"صفقة ترامب - نتنياهو" لـ عزمي بشارة: قراءات في حيفا

"صفقة ترامب - نتنياهو" لـ عزمي بشارة: قراءات في حيفا

26 يوليو 2020
عزمي بشارة
+ الخط -

ضمن فعاليّات "معرض الكتاب العربي الثاني" الذي تنظمه "جمعية الثقافة العربية" في حيفا، عُقدت مساء  السبت حلقة نقاشيّة بُثّث عبر فيسبوك حول كتاب المفكّر العربي عزمي بشارة "صفقة ترامب - نتنياهو" الذي صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في شباط/فبراير الماضي. شارك في النقاش كل من: الكاتب أنطوان شلحت، والباحث معين الطاهر، والباحث علي حبيب الله، فيما أدار النقاش ربيع عيد من "جمعية الثقافة العربية".

في كلمته، شرح شلحت تركيبة الكتاب، حيث قال: "قدّم عزمي بشارة في القسم الأول تحليلًا نقديًا للنص، واشتمل القسم الثاني على معالجة سريعة للمسار الذي أوصل القضية الفلسطينية إلى هذه النقطة تحديدًا، فيما تطرّق في القسم الثالث إلى سؤال: ما العمل؟ وأضاف قسمًا رابعًا حول الرأي العام العربي لتسليط الضوء على عمليات تزييف كثيرة طاولته من جانب مؤيدي تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وتطرّق شلحت إلى التحليل النقدي الذي تناول به بشارة نص "الصفقة"، والذي يعتبره بحق نصًّا إسرائيليًا يمينيًا بخطاب صهيوني ديني، يشفّ بالأساس عن تغيّر رئيس في الموقف الأميركي، من الانحياز إلى إسرائيل والتحالف معها إلى التماهي المعلن وغير المنضبط مع مواقف اليمين الإسرائيلي، والعمل على إملائها على الفلسطينيين والعرب بالضغط الفعلي، والتخلي بذلك تمامًا عن الدور السياسي "الوسيط" لرعاية المفاوضات، أو الوصاية على ما يسمى "عملية السلام"، وهو الدور الذي قامت به بوصفها دولة عظمى، لا مجرّد حليف لإسرائيل يتبنى أجنداتها ويتعصّب لها.  

وأضاف شلحت: "تحليل بشارة جاء مغايرًا وأعمق سبرًا لغور الخطة، ويؤكد أن الخلل غير كامن في الفجوة القائمة بين الرؤية وطريقة تحقيقها بل بالأساس في الرؤية نفسها، ولا سيما فيما يتعلق بـ"حقوق" الدولة اليهودية. في واقع الأمر، فإنه حتى الأدبيات الإسرائيلية نفسها سبق أن استشعرت هذه النتيجة من خلال استنتاجين: أولًا، أن ترامب أجرى تغييرًا في توازنات داخلية وأزاح خطته، بصورة كبيرة وواضحة، نحو الموقف الإسرائيلي، من خلال التشاور والتنسيق الوثيقين مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين. ثانيًا، أن خطة "صفقة القرن" حققت معظم أحلام نتنياهو السياسية، و"الجديد الجوهري" فيها هو اعتراف أميركي بشرعية مطالب إسرائيل في الضفة الغربية، بمبررات قانونية، وأمنية، وتاريخية. وتكتفي الخطة بدفع ضريبة كلامية لقرار مجلس الأمن 242 الذي كان أساس عملية "الأرض في مقابل السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنها في الوقت ذاته تلقي في سلة المهملات بمئات القرارات الأُخرى، الصادرة عن جهات دولية عارضت الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي واعتبرت المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ 1967 غير قانونية، وهي لأول مرة تمنح شرعية من البيت الأبيض لتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات وعلى منطقة غور الأردن".   

