"صراع العروش".. المزيد من قتل الشخصيات الرئيسية (1-2)

"صراع العروش".. المزيد من قتل الشخصيات الرئيسية (1-2)

14 اغسطس 2017
(game of thrones)
+ الخط -

بقيت ثلاث حلقاتٍ على نهاية الموسم السابع من مسلسل Game of Thrones، ومن المزمع أن يُعرض الموسم القادم والأخير بعد عامين تضاعف خلالهما عدد مشاهدي حلقات المسلسل "الشرعيين" عبر شبكة HBO من مليوني مشاهد في افتتاحية موسمه الأوّل إلى حوالي 10 ملايين في حلقات هذا الموسم، وبالتأكيد أن المشاهدين "النغول" قد تضاعفوا أكثر من 5 مرّات.

يضيف المسلسل إلى هذه المشاهدات تصدّره لمعظم القوائم، فهو المسلسل الأكثر كلفة، الأكثر قرصنة، والأكثر ربحًا لـ"الإيمي" بـ212 جائزة عن مجموع المواسم، والأكثر ربحًا لـ"الإيمي" لموسم واحد في الموسم الخامس بواقع 38 جائزة. وبحسب التصريحات، فإن حلقات الموسم الأخير الست ستكون بطول ساعتين لكلٍّ منها.

يستلزم الحديث عن ظاهرة "صراع العروش"، الإلمام ببعض الحقائق، فالمسلسل كما الكتب التي اقتُبس عنها "سلسلة أغنية الثلج والنار"، يُمكن تقسيمها إلى عدّة حقب، وحالة المسلسل أكثر خطورة؛ في الكتب بدأ المشروع ليكون ثلاثية، وبعدها مع زيادة التفاصيل والأحداث قرّر المؤلف جورج آر آر مارتين التوسّع وزيادة الكتب إلى خمسة ثم إلى سبعة، وفي الكتابين الرابع والخامس تمّت تجزئة الأحداث حسب الشخصيات المتوزّعة في أرجاء العالم المفترض على أنّ أحداث كلا الكتابين تجري في الوقت ذاته.

بدأ المسلسل باقتباس كل كتاب في موسم كامل مؤلّف من عشر حلقات، لكنّ هذه الحال اختلفت بعد الموسم الثالث فأصبح الاقتباس يأخذ فصولًا من الكتابين الرابع والخامس كي لا تغيب شخصيّاته المحبوبة موسمًا كاملًا، ونحن الآن في الحقبة الأهم في المسلسل وهي الخروج عن المادة الأدبية المكتوبة؛ فالكتاب السادس لم يصدر بعد ويكتفي مطوّرو المسلسل بخطوطٍ أوليّة للأحداث من الكاتب، هذا الاقتباس لنصٍ غير موجود يجعل المهمّة شاقةً؛ لا سيّما أنه يأتي في آخر مراحل المسلسل حيث على جميع خطوط القصة الالتقاء وصولًا لنهاية الملحمة.


نحن وهم والآخرون
لا يوجد مجال للمفاضلة بين معجبي المسلسل على تنوّعهم، لكن هناك قليلًا من الحفاوة لأولئك الذين قرأوا الكتب قبل إنتاج المسلسل، وعمليًا فإن الأحداث التي يعرضها المسلسل منذ الموسم الماضي هي إجاباتٌ واستكمالٌ لأحداث توقّف عندها القراء قبل ستة أعوام عبر متابعة بدأت في التسعينيات من القرن الماضي، ولإحقاق الحقّ فإن جلّ هؤلاء القرّاء لا يروق لهم مآل المسلسل وأحداثه فيظهر غياب مارتين جليًّا في الحوارات الركيكة، وغياب الاتساق في بعض المجريات بسبب التعجّل في الوصول لخاتمة القصّة كانتقال بعض الأساطيل الحربية؛ انتقالٌ كان يتطلّب موسمًا كاملًا ويُنتج خط أحداث خاص للرحلة وأهوالها، لكنّه في المواسم الأخيرة بات يحدث بطرفة عين بحثًا عن مفاجأةٍ ووصولٍ غير متوقع يغيّر مسار الأحداث.

نشأت القاعدة الجماهيرية الأخرى مع المسلسل، وراقت لها فيه حواراته وأسلوبه في العرض دون مطالباتٍ بمعارك كبرى، فخلال أوّل ثلاثة مواسم شهد المسلسل معركة وحيدة، ولم يتّبع صراع العروش قواعد التلفزيون فأسس ثيمته الخاصّة؛ ومنها الخروج عن وضع نهاية مشوّقة لكل موسم وجعلها أقرب ليكون استهلالًا للموسم القادم واستعراضًا لما ينتظرنا، كذلك قتل الشخصيات الرئيسية بصورة غير مسبوقة، وهذا ما تغنّى به الكاتب مارتين حين قال إنه لا يريد لقرّائه أن يطمئنوا أن شخصياتهم المفضّلة في أمان وستنجو من الأخطار.

بعد الموسم الثالث وخصيصًا حلقة "العرس الأحمر" التي سبّبت هيجانًا عالميًا حين امتلأ الإنترنت بفيديوهات توثّق ردود أفعال الجمهور عند مشاهدتهم لنهايتها القاسية، تضاعفت أرقام المشاهدات في المواسم التالية والتحق بالركب كثير من المعجبين الجدد الذين أتوا من خلفية أن هذا المسلسل مليء بقتل الشخصيات الرئيسية، إضافة للخليط المميّز بين الزومبي والتنانين والهنود.


