"صفر نفايات"... تركيا تبني ثقافة بيئية جديدة

"صفر نفايات"... تركيا تبني ثقافة بيئية جديدة

01 مايو 2019
سيتغير الكثير في قطاع النفايات (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -
بدأت في تركيا 15 ألف مؤسسة عامة في تطبيق مشروع "صفر نفايات" الذي انطلق قبل عامين، وبات إلزامياً في مناطق النفايات الصلبة، كالمناطق الصناعية والمنشآت والمعامل.وفي إطار المشروع، نظمت ولاية آيدن معرضاً فنياً سعى إلى تعزيز رؤية تركيا الخالية من النفايات والقادرة على إدارة أزمة بيئية كبيرة.

يقول مدير التربية والتعليم في ولاية آيدن، سيف الله أوكوموش، إنّ المشروع يهدف إلى التقليل من المخلفات والاستفادة منها عبر إعادة تدويرها، وبناء ثقافة بيئية جديدة. ويشير أوكوموش إلى أنّه جرى خلال المعرض، تقديم أعمال فنية لتلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، تضمنت ملابس وألعاباً للأطفال، ومجسمات لمنازل، وأشكالاً هندسية، ويعتبر أنّ المشروع يحفز المواطنين على الحفاظ على البيئة.

بدوره، يعتبر الباحث في الشؤون البيئية، أوزغان مالك أوغلو، في حديث إلى "العربي الجديد" أنّ "صفر نفايات" هو مشروع التحدي في تركيا، ويتعدى الآثار الصحية وحتى المنافع الاقتصادية والبيئية، بدليل أنّ وزارة البيئة، أوكلت مهام المبادرة ومتابعة المشروع، للبلديات الكبرى، إذ تلتزم البلديات بتأمين مراكز مخصصة لجمع النفايات لكلّ ربع مليون شخص، وليس ذلك فقط، بل إنّ البلديات مسؤولة عن جمع النفايات التي من الممكن إعادة تدويرها.

يؤكد مالك أوغلو أنّه منذ مطلع العام الجاري، ألزمت البلديات مراكز التسوق والمناطق الصناعية والمدارس والمستشفيات والمؤسسات التعليمية، بفرز النفايات ووضع كلّ نوع في حاويات كبيرة مخصصة له، سواء أكانت النفايات صلبة أو بلاستيكية أو ورقية.

يلفت مالك أوغلو إلى أنّ أكبر مخاطر النفايات تتمثل في تلك التي يصعب تدويرها، وهو ما أكدت عليه وزارة البيئة في تركيا، مطلع عام 2019، ضمن ما أسمته "مبادرة للحد من أخطار النفايات في تركيا على البيئة". ويكشف أنّ هدف مشروع "صفر نفايات" هو الوصول بنسبة إعادة تدوير المخلفات إلى 60 في المائة بحلول 2030، وذلك على مراحل، وهو ما سيوفر نحو 20 مليار ليرة تركية (3 مليارات و350 مليون دولار أميركي)، إذا ما جرى تطبيق الخطة في كلّ أنحاء تركيا. يختم مالك أوغلو: "لدينا في تركيا ضعف لجهة فرز النفايات، والدولة الآن بصدد تلافيها، لأنّ البلاد تعتمد على النفايات المستوردة، من أوروبا والصين، لتوليد الكهرباء أو للاستخدام في بعض قطاعات الصناعة".

تشير مصادر رسمية إلى أنّ واردات تركيا من النفايات البلاستيكية فقط، بلغت عام 2011 نحو 205 آلاف طن، وانخفضت إلى 55 ألف طن عام 2017.

تركز تركيا منذ أطلقت حملة "صفر نفايات" في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، على إدارة النفايات وجعل البلاد نظيفة متقدمة للأجيال المقبلة، خصوصاً مع اندراج ذلك في إطار مبادئ التنمية المستدامة، إذ تشير بيانات الحكومة التركية، إلى أنّه جرى الحفاظ على أكثر من 30 مليون شجرة من خلال مشروع "صفر نفايات" بين عامي 2017 و2018، كما جرى توفير أكثر من 1.7 مليون طن من الورق. والمشروع الذي يجري العمل به في المجمع الرئاسي ومجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) ومباني الوزارات بدأ ينتشر بشكل كبير في جميع أرجاء تركيا.

كذلك، انضمت في مطلع العام الجاري، مجموعة من رجال الأعمال الأتراك، إلى مجال توليد الكهرباء باستخدام النفايات، عبر إنشاء أول محطة للطاقة في ملاطيا، شرقي الأناضول. ومن المنتظر أن تلبي المنشأة احتياجات الكهرباء لما يقرب من 40 ألف أسرة، عبر توليد الطاقة من النفايات الحضريّة التي مرت بخمس مراحل معالجة مختلفة هي "الترميد والتغويز الحراري والغاز الحيوي وغاز النفايات واستعادة الحرارة المفقودة". ولن تقوم هذه المنشأة التي أنشأتها مجموعة "ميمسان" بإضاءة المنازل المحليّة فحسب، بل ستُستخدم أيضًا في تدفئة المباني وزراعة الأزهار في البيوت الزجاجية.


في هذا الإطار، يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة "ميمسان"، حجّي أحمد إلهان، في تصريحات صحافية إنّ توليد الطاقة من خلال حرق النفايات الحضريّة يمارَس في أماكن عدة حول العالم لكنّه جديد في تركيا، وقد جرى إدخال طريقة الحصول على الطاقة من احتراق هذه النفايات لأول مرة في مصنعنا في ملاطيا. يضيف أحمد إلهان أنّ الحرارة المتولدة خلال العمليات الأربع المتبقية ستستخدم لتدفئة المنازل والبيوت الزراعية، وستدعم مشاريع تنسيق الحدائق في تلك البيوت، ما سيحول نفايات ملاطيا إلى أزهار تتفتح.

وأقامت تركيا، ضمن خطة الاستفادة من النفايات، أكبر محطة لتوليد الكهرباء من النفايات عن طريق غاز الميثان وحرق النفايات، وهي محطة "الشرق الأوسط" فضلاً عن منشأة صناعية لإنتاج غاز الميثان من حرق قشور الفستق الحلبي في ولاية غازي عينتاب التي تنتج نحو مائة وعشرين ألف طن من الفستق الأخضر، بعدما تبين أنّ قشوره تشكل مصدراً لكميات هائلة من غاز الميثان عند حرقها.

المساهمون