"رايتس ووتش": الحوثيون يقتلون ويطردون مهاجرين إثيوبيين

"رايتس ووتش": الحوثيون يقتلون ويطردون مهاجرين إثيوبيين

13 اغسطس 2020
مئات المهاجرين الإثيوبيين محتجزون في مركز جيزان (هيومن رايتس ووتش)
+ الخط -

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش''، اليوم الخميس، إن قوات الحوثي طردت قسراً آلاف المهاجرين الإثيوبيين من شمال اليمن في أبريل/نيسان 2020 متذرّعة بفيروس كورونا، ما أدى إلى مقتل العشرات وإجبارهم على النزوح إلى الحدود السعودية. ثم أطلق حرس الحدود السعوديون النار على المهاجرين الفارين، ما أسفر عن مقتل العشرات، بينما فر مئات الناجين إلى منطقة حدودية جبلية.

وقال مهاجرون إثيوبيون للمنظمة، إنه بعد أن تقطعت بهم السبل أياماً دون طعام أو ماء، سمحت السلطات السعودية للمئات بدخول البلاد، لكنها احتجزتهم تعسفياً في منشآت غير صحية وسيئة دون أن يستطيعوا الطعن قانونياً في احتجازهم أو ترحيلهم المحتمل إلى إثيوبيا. وربما لا يزال المئات، بمن فيهم الأطفال، عالقين في المنطقة الجبلية الحدودية.

وقالت نادية هاردمان، باحثة في شؤون حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة: "التجاهل القاتل الذي أظهرته القوات الحوثية والسعودية تجاه المدنيين أثناء النزاع المسلح في اليمن تَكرّر في أبريل/نيسان مع المهاجرين الإثيوبيين على الحدود اليمنية السعودية. على وكالات الأمم المتحدة التدخل للتصدي للتهديدات المباشرة التي يتعرض لها المهاجرون الإثيوبيون والضغط، لمحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل والانتهاكات الأخرى".

في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، قابلت هيومن رايتس ووتش 19 مهاجراً إثيوبياً، بينهم 13 رجلاً وأربع نساء وفتاتان، وهم حالياً في السعودية أو إثيوبيا. جماعة الحوثي المسلحة، التي سيطرت على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 في نزاع مسلح انضم إليه تحالف تقوده السعودية في مارس/آذار 2015، تسيطر على مناطق الحدود الشمالية الغربية لليمن لسنوات عديدة.

وقال مهاجرون، إنه في 16 أبريل/نيسان أو نحو ذلك، اعتقل مقاتلون حوثيون بزي عسكري أخضر بقسوة بالغة آلاف الإثيوبيين في الغار، وهي قرية يقطن فيها بشكل غير رسمي المهاجرون في محافظة صعدة. قوات الحوثي، التي شوهدت بشكل منتظم وهي تقوم بدوريات في المنطقة، أجبرت المهاجرين على ركوب شاحنات صغيرة واقتادتهم إلى الحدود السعودية، واستخدمت الأسلحة الصغيرة والخفيفة لإطلاق النار على أي شخص حاول الفرار.

وقال شهود إن مقاتلي الحوثي صرخوا قائلين إن المهاجرين "يحملون فيروس كورونا" وعليهم مغادرة الغار خلال ساعات. قالت امرأة إثيوبية: "أثارت [قوات الحوثي] الفوضى. كان الوقت مبكراً في الصباح يوم 16 أبريل/نيسان وطلبوا منا المغادرة في غضون ساعتين. غادر معظم الناس، لكنني بقيت. لكن بعد ساعتين، بدأوا بإطلاق الرصاص والصواريخ – رأيت شخصين يُقتلان".

وقالت امرأة أخرى، كانت حاملاً وتسافر مع طفلها الصغير، إن قوات الحوثي كانت تستخدم صواريخ لإخلاء المنطقة: "كان هناك الكثير من جنود الحوثيين. كان هناك أكثر من 50 شاحنة. كانوا يطلقون قذيفة هاون يضعونها على الأرض فتنطلق. بدأ الجميع بالهروب. ركضت مع مجموعة من 45 شخصاً – وقتل 40 شخصاً في مجموعتي. نجا خمسة منا فقط. لم يكونوا يطلقون الرصاص، فقط قذائف الهاون هذه".

وشهد 12 من المهاجرين الذين قابلتهم المنظمة عمليات قتل لمهاجرين أو شاهدوا جثثهم، لكن لم يتسنَّ تحديد عدد القتلى. ووفقاً للتقرير، فإن المهاجرين الذين تمكنوا من العودة إلى الغار وجدوا خيمهم، ومحيطها، مدمرة.

وراجعت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية المسجلة مباشرة قبل الهجوم المزعوم وأثناءه وبعده، ولاحظت تدميراً واسع النطاق لأكثر من 300 خيمة ومنزل بما يتوافق مع روايات الشهود.