ماذا يريد الجمهور؟
يجني العمل كثيرًا من الأرباح، وهذا ليس مزعجًا بل هو ما يمدّ العمل بميزانيته الضخمة التي بدأت بـ5 ملايين دولار للحلقة وصولًا اليوم لما يقارب 100 مليون للموسم الحالي المكوّن من سبع حلقات، فإرضاء الجمهور لا شكّ يؤرق القائمين على العمل، وهذا ما لم يخضع له مارتين في كتبه، حين سفك دماء شخصياته دون رحمة، لكن هذه ليست الحال في الموسم الجديد والسابق.

تتحدّد الشروط للعالم الفانتازي منذ البداية وهكذا يتشكّل منطق القصة؛ هنا الشرط الرئيسي الذي انتهجه العمل أن صراع العروش لعبة إمّا أن تنتصر أو تموت، ويقترن بهذا الشرط ألّا يتعلّق المتابعون بشخصياتٍ محدّدة مهدّدة بالقتل في أي حدث، لكن بعد مواسمٍ من معاناة الأشخاص الطيبين وخسارة الطرف الأخلاقي، تأتي الآن مرحلة الكسب وعودة الحقوق، لكن سبك هذه الأحداث يبدو هشًّا إذا ما قورن بما سبق، ويتبدّى في الأفق الخروج عن بعض القواعد التي حاكها مارتين في كتبه.

منذ الحلقة الأولى كانت البشائر واضحة، فالمسلسل مليء بالاغتصاب والمشاهد الوحشية، وليس للنساء تلك الأهميّة في هذا العالم على تعدّد حضاراته وأعرافه، فالزوجات يُخْتَارون منذ الطفولة وفق التحالفات السياسيّة، والجواري ينجبن "النغول" دون اعترافٍ من الآباء النبلاء، وأثناء مسيرة المسلسل شهدنا قتل امرأة حامل وإطعام رضيعٍ للكلاب المفترسة، إلى غيرها من قطع الأعضاء وسلخ الجلود ومشيات العار.

في الموسم الخامس، وبعد مشهد اغتصاب سانسا ليلة زواجها، عادت ردود الأفعال النسويّة الغاضبة على العمل وعلى تطرّفه العنيف، لكن هذا ليس جديدًا، فافتتاحية العمل شهدت اغتصاب الكاليسي، وفي كلا الحالتين لم يكن المتابعون الشغوفون كثيرًا من الافتتان بهذين المشهدين؛ فكلاهما خارجان عن الكتاب واجتهاد شخصيٌّ من مطوّري المسلسل.

عند نهاية الموسم السادس وصلت القصة لصراعٍ بين الملكات الأربع إلى جانب عدّة شخصيات أنثوية - من بينها أطفال - باتت تملك القوّة والنفوذ، ليُصبح عصر تسيّد النساء واقعًا ملموسًا في العالم التخيّلي بعد أن كان شعار الموسم الخامس "كل الرجال يجب أن يموتوا"، وترافق هذا الصعود الدرامي بتصريحات ممثلات المسلسل، وإحداهن إيميليا كلارك، التي تؤدّي دور الكاليسي، التي قالت إنها تريد أن تكون مشهورة بسبب تمثيلها وليس ثدييها بعد أن قدّمت كثيرًا من مشاهد العري في المواسم الأولى.


كل المعجبين يجب أن يُخدموا
خدمة المعجبين أو ما يعرف بالـFan Service، بدأت تتّسع وتسيطر على معظم ما تبقى من المسلسل، وهذه الخدمات أو اللحظات الجميلة التي تُسعد المشاهدين قد تأخذ أكثر من قالب أو تأتي بغير حلّةٍ.

جميعنا ممن نحب المسلسل ونحاول أن نتوقّع الحبكة أو نحل بعض ألغازه سيعجبنا بالتأكيد أن نشعر بالذكاء؛ فما توقعناه كان صحيحًا وهذا أقصى ما يحلم به أيّ معجب، لكن في الواقع جلُّ النظريات والتوقّعات التي أصاب معظمها ليست وليدةً من المسلسل بقدر ما هي نتاج عملية قراءة تبلغ 21 عامًا منذ أوّل كتاب؛ فلغز أم جون سنو مكشوفٌ منذ نشر الكتاب الأوّل وتنبأ به القارئون، وحتى أنّ مارتين أثناء عملية موافقته لتبنّي روايته كعمل تلفزيوني سأل الثنائي القائم على المسلسل عن هذا اللغز؛ سؤالٌ ليس صعبًا في الحقيقة.

نظريات أخرى غير محسومة حول الفارس الموعود أو كون القزم وريثًا لآل تارغيريان تظهر إرهاصاتها من حينٍ لآخر، في مشاهد مضافة لا تفيد سوى بإثارة الشكوك أو وضع أرضية لبناء النظريات التي نوقشت وحُللّت سابقًا. بهذه اللمحات والتفاصيل يمنحنا المسلسل مزيدًا من الأشياء لنتحدّث عنها، ويُمعن آخرون بالبحث الدقيق لكل مشهد والبحث عن الكنايات، فعامان من التوقّف فترة طويلة ولا يبدو أحدٌ من محبّي المسلسل راغبًا بنقاش تطوّر شخصياته أو سيناريو بعض الحلقات الركيك: خاصرة المسلسل الضعيفة. ومع هذا بعد ساعتين تلفزيونيتين سنشهد ختام الموسم الصادم وترتفع الإشادات عن أسطورية المسلسل منقطع النظير.


يتبع

المساهمون