"طفرة اشتراكية" في أميركا لا تنوي التحوّل إلى حزب

"طفرة اشتراكية" في أميركا لا تنوي التحوّل إلى حزب

12 نوفمبر 2017
ترشح ساندرز أعطى دفعاً جديداً للاشتراكية (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

في بلد كانت فيه كلمة "اشتراكية" شبه محظورة، تبرز موجة جديدة من الاشتراكيين الذين يحققون الفوز تلو الآخر في البلديات والولايات الأميركية، بعد عام واحد فقط على وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة. أحد هؤلاء، لي كارتر، عامل الكهرباء الذي أصيب بصعقة في حادث عمل، ما نقله إلى الساحة السياسية وإلى الاشتراكية. فالصعوبات التي واجهها للحصول على تعويض، دفعته إلى مهنته الجديدة، ليفوز الرجل الذي يُعدّ من الاشتراكيين الجدد، بمقعد في المجلس المحلي لفرجينيا، في الشرق الأميركي في الانتخابات الأخيرة. كارتر يشكّل أيضاً رمز حركة للشباب الأميركي الذي يميل أكثر فأكثر إلى الديمقراطيين الاشتراكيين في الولايات المتحدة، المجموعة اليسارية التي تشهد أكبر نمو في هذا البلد الذي لا وجود لحزب اشتراكي قائم بحد ذاته فيه. هذه الحركة مصدرها إلى حد كبير ترشح بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للاقتراع الرئاسي للحزب الديمقراطي العام الماضي، الذي أثار حماس جزء كبير من الجيل وأعطى دفعاً جديداً للاشتراكية.

وارتفع عدد المسجلين لدى منظمة "الديمقراطيين الاشتراكيين في أميركا" من ستة آلاف إلى أكثر من ثلاثين ألفاً منذ الحملة الخارجة عن المألوف التي قام بها ساندرز في 2016. لكن هذه الأرقام ما زالت بعيدة عما تسجله الأحزاب الاشتراكية في أوروبا أو في فرنسا، حيث كان أكثر من 136 ألف شخص مسجلين في الحزب الاشتراكي في 2016، خصوصاً بالنظر إلى عدد السكان في الولايات المتحدة البالغ نحو 325 مليون نسمة.

ويرى مسؤولو الديمقراطيين الاشتراكيين في ذلك حركة غير مسبوقة، مشيرين إلى أن معدل أعمار المنتسبين تراجع من 60 عاماً إلى 35 عاماً، ويصفون ذلك بـ"طفرة اشتراكية". وتبلغ جاكلين سميث الثانية والعشرين من العمر فقط وكانت واحدة من المسؤولين عن الحملة الناجحة للي كارتر في فرجينيا بعدما التحقت بالديمقراطيين الاشتراكيين في يناير/كانون الثاني فقط. وقالت لوكالة "فرانس برس" خلال تجمّع بالقرب من واشنطن، إنها قامت بذلك "لمعالجة جذور المشاكل لا عوارضها". وأضافت "تهمني الأسباب التي أوصلت دونالد ترامب إلى هنا، أكثر مما تهمني معارضته". وتابعت سميث أن جيلاً جديداً مستعد اليوم "لاعتناق العقيدة الاشتراكية والدفاع عنها علناً بشكل فعلي"، وهو تغيير كبير في الولايات المتحدة.


ومنذ عقود، لم يكن وزن الاشتراكية على الساحة السياسية الأميركية كبيراً كما هو اليوم. وقالت الأستاذة في الجامعة الأميركية في واشنطن، كاثي شنيدر، إن نمو "الديمقراطية الاشتراكية في أميركا" يثبت أن الناخبين المعارضين لترامب لا يجدون هدفهم في الحزب الديمقراطي بالضرورة. وأضافت أن "هناك شريحة في المجتمع الأميركي تشعر أن الأحزاب السياسية لا تستجيب لمخاوفها"، مشيرة إلى أن "الديمقراطيين الاشتراكيين قالوا: لدينا حل لكم".

لكن "الديمقراطيين الاشتراكيين في أميركا" لا ينوون التحوّل إلى حزب. وما زالت المجموعات اليسارية المتطرفة على هامش الساحة السياسية الأميركية التي يهيمن عليها الحزبان الجمهوري والديمقراطي، بشكل لا يترك إلا مساحة قليلة للآخرين. والهدف هو أن يشغلوا أي منصب ممكن بالانتخاب، عبر التحالف مع الديمقراطيين بشكل عام، ولكن ليس منهجياً. ومع أن بيرني ساندرز سمح بنفض الغبار عن الاشتراكية على الطريقة الأميركية، يؤكد مسؤولو "الديمقراطية الاشتراكية في أميركا" أنهم أصبحوا يريدون بناء حركتهم على أفكار أساسية، مثل التأمين الصحي للجميع بدلاً من أي شخصية. وقالت كاثي شنيدر إنهم يستطيعون الاستفادة من أن "السمعة السيئة" للاشتراكية بدأت تزول. وأضافت أن "الناس لم يعودوا يربطون بين الاشتراكية والحكم الديكتاتوري في الاتحاد السوفييتي والصين".

لكن هذا لم يمنع المنافس الجمهوري للي كارتر من شن حملة ضد الشيوعية بشكل واضح. فقبل الانتخابات تماماً، وزع حوالي أحد عشر ألف منشور تحمل صور المرشح الاشتراكي وشخصيات شيوعية مثل كارل ماركس أو ماو تسي تونغ. لكن كارتر قال لـ"فرانس برس" إنه حتى الناخبين الجمهوريين أسرّوا لناشطين اشتراكيين قاموا بالحملة من منزل إلى آخر، أن المحاولة كانت "فجّة". وأضاف أن "نشر شائعات تنذر بالخطر حول ما هو في الأساس خلاف في الفلسفة الاقتصادية، لم يعد مفيداً".

(فرانس برس)


المساهمون