"صقلية والأندلس والمغرب": تبادلات ثقافية

"صقلية والأندلس والمغرب": تبادلات ثقافية

15 ابريل 2020
(من متحف الأندلس الحيّ في قرطبة)
+ الخط -

بحلول القرن العاشر الميلادي، انتهى التوسّع الإسلامي في حوض البحر الأبيض المتوسط، والذي استمرّ قرابة ثلاثمئة عام، ليعمّ الأمن والاستقرار والازدهار جميع المناطق التي حكمها المسلمون حيث تأسّست مدن استقطبت أناساً من أعراق متنوّعة للعمل والإقامة فيها، كما نشط التبادل التجاري بين العديد من الحواضر المتوسطية.

بموازاة ذلك، شهدت الثقافة والفكر ذروة الاهتمام بهما، وهو ما يضيء عليه كتاب "صقلية القرون الوسطى والأندلس والمغرب، الكتابة في أزمنة الاضطراب" الصادر حديثاً عن "جامعة أمستردام"، ويتضمّن مقالات ودراسات عدّة حرّرها وقدّمها الباحثان نيكولا كاربنتيري وكارول سيمز.

يستكشف الكتاب التفاعل الأدبي بين شعوب صقلية وشبه الجزيرة الإيبيرية وشمال أفريقيا التي سكنتها شعوب متعدّدة اللغات والثقافات من عرب وبرير ويونانيين ورومانيين وقوط وغيرهم، وكيف استطاعوا تكوين تحالفات سياسية كانت معظمها هشّة لكنها حيوية، وأدّت أهدافها في كثير من الأحيان، كما شكّلوا هويات تشترك في ما بينها بسمات عديدة، كما تحتفظ بتناقضاتها في الوقت نفسه.

وشهدت هذه المرحلة أيضاً، وفق الكتاب، موجات هجرة وتنقّل للعلماء والشعراء والكتّاب عبر المتوسّط، وتطوّرت أشكال الكتابة والتأليف لتقنرب أكثر من عامّة الناس، كما صعدت اللهجات الدارجة التي تقاربت في كثير من مفرداتها، واستُدخلت مواضيع وممارسات ثقافية "أجنبية" لدى جميع الشعوب.

تسعى هذه المقالات إلى دراسة النتاجات الأدبية في أزمنة الاضطراب التي عاشتها العديد من مدن المتوسّط خلال القرون الوسطى، حيث يقدّم أصحابها وجهات نظر جديدة في التقاليد الكتابية في جنوب إيطاليا وإسبانيا وبلدان المغرب آنذاك، وكيف نجح ذلك التقارب الثقافي في التغلّب على التحوّلات الصادمة أحياناً بين الأنظمة السياسية أو الدينية.

يُفتتح الكتاب بمقدّمة وضعها المحرّران بعنوان "المشترك المتوسطي في أزمة"، ثم يستعرض الفصل الأول الصراع بين الإسلام والمسيحية خلال القرن التاسع، ويناقش الفصل الثاني الإمبراطورية والخلافة عند القديس جين دي غروز (900 - 974) أحد الإصلاحيين داخل الكنيسة، ويبحث الفصل الثالث في المناظرات زمن الخلافة الفاطمية، بينما يركّز الفصل الرابع على الرسائل في أفريقية وصقلية، والفصل الخامس على نهاية الحكم الإسلامي في الإندلس، ويضيء الفصل السادس على معبد أخميم المصري وكنيسة مارتورانا في باليرمو كما ذكرها ابن جبير في رحلاته، ويختتم الكتاب بفصل عن الأدب في غرناطة.

المساهمون