وقال ثمانية مهاجرين إن حرس الحدود أخذوا أموالهم وملابسهم الإضافية وممتلكاتهم الأخرى. ثم فصل حرس الحدود الرجال والنساء، بمن في ذلك العائلات، ونقلوهم خلال الأيام القليلة التالية في سيارات صغيرة وشاحنات صغيرة إلى مركز احتجاز في محافظة الداير بمنطقة جازان في جنوب غرب السعودية. من هناك نُقل المهاجرون إلى مراكز احتجاز أخرى في جازان وجدة.

وقابلت هيومن رايتس ووتش ستة رجال إثيوبيين محتجزين حالياً في جازان، وامرأة في "مركز الشميسي" للاحتجاز شرق جدة، وست نساء وفتيات إثيوبيات رُحّلن مؤخراً إلى إثيوبيا في مركز للحجر الصحي في أديس أبابا. احتُجِزوا جميعاً في البداية في الداير ثم في مركز احتجاز في جازان.

وصفوا جميعاً بشكل متطابق ظروف الاحتجاز السيئة، بما في ذلك الاكتظاظ، والمراحيض المسدودة والطافحة، ونقص الأسرة والبطانيات، ونقص الرعاية الطبية بما في ذلك رعاية ما قبل الولادة للحوامل، وعدم كفاية الطعام والماء، والمراحيض السيئة. ووصفوا مشاكل جلدية خطيرة قالوا إنها ناجمة عن الظروف غير الصحية. وقال ثلاثة رجال إن الحراس ضربوهم لشكواهم من الظروف.

وأكدت صور ومقاطع فيديو لمحتجزين في الداير ومركز احتجاز في جازان روايات الشهود، بما في ذلك مقطع فيديو يُظهر مئات النساء محتشدات في مياه قذرة تصل حتى الكاحل وهن يصرخن ويبكين.

وطالبت المنظمة  سلطات الحوثيين بالتحقيق مع القادة والمقاتلين المسؤولين عن القتل والطرد القسري، وغيرها من الانتهاكات ضد المهاجرين الإثيوبيين في محيط الغار، ومعاقبتهم بشكل مناسب.

كما دعت الحكومة السعودية إلى التحقيق مع مسؤولي حرس الحدود المسؤولين عن إطلاق النار غير القانوني على المهاجرين الإثيوبيين بالقرب من المنطقة الحدودية ومحاكمتهم بإنصاف.

وطالبت السلطات السعودية أيضاً "بإنهاء الاحتجاز التعسفي والمسيء لآلاف المهاجرين الإثيوبيين، وإطلاق سراح الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وأن تُحسّن الأوضاع في مراكز الاحتجاز على الفور، إلى جانب  تطبيق احتجاز المهاجرين كتدبير استثنائي يُلجأ إليه كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة، وفقط إذا كان مبرراً لغرض مشروع. لا ينبغي أبداً احتجاز الأطفال لأسباب تتعلق بالهجرة".

قالت هاردمان: "المئات، إن لم يكن الآلاف، من المهاجرين الإثيوبيين يقبعون الآن في مراكز احتجاز مزرية في السعودية أو ما زالوا عالقين على الحدود. على الأمم المتحدة العمل مع السعوديين والإثيوبيين للمساعدة في العودة الطوعية للإثيوبيين المحتجزين أو الذين تقطعت بهم السبل على الحدود".

الموقف الرسمي للحوثيين والسعودية
لم تصدر السلطات الحوثية، أيّ تعليقات فورية رداً على تقرير هيومن رايتس، لكن الجماعة اتُهمت سابقاً بالتنكيل بالمهاجرين منذ بدء تفشي فيروس كورونا، خصوصاً بعد الإعلان، أن حالة الوفاة الأولى والوحيدة التي تمّ الكشف عنها بصنعاء،كانت لمهاجر أفريقي.
وفي الـ20 من يوليو/تموز الماضي، أعلنت مصلحة الهجرة والجوازات الخاضعة للحوثيين، بشكل صريح، أنّ المهاجرين الأفارقة  "يشكّلون خطراً على المجتمع"، وقالت إنّ دخولهم إلى البلاد، يتم بتواطؤ وتسهيلات من دول العدوان، في إشارة للتحالف السعودي- الإماراتي، وفقاً لوكالة "سبأ" الخاضعة للجماعة.
وفي المقابل، اتهم التحالف السعودي- الإماراتي، مطلع مايو/أيار الماضي، جماعة الحوثيين، بأنها دفعت بأكثر من 8 آلاف شخص من المهاجرين من دول أفريقية باتجاه السعودية، تحت تهديد السلاح، لاستغلال الأوضاع العالمية بتفشي فيروس كورونا، وإرباك أمن الحدود، لكنه زعم أنّ المملكة تعاملت معهم بكل إنسانية.

المساهمون