامب لاعتبارات وحسابات يتداخل فيها الخاص بالعام، حسب المتداول في واشنطن.

الآن سقطت المحاولة، وليس من المتوقع تعويم القانون في الكونغرس، لعدم توفر الثلثين اللازمين في المجلسين لكسر "الفيتو". غير أنّ ذلك "لن يوقف مواصلة العمل لسحب الدعم للسعودية" كما جاء في رد السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، أحد رعاة مشروع القانون.

وبدا في إصراره على المضي في هذا التوجّه، وكأنّه يراهن على أجواء النفور الملحوظ في الكونغرس تجاه السعودية، والذي تعاظم في أعقاب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي.


بدأ الحراك في الكونغرس يتبلور ضد الحرب في اليمن منذ 2015، غير أنّ تفاقم كلفتها الإنسانية بسبب استهداف المدنيين، وارتفاع عدد الضحايا في صفوفهم، وما أثاره ذلك من ضجة في وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، شكّل حالة ضاغطة لطرح موضوع الحرب وضرورة فرملتها.

لكن الإدارة بقيت تتلطى خلف موضوع العلاقات التاريخية، وضرورة الحفاظ عليها لأهميتها "الأمنية والإقليمية والاقتصادية – النفطية". وبقي التذرّع بهذه الحيثيات يشكّل الغطاء لتوفير الدعم الذي سبق وأقرّته إدارة الرئيس باراك أوباما لحرب اليمن.

غير أنّ مقتل خاشقجي جاء ليغيّر لغة الخطاب في الكونغرس، ويفجّر نقمته على المملكة. الاستياء المكتوم في صفوفه من سلوك وسياسات القيادة السعودية الجديدة، تحوّل إلى مطالبة بمعاقبة الرياض، وضرورة محاسبة المسؤول عن تلك الجريمة.

وسط هذه الأجواء، جرى تصويت في مجلس الشيوخ، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على مشروع قانون لوقف المساعدة العسكرية للمملكة في حربها اليمنية. وجاء طرحه، آنذاك، بصيغة لا تخلو من التحدي للرئيس ترامب، خاصة من جانب الجمهوريين الذين شاركوا فيه.

واكب ذلك صدور دعوات كثيرة "لإعادة النظر" في العلاقة مع السعودية "التي لم نعد بحاجة إليها"، كما ردد البعض من الحزبين. ثم تطوّرت النقمة على ولي العهد، وبدأت تترجم بمشاريع قوانين عقابية في الكونغرس، بدأ التصويت عليها في فبراير/شباط الماضي بمجلس النواب، ثم لاحقاً في مجلس الشيوخ، في مارس/آذار الماضي، إلى أن تكللت بمشروع موحد أطاح به ترامب بـ"الفيتو".

وقد أثار نقضه ردود فعل دانت خطوته بشدة، شاركت فيها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والمرشح الرئاسي السيناتور بيرني ساندرز.


لكن أهم ما نجم عن الخلافات بين الكونغرس والبيت الأبيض حول السعودية، أنّها ساهمت في توسيع دائرة التمرّد في صفوف الجمهوريين على الرئيس ترامب.

حرب اليمن وفّرت لعدد منهم، منفذاً للخروج عن الطاعة، وبما يضمر تنامي الاعتراضات على ممارسات وسياسات الرئيس وسلوكياته، والتي تأخذ تعبيرات مختلفة بين الحين والآخر، كان منها التصويت على القانون المنقوض.

وربما يكون من بينها إعلان حاكم ولاية ماساشوستس؛ الجمهوري بيل ويلد، ترشّحه للرئاسة، كمنافس لترامب عن الحزب الجمهوري. وهو محسوب على مؤسسة الحزب، وبالتالي قد يكون ترشيحه أحد تعبيرات الانسلاخ الحزبي المبكر عن ترامب في معركة الرئاسة، لا سيما إذا ما حذا آخرون حذوه، وقرروا منافسة ترامب، بعد أن كثرت الاعتراضات عليه في صفوف الجمهوريين، لعدة أسباب من بينها التقارب والاحتضان غير المقبول في الكونغرس، ولا في أوساط العديد من النخب، لولي العهد محمد بن سلمان.