"سيت" الفرنسية: مراكب لكائنات الشّعر

"سيت" الفرنسية: مراكب لكائنات الشّعر

24 يوليو 2014
من سيت 2014
+ الخط -

لم تنتظر "سيت" مدينة بول فاليري، في الجنوب الفرنسي كثيراً، بعد صخب المونديال لتطلق موسمها الشعري السنوي "أصوات حية" في دورته الخامسة، التي انطلقت يوم الجمعة الماضي وتختتم مساء الأحد القادم. مراهنة على طقوس الصيف، في خلق حالة إبداعية، يتشابك فيها الشعر مع الموسيقى والفنون الأدائية.

وتأتي مشاركة مجموعة كبيرة نسبياً من الشعراء العرب، من بينهم نوري الجراح من سوريا ووليد الشيخ من فلسطين، وحكيم ميلود وعبد الله الهامل من الجزائر، ونشمي مهنا من الكويت، وعبد الرحيم الخصار من المغرب، وعلي ميرزا من قطر؛ في ظروف عربية طغت عليها أجواء العدوان الصهيوني على غزة، التي لا بد أنها كانت محلّ سؤال بينهم، وبين شعراء العالم.

إلى جانب التزام ممثلي الشعرية العربية بموقف واضح من أشكال الاستعمار فأمامهم أن يحدّدوا أيضاً مواقفهم من جملة الانشغالات الإنسانية التي تعنيهم، منها تأخر دولهم في الانخراط جدياً في مساعي حماية حقوق الإنسان والبيئة والطفولة وحرية التعبير. كما ينتظر منهم في المقابل اختبار "الضمائر الشعرية" في المشهد الغربي، بخصوص حق الإنسان الفلسطيني في الأرض والحياة، خاصة أن المهرجان يتزامن مع مجازر غزة.

ويلاحظ المتأمل في طبيعة الشعراء المدعوين من خارج فرنسا، تركيز المهرجان، كما في كل سنة، على الشعر المكتوب باللغة الفرنسية. ويحضر هذا العام رودولفو هاسلر من كوبا، وراوول زوريتا من التشيلي، ومارك أندريه بورلوجيت من كندا، وصلاح ستيتيه من لبنان، بالإضافة إلى مجموعة من شعراء فرنسا منها جان لوك باران، ودانييل ماكسيمين، وباتريك لوبين.

المهرجان المتوسطي الذي بات يعقد أيضاً في سيدي بوزيد في تونس، وتوليدو في إسبانيا، والجديدة في المغرب، يتميّز بتنويعه في أماكن القراءة كالحدائق والمتاحف والفضاءات الأثرية، مع الانفتاح على الحكواتيين والتشكيليين لتأثيث اللحظة بما يعزّز متعة العين والأذن.

حتى أنه يخصص بعض المراكب الراسية على شاطئ المتوسط، لأن تقرأ عليها تشكيلة من الأصوات المتوسطية منها آنا روسيتي من إسبانيا، وناسا باتابيو من قبرص، ويوسف ألبير من تركيا، وفيفيان سيامبي من إيطاليا. وذلك بحضور المغنية والشاعرة حاملة اسم الشاعرة الإغريقية "سافو"، والتي تصرّ إدارة المهرجان على أن تكون ضيف الشرف الثابت، كأنما لما يحمله اسمها وفنها من رمزية تمثّل أهدافه.

وينتظر الضّمير الإنساني المهدّد بالحروب ومصادرة الحقوق والمجاعات، من شعراء العصر الحديث، أن يستغلوا النشوة التي توفرها لهم إحدى أجمل مدن المتوسط، في بحث السبل التي تجعلهم أكثر تأثيراً لصالح هذا الضّمير، وعدم الاكتفاء بهجاء الغرق.

دلالات

المساهمون