"عفو السيسي"... استنسابية وذكورية وشيطنة للمعارضين

"عفو السيسي"... استنسابية وذكورية وشيطنة للمعارضين

18 يونيو 2015
وعد السيسي ميركل بإطلاق سراح معتقلين (محمد كمان/الأناضول)
+ الخط -
يُمكن وصف تفاصيل قرار العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس الأربعاء، عن 165 سجيناً ذكراً حصراً في قضايا التظاهر وجنح مرتبطة بأحداث ما بعد فضّ اعتصام رابعة العدوية، عامي 2013 و2014، بأنه صورة مختصرة لسلوك النظام المصري مع معارضيه وطريقة نظرته إليهم، خصوصاً لناحية "إعادة التأهيل" الذي اقترحه السيسي لـ"دمج المُطلق سراحهم في المجتمع". وتكشف تفاصيل القضايا المنسوبة إلى المتهمين الذين تمّ العفو عنهم، عدم تميّزها عن القضايا الأخرى الكثيرة التي ما زال المتهمون، أو المحكومون فيها، خلف أسوار السجون على خلفيتها.

من الواضح أن السيسي تعمّد عدم الإفراج عن أي من "نجوم السياسة"، سواء كانوا من النشطاء السياسيين الليبراليين واليساريين أو قيادات جماعة "الإخوان المسلمين". ومعظم الأسماء مجهولة تماماً، في تأكيد جديد من النظام المصري على استمرار الخصومة بينه وبين شباب ثورة يناير و"الإخوان" على حد سواء. وفي الوقت عينه تُعدّ البادرة، الأولى من نوعها من السيسي لتحسين صورته في الخارج كرئيس يؤيد الحريات.

ويُمكن القول إن القرار كان اعتباطياً، والدليل أنه على الرغم من ترابط قضية النشطاء الثلاثة: يارا سلام وسناء أحمد سيف الإسلام ومعتز راغب، المسجونين على ذمة قضية "تظاهرة الاتحادية"، إلاّ أن القرار الرئاسي عفا عن راغب وحده من دون زميلتيه، مما يطرح علامات استفهام حول الأسس التي تم على أساسها اختيار أسماء المُعفى عنهم وجميعهم من الذكور.

اقرأ أيضاً: إعادة افتتاح محطة السادات من إنجازات السيسي!

ولم يُنصف قرار العفو الرئاسي، جماعة "الإخوان"، بل اختار العفو عن عدد محدود منهم، لا يتجاوزون السبعة، عدا قضية أحداث الاعتراض على فضّ اعتصام رابعة في حي روض الفرج، التي أُفرج فيها عن أكثر من 40 محكوماً، من الإخوان وغير الإخوان. وأفادت مصادر في وزارة الداخلية المصرية، أنّ "إعداد هذه القائمة استغرق أربعة أشهر، وأنها كانت تضم في البداية أكثر من 300 شخص، قبل أن يتمّ تقليصهم على أساس التقارير الأمنية وتحريّات الأمن الوطني عن تاريخهم السياسي، ومدى مشاركتهم في أنشطة جماعة الإخوان وتاريخ انتسابهم لها، وأخيراً إلى الحالة الجنائية الخاصة بهم".

وأضافت المصادر أن "هذه القائمة التي تم العفو عنها هي الوحيدة التي ارتأت الأجهزة الأمنية على اختلافها، سواء كانت بوزارة الداخلية أو الاستخبارات العامة، العفو عنها في الوقت الحالي، وأن باقي الأسماء المحكوم عليها والمتهمة في ذات القضايا لن تخرج من السجون قبل انتهاء فترة عقوبتها، عدا المحكومين في قضية تظاهرة الاتحادية، إذ من الوارد ضمهم إلى العفو بقرار عفو آخر يصدر لاحقاً".

ولم تحدد المصادر الأمنية الموعد المقترح أو المتوقع للإفراج عن "فتيات الاتحادية" غير أنها قالت: "الأكيد أن الدولة لا تريد أن تبدو بمظهر من تستطيع المعارضة ليّ ذراعها أو الضغط عليها، فالمعايير التي تم اتباعها خاصة بالأجهزة الأمنية فقط، ولم تخضع لأي اعتبارات سياسية أخرى". وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر حكومية أخرى أن "هناك ثلاث جهات شاركت في إعداد هذه القائمة، هي الأمن الوطني والاستخبارات العامة والنيابة العامة، وأن موافقة الجهات الثلاث معاً على خروج المحكوم كان الشرط الأبرز لشموله في القرار".

وأكدت المصادر أيضاً أن "السيسي أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في لقائهما الأخير ببرلين، بأنه سيتخذ قرارات عفو متتالية عن الشباب والأحداث الذين يثبت عدم وجود نشاط إجرامي أو إرهابي لهم"، مرجحة أن تعلن الرئاسة قائمة عفو أخرى بمناسبة عيد الفطر، أي بعد شهر من الآن.

اقرأ أيضاً: "إخوان" سورية يدينون قضاء السيسي "الطاغوتي" وحكم إعدام مرسي

المساهمون