"سجلات العملات": تاريخ المسكوكات الإسلامية
تشير المصادر التاريخية إلى قيام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بإجراء تغييرات واسعة في إدارات الدولة ومظاهر الحكم شملت تعريب النقود والوثائق الرسمية ودواوين الخراج، والتي اعتبرت تكريساً للسيادة بعد عقود من استعارة نماذج في قطاعات متعدّدة من بلدان مجاورة.
مع نقش عبارة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" على أول دينار إسلامي عام 690 ميلادية في مدينة دمشق، ووضع صورة خليفة المسلمين على عملات لاحقة، توقّف تداول العملات البيزنطية والساسانية، وارتبط ذلك بتأسيس سياسة نقدية مستقلة توفّر السيولة اللازمة خلال فترة شهدت فيها الدولة توسعاً امتدّ من الهند إلى الأندلس ومن آسيا الوسطى حتى أواسط أفريقيا.
"سجلات العملات: المسكوكات في العالم الإسلامي" عنوان المعرض الذي أعيد افتتاحه مؤخراً في "متحف ماليزيا للفن الإسلامي" بكوالالمبور، ويتواصل حتى الحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وكان المعرض الذي انطلق منتصف شباط/ فبراير الماضي قد توقّف عن استقبال الزوار لعدة أشهر بعد تفشي فيروس "كوفيد-19".
يقدّم المعرض رحلة لأكثر من ألف عام من التاريخ الإسلامي من خلال العملات، باعتبارها "قطعة أثرية لا تقدر بثمن وتعبيراً متعدد الأبعاد عن الفن"، بحسب بيان المنظّمين الذي يشير إلى أن "اختيار العملات المرتبطة بحقب مختلفة لا يعكس فقط الحاجة العالمية للعملة والمعاملات الاقتصادية، بل يمثّل شهادة على الوقائع والأحداث، بالإضافة إلى تشكّل طبقات مترابطة من السيادة والهوية في المجتمعات الإسلامية".
تسكشف المعروضات الرسائل الدينية والسياسة وراء إصدار العملة، حيث وجد كل حاكم مسلم تقرياً أنه من الضروري سكّ عملات معدنية بأسمائهم عند وصولهم إلى السلطة، والتي سيتم بعد ذلك سكبها وتنظيمها ونشرها عبر المسارات التجارية. وبمرور الوقت، كان يُنظر إلى العملات أيضاً على أنها زخارف في حد ذاتها وتحظى بأهمية فنية وجمالية، بالإضافة إلى رمزيتها وقيمتها السياسية والاقتصادية.
في المستوى الثاني، يبرز المنظّمون السجل متعدد الطبقات الذي يعكس طبيعة اختيار النقوش والعلامات والرموز في تصميم العملات المعدنية، حيث ظهرت مجموعة واسعة من الزخارف والأيقونات والخطوط من خلال تقنيات الصياغة المتطورة باستمرار، ما يضيء على تطوّر الفنون في مراحل تاريخية مختلفة.
يضمّ المعرض عملات من فترات قديمة خلال الحكم الأموي، وغيرها من العصور العباسية الأولى والمتأخرة، وخلال الحكم المملوكي والفاطمي والأيوبي والعثماني، والعديد من الممالك الإسلامية التي حكمت في وسط وشرق آسيا.