من جهته، تحدث معين الطاهر عن الفصل الثالث من العمل الذي حاول فيه عزمي بشارة "رسم استراتيجية لمشروع وطني فلسطيني جديد". يقول الطاهر: "بداية يصف بشارة، الوضع الفلسطيني  ويعرف القضية الفلسطينية بأنها قضية تحرر من واقع الاحتلال والشتات والتمييز العنصري، وبأنها اخر قضية استعمارية غير محلولة ويؤكد على أن فلسطين وحدة واحدة وفضاء واحد خاضع لدرجات مختلفة من سلب الأرض من مصادرة الكيان الوطني وتلوينات وأساليب سيطرة مختلفة للسلطة الإسرائيلية الحاكمة نفسها ويفترض أن رؤية ترامب يجب أن تدفع لتفكير في استراتيجيات جديدة إذ لم يعد ثمة مجال لتصوّر حل لقضية فلسطين يشمل فقط جزءاً من الشعب الفلسطيني، فالمطلوب حالياً صياغة استراتيجية التحرّر وأهدافها وليس اقتراحات حلول أو الدخول في مفاوضات".

الصورة
كتاب صفقة ترامب – نتنياهو

وأضاف الطاهر: "ينتشر في الأوساط الفلسطينية أفكار بضرورة حل السلطة الفلسطينية كأداة لتخلص من إرث اتفاق أوسلو الثقيل، لكن بشارة هنا يقدّم رؤية مختلفة أساسها تغيير وظيفة السلطة وليس حلها بحيث تصبح نوعاً من إدارة مركزية لسلطات محلية بلديات تدير شؤون السكان يمكن أن يكون لها مهام متنوعة مع التأكيد على أنها ليست قيادة سياسية للشعب الفلسطيني. القيادة الفلسطينية تتم عبر إعادة إحياء "منظمة التحرير" لتولّي هذا الدور لكنه يحذر في نفس الوقت من انقلاب في رعاية إسرائيلية إذا ما حل محمود عباس السلطة فسيرحل هو ويتسلم رجال الأمن السلطة بدلاً منه من المحتمل أن يتلقى أي انقلابي أو رجل أمن طموح دعماً إسرائيلياً وأميركياً لاستلام السلطة. لماذا لأنه يرى أن إسرائيل لا تريد أن تعود وتحكم السكان".

وأشار الطاهر، أيضاً، إلى أن بشارة يؤكّد على أنه "لا يفترض أن ينشغل المثقفون والباحثون الفلسطينيون حالياً في التفكير في يوتوبيا الدولة الواحدة كأنه حل بديل، والاستنتاج من ذلك أن المهمة تكمن في فشل حل الدولتين وكأن الإسرائيلي الذي رفض حل الدولتين وعرقله - وهو الطرف القوي في المفاوضات - يمكن أن يرضى بحل آخر هو التنازل عن امتيازاته في الدولة اليهودية ليعيش في دولة واحدة لشعبين".

أخيراً، يقول علي حبيب الله في مداخلته: "في ما يتعلق بالتشخيص التاريخي، فإن هذا الكتاب ليس قادماً فقط من لغة البحث بل أيضاً من لغة معاينة الحياة السياسية على الأرض في الواقع بفلسطين، فقد عاصر بشارة المراحل كلها التي تحدث عنها، فجمع بين المعاين والباحث".

وأشار حبيب الله إلى أن بشارة "أراد أن يبيّن دائماً أن من كان يرفض هذه المبادرات تاريخياً هم الإسرائيليين ولكن هذا لا يعني أن قبول العرب يحسب للعرب، وأن العرب كانوا دائما يقبلون. حتى في خارطة الطريق الذي طرحها جورج بوش الابن في عام 2002 قبلها ياسر عرفات وتحفظ عليها الإسرائيليون ووضعوا عليها مائة تعديل".

تناول حبيب الله سؤال "ما العمل؟" الذي طرحه المفكّر العربي في كتابه، فقال: "يقترح بشارة إستراتيجية عمل نضالي طويل الأمد ولا يقترح حلولاً. بالعكس هو يقول يجب أن نغادر لغة الحلول وأن نغادر لغة الحلم، وأن يكون هناك خطاب ناظم وجامع لعموم الشعب الفلسطيني بكل أماكن تواجده".

المساهمون