"غزة أيام زمان"... واقعٌ تاه عبر السنين وأعادته الصور

"غزة أيام زمان"... واقعٌ تاه عبر السنين وأعادته الصور

22 يوليو 2018
أحداث كثيرة عايشها أبناء القطاع (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -
شريطٌ من الذكريات تُعيده صفحة "غزة أيام زمان" على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر، "فيسبوك"، عن طبيعة الحياة في قطاع غزة قديماً، وأسلوب العيش فيها لفترة تعود لعشرات السنين، ذكرياتٌ ما زالت راسخة في أذهان غزّيين ربما عايشوها، وآخرين أخذهم الحنين إلى معايشة بساطتها، رغم الحداثة التي اجتاحت القطاع.

شواهد كثيرة من غزة لا تزال تحفظ شكلها القديم إلى وقتنا هذا، وهو ما يظهر في صور المعالم التاريخية في القطاع، أو أسلوب الحياة البسيط في مخيمات اللاجئين بغزة، وشواهد ما زال أصلها باقياً مع حداثة غلبتها قليلاً، كالصورة المنتشرة في الصفحة لميدان "الجندي المجهول" في العام 1964 ومقارنتها بالعام 2018.

وتتزين الصفحة بتاريخ منوع بذكريات غزة، تعود إلى الوراء كثيراً في صورٍ ربما لم تعايشها الأجيال الجديدة، كما "بريد رفح – السنترال" في السبعينيات، وملعب "اليرموك" في الستينيات، أو متطوعات الشرطة النسائية اللواتي عملن مع قدوم السلطة في التسعينيات وأخذن صورة تذكارية عند ميدان الجندي المجهول وقتها، وحتى مقطع فيديو لنزهة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على بحر الشيخ عجلين في العام 1995.

وتفاعل الفلسطينيون أكثر مع مقطع فيديو يُظهر شكل الحفلات القديمة في غزة فترة التسعينيات، وحتى ميناء الصيادين في نفس الفترة. أما الاحتلال والذي لم يغِب عن المشهد الفلسطيني إلى الآن، ظهرت صورٌ له خلال اجتياحاته لغزة، وأخرى عندما كان يقوم بتفتيش السيارات على حاجزٍ في شمال القطاع خلال العام 1988، عدا عن الحافلات التي كانت تنقل الفلسطينيين للعمل في إسرائيل من نقطة ناحل عوز عام 1982.
ولأن غزة تحفظ كثيراً من عراقتها وتاريخها، كانت جولة أبو عبد الرحمن ماضي في شارع عمر المختار القديم، ملهمة له كي يعود بفكرة تأسيس الصفحة الإلكترونية، كي يفرغ شيئاً من شعوره بالحنين إلى الماضي، وهو الذي تولّد أيضا مع مشاهدته للمباني القديمة والمواقع الأثرية التي ما زالت حاضرة في القطاع.



ماضي (37 سنة) أسس صفحة "غزة أيام زمان" قبل نحو سنة ونصف السنة، وهي الآن تحصد تفاعلاً واسعاً من المشتاقين لغزة القديمة. الفلسطيني حصل على أرشيف مليء بالصور والفيديوهات التي تتناول حياة غزة قديماً من خلال بحثه وتصفحه لمواقع الإنترنت، كما ساعدته جلساته مع أمه وكبار السن في البحث عن بعض التفاصيل.



وما زاد أرشيفه، تعرفه على شخص برازيلي الجنسية في الفترة الأخيرة، إذ يقول لـ"العربي الجديد": "تعرفت عليه وهو كان يعمل جندياً في قوات الطوارئ الدولية التي كانت في غزة في الفترة ما بين 1956 و1967، وبعد تعارفنا طلبت منه صوراً لغزة في تلك الفترة، فبدأ بإرسال صور ومقاطع فيديو، وقد استخدمتها، كما كنت أستعين بباحثين للتعرف إلى تفاصيل بعض الصور".
ويضيف ماضي في حديثه عن غزة قديما: "هي تراث من رائحة الأجداد، وزمن مضى كانت تسكن به راحة البال والقناعة، رغم وجود الاحتلال، كانت البساطة والطيبة والعزوة والتعاون في جميع مناحي الحياة، زمن من العفوية التي لا نجدها في هذه الأيام، في الماضي لم يكن هناك كهذه الأيام فرقة وانقسام وتشتت ووجود تنظيمات أدت إلى فرقة بين الأخوة في البيت الواحد".
ويريد ماضي من الصفحة، إتاحة الفرصة لأهل غزة ليتعرفوا على أماكن غزة العتيقة والأماكن الأثرية بها، ورسم البسمة على وجوه الناس عبر إعادة شعور الحنين لديهم إلى الماضي، مضيفاً: "أنت عندما تسأل أي شخص، أو تذكره بموقف قديم، تجده يبتسم شوقاً لتلك الأيام، أو يشعر بلذة الحنين إلى ذكريات مضت".
وفي نظر مؤسس الصفحة، تفتقد غزة في الوقت الحالي ما عاشته في الماضي من أجواء حبٍ وبساطة وعفوية وطيبة وكرم وأشياء أخرى، ذلك الزمان حيث لا ضجيج ولا ازدحام ولا تزاحم ولا صراع على الأرزاق، ويقول إن "الاحتلال تسبب في إحداث شرخ عميق بين الأخوة، ونحن نبكي على الماضي لأنه أفضل من حاضرنا".


وتمثل الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة في الصفحة حالةً خاصة لكثير من الفلسطينيين الذين ربما عايشوا بعضاً منها، ويبين ماضي أن الناشطين يتفاعلون مع اللحظات التي ربما تمس ماضيهم، مثل شكل الأعراس والحفلات القديمة والتي غلبتها البساطة، حتى لاقت تفاعلاً واسعاً في الصفحة.
وتنتشر الصفحات الفلسطينية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتداول محتوى منوعاً يهدف إلى ترويج التاريخ والأصالة الفلسطينية للكثيرين داخل فلسطين أو خارجها، وهي التي يقابلها محاربة واضحة من قبل إدارة موقع "فيسبوك" وهي التي تعمل في سبيل دعم الرواية الإسرائيلية ودحض كل ما يشير إلى جذور الفلسطينيين، عبر استمرارها في حذف الصفحات الفلسطينية.




دلالات

المساهمون